من كسب الرهان في سوريا الأسد أم بوتين؟
من كسب الرهان في سوريا الأسد أم بوتين؟
● مقالات رأي ٦ سبتمبر ٢٠١٨

من كسب الرهان في سوريا الأسد أم بوتين؟

في مقابلة إذاعية قبل يومين، قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إن "الأسد كسب الحرب لكنه لم يفز بالسلام". بدت العبارة وكأنها التماس ذريعة أمام الرأي العام الغربي لا أكثر، بيد أنها خاطئة من مختلف وجوهها.

فالنظر من زاوية الأسد فقط إلى الحرب السورية برمتها وقراءة النتائج بالنسبة له فحسب قد لا يكون واقعيًّا. المتحكم الرئيسي بالعملية العسكرية والسياسية في سوريا هو بوتين، مع شريك صغير هو إيران.

وبالتالي، من الطبيعي أن يكون من المفيد أكثر النظر إلى التطورات العسكرية والسياسية من جهة بوتين للوصول إلى إجابة عن سؤال "من المنتصر في الحرب السورية؟".

مع وصول بوتين إلى السلطة بدأت روسيا، التي فقدت الكثير من هيبتها لصالح الغرب، بحملة مضادة في منطقة واسعة. وكانت أولى المبادرات استخدام القوة في جورجيا.

لاحقًا، اشعلت روسيا فتيل الأزمة الأوكرانية، وضمت القرم إلى أراضيها. اختبر بوتين قوته وقدراته واستراتيجيته من جهة، ووضع خصومه من جهة أخرى. وفي النهاية كرّس تركيزه لسوريا.

كان تركيز بوتين منصبًّا على تحقيق نتائج من شأنها إحباط آمال الغرب، أكثر منها ضمان مستقبل الأسد في سوريا. وبحسب روسيا فإن الغرب، وفي طليعته الولايات المتحدة، استغل الثورات الملونة والربيع العربي بـ "أسلوب رخيص"، من أجل توسيع ونشر نفوذه وإيديولوجيته.

مع مرور الوقت تغيرت التوازنات. حدثت تطورات سياسية وعسكرية غير منتظرة أثارت صراع مصالح بين الحلفاء الغربيين، وصعّدت التوتر السياسي تمامًا كما حدث في الأزمة التركية الأمريكية.

مخرجات الحرب في سوريا جاءت لصالح روسيا وإيران أكثر من النظام، ولهذا فإن المنتصر في سوريا هو بوتين وليس الأسد.

الوزير الفرنسي أخطأ في ناحية ثانية. نجاح مكافحة الثورة والحرب الداخلية والإرهاب عسكريًّا وسياسيًّا لا يمكن قياسه بمعايير الحرب التقليدية. المهم هنا هو جعل الكلفة مقبولة والقدرة على إدارة الحرب.

لا يمكننا الحديث عن مشهد يمكن أن يثير قلق روسيا، التي خبرت الحرب المدمرة في سوريا وتمتلك ثقافة لا تعير اهتمامًا لسقوط ضحايا مدنيين.

الناحية الثالثة التي أخطأ الوزير الفرنسي بتقديرها هي افتراضه أن روسيا لن تستطيع توفير التمويل اللازم لتحقيق السلام، وأنها ستكون بحاجة للغرب.

في الحقيقة، سوريا، التي دمرتها الحرب وتمثل أزمة إنسانية وأمنية، هي مشكلة أكبر بالنسبة لأوروبا من روسيا، وذلك لأسباب ثقافية وجيوسياسية. فروسيا لا يهمها "السلام الدائم" الذي تحدث عنه لودريان.

هناك حقيقة وهي أن الأسد بحاجة إلى مدة قصيرة من أجل تحقيق النصر العسكري بمساعدة من روسيا، وطويلة من أجل تحقيق السلام الدائم. لكن النظر إلى الصراع السياسي والعسكري والنفسي متعدد الأطراف من منظور الأسد فحسب ليس واقعيًّا تمامًا.

المصدر: صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس الكاتب: نهاد علي أوزجان
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ