أحوال الرعية تحت حكم «داعش»
أحوال الرعية تحت حكم «داعش»
● مقالات رأي ٢٤ ديسمبر ٢٠١٤

أحوال الرعية تحت حكم «داعش»

الناس في الموصل كما في المدن والبلدات الأخرى التي سيطر عليها مقاتلو «داعش» حائرون بين ماض غير مريح كان سائدا في ظل سيطرة القوات الحكومية، وحاضر مرعب ومستقبل غامض ومجهول بيد هؤلاء المقاتلين. يقول بعض الفارين من سكان هذه المدن والبلدات التي يسيطر عليها «داعش»، ان سلطات «داعش» تمنع المواطنين من مغادرة مدنهم، وعملت على إقفال منافذ الاتصال بالعالم الخارجي، وقد أوقفت في الأسابيع الماضية شبكات الاتصال للهواتف الخليوية، وصارت تراقب مجهزي خدمات الانترنت في المدن التي تسيطر عليها. ويقول الفارون من «الدولة الاسلامية» هكذا يسمونها، لانه ممنوع عليهم قول كلمة «داعش»، ويوضح أحد المواطنين الذين فروا من الموصل مؤخرا، يمنع على المواطنين إطلاق اسم «داعش» على المسلحين، ومن يخالف التوجيهات ويلفظ اسم «داعش» ستفرض عليه عقوبات تصل الى الجلد. وتنتشر اللوحات الإعلانية في أرجاء المدينة للتشديد على أهمية الجهاد والشريعة وعفة النساء، إلى جانب مواضيع أخرى من التقوى المتزمتة. ان حضور المقاتلين الاجانب طاغ، سواء كانوا من جنسيات عربية أم غربية أم آسيوية أم شيشانية أم سواها، هذا كان في بادئ الامر. أما في ما بعد فقل عدد المقاتلين الاجانب وحل محلهم شباب من سكان الموصل بعضهم فتيان تقل اعمارهم عن 16 سنة، تطوعوا حديثا، لأن مقاتلي «داعش» الاساسيين انتقلوا الى بؤر المواجهات والقتال مع القوات الحكومية
ويركز تنظيم «داعش» على تعليم الأطفال طريقته في التفكير، واسلوبه واستراتيجيته، ليكونوا على اتم الاستعداد، للانضمام إليه عند وصولهم إلى السن المناسب، بالإضافة إلى موافقته على مشاركة النساء في القتال، وتدريبهن وتعليمهــــن فنون القــــتال، وكيفية استخدام السلاح. ولكن حســـب احد الفــارين من الموصل «لم نعرف او نسمع ان احدى الموصليات اصبحت مقاتلة في صفوف «داعش»، معظم النساء المقاتلات في صفوفه هن من جنسيات غير عربية».
ولكن الامراء والمقاتلين كانوا يبدون اهتماما بالاطفال وعلمنا انهم استخدموا طرقًا مختلفة لضم الأطفال لمعسكراتهم القتالية واستعانوا برغبة البعض أو بخطف الأطفال من ذويهم أو مقابل المال كتعويض عن الطفل في قرى الموصل الفقيرة، وكنا نرى بعض الاطفال يرتدون قمصانا وقد كتب عليها أشبال دولة الخلافة، بعضهم ليس من الموصل ربما يكونون سوريين، وحسب الروايات التي نسمعها أن الأطفال دون سن الـ16 يتم تدريبهم على استخدام الكلاشينكوف والآر بي جي والقنابل وإعداد المتفجرات، ثم يتم تقسيمهم لقسم المقاتلين وقسم الانتحاريين وقسم مصنعي القنابل».
في مدينة الموصل ينتشر مسلحون بتصنيفات عديدة بعضهم شرطة وآخرون شرطة مرور اسلامية، وهناك قوات تشبه جنود القوات الحكومية السابقة، فيما هناك شرطة اقتصادية، وهناك رجال مسلحون بمسدسات يراقبون الشوارع ويتجولون في الاسواق يسمون انفسهم «جماعة الحسبة».
التعليم في مراحله الاولية قبل الجامعية مستمر، اما الجامعة فمتوقفة. وفي بداية العام الدراسي منع المدرسون من الذهاب للمدرسة حتى إتمام الدورة الشرعية وتم إلغاء كامل لمواد التربية الفنية والموسيقية والوطنية والتاريخ والفيزياء، والمناهج الاخرى تم تغييرها أكثر من مرة ولم تستقر الأمور على حال.
وكما هو معلوم تعرضت بعض النصب والتماثيل المهمة في المدينة الى التدمير، مثل نصب أبي تمام والموسيقار المتصوف عثمان الموصلي، كما تم هدم قبر المؤرخ إبن الاثير، وأزيل تمثال السيدة مريم في كنيسة «مريم العذراء» الموجودة في مركز المدينة. وفي الوقت الذي حرمت فيه الدولة الاسلامية بالنسبة للرجال لبس الجينز والـ»تي شيرت»، فإنها وجهت معمل ألبسة الموصل (الحكومي الذي كان يتبع وزارة الصناعة) الذي توقف أياماً بعد سيطرة قوات الدولة الاسلامية ليعود للعمل مجدداً وينتج الزي القندهاري، الذي يمثل «الزي الرسمي» للدولة الاسلامية، الذي يتكون من قميص طويل يصل إلى الركبة وسروال ، كما بدأ خياطو الموصل بصناعة الزي بحرّفية بحسب الطلبات التي تردهم، لكنهم أدخلوا عليه بعض إضافات الموضة الحديثة، بناء على طلبات الشباب الموصلي الذي اعتبروه موضة الزمن الجديد. فيما ترتدي النساء الجلباب وفوقه عباءة سوداء تغطي الجسد، اما الحجاب فهو مفروض على جميع النسوة، بمن في ذلك الفتيات الصغيرات في عمر ست او سبع سنين.
وفيما تم تحريم التدخين والاريجيلة والخمر والمخدرات وبيع سيديهات الافلام والاغاني والالعاب الالكترونية ، فإنه تم ايضا منع لعب «الطاولي» والدمينو وكذلك ورق اللعب في المقاهي، كما تمت مراقبة الالعاب الالكترونية، كما ان الدولة الاسلامية قننت بعض التعاملات بين الناس، فعلى سبيل المثال فرضت تسعيرة لايجارات المساكن والمكاتب، بحيث تم خفضها على نحو وصل الى 80 او 90 بالمئة عن الاسعار التي كانت سائدة، وهكذا فعلت بخصوص بعض الخدمات مثل تقليل اجرة الكشف عند الاطباء واطباء الاسنان، وغيــــرها من الخدمات. الاعمال في المدينة شبه متوقفة، الكهرباء مقطوعة، تجهيز الكهرباء عبر المولدات مكلف، وصلت كلفته ليلا للامبير الواحد نحو 17 الف دينار (اي ما يعادل 15 دولارا) .. البنزين أسعاره بارتفاع مستمر، وصل سعر اللتر الواحد قبل اسابيع الى 1700 دينار والان وصل سعره الى 3000 دينار، بينما سعر ليتر البنزين في بغداد 450 دينارا، غاز الطبخ بلغ سعر القنينة قبل الاسابيع 40 الف دينار في الاسبوع الماضي ارتفع سعرها الى 75 الف دينار، الاجهزة التي تعمل بالنفط الابيض حلت محل طباخات الغاز او الكهرباء بعض العوائل صارت تحطب وتقطع الاشجار لتستخدم خشب الاشجار في التدفئة والطبخ. الخضروات والمواد الغذائية التي تجلب من سوريا ارتفعت اسعارها، وحده لحم الخروف العراقي انخفض سعره الى النصف ليبلغ 7 الاف دينار للكيلو.
محلات الحلاقة النسائية والرجالية اصبحت ممنوعة في الموصل. عدد قليل من المطاعم التي تبيع الكباب والمشويات مفتوحة ومعظمها يرتادها المسلحون، أما ابناء المدينة من الاهالي فقلما يفعلون ذلك، ووقت الصلاة يمنع على اي محل ان يبقى مفتوحا.
الناس خانفون من الايام المقبلة، فهم يعرفون ان قوات الجيش والبيشمركة تستعد لتحرير الموصل، ورغم ان معظم المتبقين من الموصليين يريدون الخلاص من «داعش» ، الا انهم يخشون ان تستمر حرب تحرير الموصل شهورا وتتخذ «داعش» من الاهالي دروعا بشرية لها ولمقاتليها.

المصدر: القدس العربي الكاتب: عصام فاهم العامري
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ