سبع عجاف من إعلام الثورة.. سلطة رابعة أم ساحة إرتزاق!
سبع عجاف من إعلام الثورة.. سلطة رابعة أم ساحة إرتزاق!
● مقالات رأي ٣١ مايو ٢٠١٧

سبع عجاف من إعلام الثورة.. سلطة رابعة أم ساحة إرتزاق!

لم يكن بحسبان ذلك الشاب المتحمس لنقل قضيته الى الملأ وتصوير أوجاعه وأوجاع بني بلده الى العالم أنه سيخير يوماً بأن ينقل معاناته ضمن قوس قزح من الخطوط الملونة المحظورة التي يشترطها عليه الداعم أو أن يكون عنصراً في جوقة المسبحين بحمد "القائد الثوري" أو الفصيل الفلاني صباح مساء .


سبع سنوات عجافٍ حولت تلك العين الناقلة للحقيقة من راصدٍ لآلام محيطه الى ناشطٍ ثم هاوٍ ثم محترف ، وسط تقاذف بين الخطوط الحمراء والممنوع والمحظور والمحبوب والرائج ، فأصبح خلالها يتدرج حتى وصل الى قناعةٍ أن معاناته سلعةً موسمية ، يُرغب لها حيناً وترمى في سلة المهملات في الحين الآخر .


حيث لم يعد يخفى على القاصي والداني الكم الهائل من سلع الإرتزاق التي باتت تغزو شاشات الإعلام ومواقع التواصل ، وسعيدُ الحظ من يصل للنجومية بصرخة طفلٍ أو آهات ثكلى أو نحيب عجوز خارج من بين الركام يبكي مافقد من عائلته ويشكر الله على من أبقى .


ملايين الفيديوهات والمواد الصحفية المقروءة والمسموعة أنتجها إعلام الثورة ، وحين توضع على ميزان المهنية الثوري أو تقييم الوجع لم تخدم الثورة السورية بالقدر التي كانت عليه وبالاً ، وشخصيات برق نجمها وذاع صيتها على حساب الألم السوري ما أن تصل الى درجة الشهرة والنجومية حتى تسير وفق ضوابط وقيم وخطوط لطالما كانت لها تلك القيم مدعاة سخط وتذمر وسخرية في زمان الناشط والهاوي .


وتعج الساحة السورية بآلاف من إعلاميي المحطات والشبكات والمحطات الإذاعية والصحف الإلكترونية والورقية والفصائل العسكرية والمنظمات الإنسانية والحقوقية ، جميعها محدود بخطوط تسير فيه وفق خط ما أن يحيد عنه ويطلق لنفسه عنان الصدح بالحق حتى لو كان مؤلماً ، يُحرم من رحمة الإستمرار ويصبح أسمه نفاية على مزبلة الإعلام ، ويكون لمن خلفه عبرة .


ومع استمرار الألم السوري وتراكم الهموم على كاهل حامل الأمانة والتيه بين رصد موت يومي وتهجير ومعاناة وقطبية وصراعات وطوارئ وكوارث ، والأخطار التي قد تنجم عن التشخيص السليم وتوضيح الرؤى للعامة ، أصبح الناشط المتمسك بخطه الثوري و المقتنع بأن الإعلام سلطةً رابعة لا بوابة إرتزاق كالقابض على الجمر في ساحةً كل من فيها حوله ينفخون على جمرته القابض لها.


ليدخل فيها الإعلام الثوري عبر أشخاصه الى رهان التحول من سلطان يَفرض فيها رأيه الى بردعةٍ يلقى عليها اللوم عند كل فشلٍ و خيبة أو مطيةٍ لتمرير الرسائل والغايات وسط أوركيسترا من جوقة المطبلين للآخرين من " أبطال الثورة " أو سوق هالٍ يتلقى فيه الشتائم والمذمة ممن أزعجهم تشخيصه ، تلك هي العقوبة الأدنى مالم يُلقى في غياهب " مُغرِ الحرية ".

الكاتب: محمد الأموي
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ