ذاكرة الآلام
ذاكرة الآلام
● مقالات رأي ١٥ يناير ٢٠٢٠

ذاكرة الآلام

تزاحمت الآلام والمآسي في ذاكرة الشعب السوري الذي عانى ما عانى مع هذا النظام منذ استيلائه على السلطة مروراً بالحرب المفتوحة التي أعلنها على الشعب عندما ثار لحريته وكرامته وصولاً لهذا اليوم الذي تستمر فيه براميل النظام المتفجرة بحصاد المزيد من أرواح السوريين وتدمير بيوتهم وأحلامهم.

لا يخلو يوم من أيام السنة من مجزرة سقط فيها ضحايا بقصف أو بإعدام ميداني وقد تفتق ذهن الوحش الذي استفزته شعارات الحرية عن ابتكار أبشع الأساليب لزيادة عدد الضحايا المدنيين من قصف الطيران والمدفعية التقليدي إلى البراميل المتفجرة والأسلحة الكيماوية.

ولا يخلو يوم من أيام السنة من وفيات تحت التعذيب ولا من حالات اعتقال أو إخفاء قسري أو غيرها من ضروب الانتهاكات التي حاز النظام على واحد من أسوأ سجلات الانتهاكات على مر التاريخ.

تطالعك ذاكرة اليوم 15/1/2020 مثلاً بالآتي في 15/ 01/ 2013 استشهاد 237 شخصاً، بنيران قوات نظام الأسد في مختلف المحافظات السورية، بينهم 15 طفلاً و10 نساء، 99 شهيداً في مجزرة جامعة حلب؛ جرّاء قصف قوات نظام الأسد جامعة حلب في أول أيام امتحانات الجامعة، 24 شهيداً تم إعدامهم ميدانياً داخل منازلهم وحرق بعض جثثهم، بالإضافة إلى اعتقال العشرات من الأهالي من قبل قوات نظام الأسد في قرية الحصوية الواقعة بين حي القصور والكلية الحربية باتجاه ريف حمص الشمالي في 15/ 01 /2014، 47 على الأقل عدد ضحايا الجوع في مخيم اليرموك بدمشق في 15/ 01/ 2016 ، 5 شهداء وعدد من الجرحى في مدينة دوما بريف دمشق جرّاء قصف منازل المدنيين بقذائف عنقودية محرمة دولياً وبقذائف المدفعية ، وأكثر من 30 برميلاً متفجراً ألقتهم مروحيات نظام الأسد على أحياء مدينة داريا بالغوطة الغربية للعاصمة.

لا يخلو يوم من أيام ذاكرتنا وعلى مدار العام إلا وفيه أرواح زهقت وأسر فجعت وقلوب انفطرت وآلام لا تنتهي، وكلمة لا تنتهي هنا عندما ترد في سياق الإحساس بعمق الآلام التي تحيط بنا وكأنها بلا نهاية، فنفكر نحن أولياء الدم وأهل الفجيعة هل من نهاية.

ما الذي يمكن أن ينهي كل هذه الآلام ما الذي يمكن أن يشفي الأرواح من ندباتها الغائرة ما الذي يمكن أن يحدث حتى نمّر على مفكرة الأيام بيسر ونظرة للمستقبل كباقي البشر.

بالنسبة لي شيء واحد فقط كفيل بذلك هو أن يخرج هذا النظام من مفرداتنا للأبد بكل ما حمل وأن ترفع في مكان مجازره وفي ساحات وطننا صور شهداء الحرية ويبنى على أنقاض دولة الإجرام وطن الحرية والمساواة والكرامة التي تليق بسورية الحضارة وبشعب التضحيات حينها يمكن أن نمّر على مفكرة الآلام بأمل الغد التي دفعنا ثمنه دماً ودموعاً الغد الذي لا مكان فيه إلا للحرية وللحقوق وللمساواة وللكرامة، غد يطوي صفحة الظلم مرة وإلى الأبد.

الكاتب: عبد الباسط عبد اللطيف- الأمين العام للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ