الشيعة العرب يبحثون عن عمقهم العربي في مواجهة السطوة الإيرانية
الشيعة العرب يبحثون عن عمقهم العربي في مواجهة السطوة الإيرانية
● مقالات رأي ١٠ سبتمبر ٢٠١٧

الشيعة العرب يبحثون عن عمقهم العربي في مواجهة السطوة الإيرانية

يبدو أن ضرر التمدد الإيراني لن يقتصر على العرب السنة أو القوميات كالأكراد أو مصالح الدول الكبرى كالولايات المتحدة فحسب، بل تعدى الشيعة العرب أنفسهم التي تدعي إيران الدفاع عنهم، مما يمهد لصراع داخلي شيعي - شيعي، وان كان يبدو الحديث عنه سابق لأوانه إلا أن البوادر التي تشهدها العراق حاليا بين جناحي الشيعة، يجعل الصراع أقرب مما يتوقع و أشد مما ينتظر.

فالمشهد السياسي الشيعي في العراق، يمر بتحولات كبيرة قبل الانتخابات البرلمانية في العام المقبل والتي يمكن أن تؤثر على نفوذ إيران في البلاد، وباتت التوترات المتصاعدة بين الكيانات السياسية الشيعية الموالية لطهران تبعث على القلق، ما دفع المرشد الأعلى الإيراني، "آية الله علي خامنئي"، إلى إرسال رئيس تشخيص مصلحة النظام، "محمود الهاشمي الشاهرودي"، كمبعوث له إلى العراق الأسبوع الماضي في مهمة لتوحيد الأطراف المتنازعة.

وقد أجرى مبعوث خامنئي، محادثات مع رئيس المجلس الأعلى الإسلامي  السابق في العراق، "عمار الحكيم"، الذي استقال من منصبه في يوليو الماضي، وأسس تيار الحكمة الوطني، إضافة للقائه برئيس الوزراء العراقي، "حيدر العبادي"، لكنه لم يتمكن من مقابلة رجل الدين الشيعي "مقتدى الصدر" وآية الله "علي السيستاني"، الرافضان للنفوذ الإيراني في العراق.

لكن يبدو أن بعض الكتل الشيعية العراقية بدأت تتطلع إلى الانسحاب من تحت سيطرة إيران، بعد أن هيمنت الأخيرة بشكل كامل على قراراتها، ويبدو أن التطورات الأخيرة والخلافات بين الشيعة في العراق، إضافة إلى تسريبات عن زيارة مفاجئة للصدر الشهر الماضي إلى السعودية والإمارات العربية، هي محاولة لتشكيل حركة شيعية عراقية مفتوحة على الدول العربية السنية.

ورأى زميل الأكاديمية في مركز الأبحاث البريطاني شاثام هاوس، "ريناد منصور"، أن هذه الخطوة لم تكن مفاجئة إذ كان هناك دائما نزاع شيعي داخلي في العراق حول دور إيران، بل أن مقتدى الصدر وعلي السيستاني كانا الأكثر انتقادا لنفوذ إيران في العراق.

بدورها أدركت إدارة الرئيس الأمريكي، "دونالد ترامب" مع كبار معاونيه المتمرسين في حرب العراق، مثل وزير الدفاع، "جيم ماتيس"،  مستشار الأمن القومي، "وأيتش آر مكماستر"، على ضرورة حد للتوسّع الإيراني في المنطقة.

وهنا تكمن أهمية الصراع على شرق سوريا في الحسابات الجيواستراتيجية الأميركية، وأدركت إن سيطرة إيران على هذه المنطقة، سيخلق هلالاً شيعياً يمتد من إيران شرقاً حتى لبنان غرباً، لذا فقد تدخلت صقور داخل مجلس الأمن القومي، للتصعيد ضد إيران، بل وتغيير النظام في طهران.

ولم يقتصر التورط الإيراني المخزي، فقط في دعم نظام الأسد وفي تحريك الشيعة بالعراق لخلق الفوضى ووضعها تحت ابطه، بل إن تقرير منظمة العفو الدولية عن الإعدامات الجماعية للسجناء السياسيين التي قام بها نظام الأسد في سجن صيدنايا العسكري يسلط ضوءً جديدا أيضا على تورط إيران في سوريا، حيث تنفق طهران نحو خمسة مليارات دولار سنويا لحماية نظام الأسد أقرب حليف إقليمي لها.

لذا فقد تيقظت واشنطن لواقع النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط وسارعت للتصرف وفقا لذلك، مدركة أن استمرار التوسع الإيراني الشيعي سيؤدي في النهاية إلى خلق تغيير في الشرق الأوسط والوصول إلى التوازن الجيوسياسي لصالح طهران إلى الأبد.

أما عن الداخل الإيراني، فيبدو أن الحكومة الإيرانية الجديدة، لن تهنأ بسلام وسط بلادها، ومن المحتمل أن تنشب حرب أهلية في البلاد نتيجة زيادة نشاط قوات الحرس الثوري في المناطق التي تقطنها أغلبية من الطائفة السنية، أي أن إيران ستشرب من نفس الكأس الذي روت منه دول الشرق الأوسط.

وتوقع تقرير إيراني، نشره موقع "آمد نيوز" المقرب من المعارضة الإصلاحية، أمس السبت، أن زيادة نشاط وتحركات قوات الحرس الثوري بشكل منتظم، في محافظة سيستان وبلوشستان جنوب شرق البلاد، ذات الأغلبية السنية، قد تؤدي في المستقبل إلى حروب طائفية.

إذ أن نشاطات ايران التشيعية لم تتوقف على سوريا والعراق والبحرين وبعض المناطق السعودية فحسب، بل زاد نشاط  رجال الدين والمؤسسات التابعة للحرس الثوري، التي تبشر بالتشيع وتصر على إقامة المناسبات الدينية الشيعية، من بينها عيد الغدير الذي أقيم السبت في العديد من المناطق السنية، بمحافظات سيستان وبلوشستان وخراسان، ما أثار استفزاز ديني لأهل السنة.

وفي النظر إلى تصريحات إسرائيل وتخوفها من التوسع الإيراني ونفوذ حزب الله اللبناني، اليد الطائلة لإيران في سوريا ولبنان، وبالتمعن في إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي، "بنيامين نتنياهو"، أن تل أبيب لن تقبل بتجاوز الخطوط الحمراء التي تضعها في كل ما يتعلق بسورية،  وتأكيده على عدم بقاء أي نوع من الوجود العسكري لإيران أو المليشيات التابعة لها وبضمنها حزب الله في الأراضي السورية، هو أكبر مؤشر أن الدول الكبرى ستبدأ بكف يد ايران عن المنطقة، إلا إن كانت مسرحية أبطالها يمارسون التمثيل على الشعوب العربية بأقنعة تجيد أبجدية العقل العربي، ليكون التواجد الإيراني في المنطقة أفضل من غيره، أم أن إسرائيل ستنفذ تهديداتها في المستقبل القريب؟

المصدر: شبكة شام الكاتب: رنا جاموس
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ