أكاد أقول: الأسد سيد العالم.!!
أكاد أقول: الأسد سيد العالم.!!
● مقالات رأي ٩ أبريل ٢٠١٧

أكاد أقول: الأسد سيد العالم.!!

فعلاً لا قولاً، أصبح الأسد سيد العالم، وإليكم بعضاً من مئات البراهين التي تعتمد على مسلمات هندسية واضحة.
منذ زمان طويل كنت أقول إن الصهيونية هي المتربعة على عرش الماسونية، والماسونية هي التي تقود أميركا وتوجهها، وأميركا هي التي تجر العالم إلى حيث تريد الصهيونية.
لكن قناعتي تغيرت منذ قيام الثورة السورية وحتى مجزرة الكيماوي التي حدثت في خان شيخون يوم الثلاثاء 4 / 4 / 2017، فالأسد الآن، كما أزعم، هو الأمين العام المطلق للماسونية العالمية، وهو الآن يتربع على عرش العالم، وسوف تظل هذه القناعة راسخة في ذهني إلى أن يثبت العكس.
منذ الأشهر الأولى لانطلاقة الثورة السورية السلمية، حمل الأسد بوقه الذي يشبه بوق إسرافيل في طوله وعرضه، وبدأ ينفخ فيه محذراً العالم من قدوم الإرهابيين، فها هم الآن ينتشرون في شوارع المدن السورية، ويدعون إلى ترهيب الأسد وسلطته، ويطالبون بإسقاطه، ثم يقول الأسد: وغداً سينطلقون لتدمير العالم إذا لم تساعدوني في توطيد عرشي الذي ورثته عن والدي، قدّس الله سره.
شنّف العالم آذانه عند سماع صوت بوق الأسد الذي يلف الكرة الأرضية، وأخذ الكل يفكر ويتفكر، ففي كل نبرة من نبرات البوق ينطلق منها خمسة ملايين معلومة مخابراتية.
عرف الأسد ببصيرته العمياء أن العالم بدأ يميل إلى التصديق بأن الإرهابيين هم الذين يشعلون الشوارع بالمظاهرات، فراح يرشّهم بالرصاص أولاً. ثم كان صمت العالم هو الضوء الأخضر للأسد، فاستمر صعوداً في قتل الشعب السوري، بدءاً من رصاص البندقية إلى الرشاش إلى قذائف الدبابات والمدافع وصواريخ الطائرات وبراميلها المتفجرة.
خجل العالم من صمته المشبوه، فأراد تبييض صحيفته المشوّهة، فطلع بعبارته الشهيرة.!!: الأسد فقد الشرعية ". واستمر الجميع يلوكون هذه العبارة حتى اشمأزت النفوس من تكرارها. أما الأسد فيقول عبر لقاء صحفي: كل ما يقال عن رحيلي عن السلطة أرميه في سلة المهملات، أي أنه يدير قفاه لكل زعماء العالم الكبار، ويقول لهم: طاء زاي عليكم.
واستمر الحال هكذا من القتل والتدمير، دون أن يرتدع الشعب السوري بالعودة إلى حضن الوطن والقبول بالأسد إلى أبد الآبدين، حتى فكر بسلاح جديد لم يسبقه إليه أحد من عباد الله الطالحين، لأن ضرب الشعب الخارج عن الطاعة بالمدافع والدبابات والصواريخ والطائرات لم يعد يُشبع طموحاته المستقبلية، فقام في شهر آب من عام 2013، برش أهل الغوطة بالمبيدات السامة فسقط في يوم واحد أكثر من 1500 ضحية من نساء وأطفال ورجال.
عندئذ اخنقّ وجه أوباما وارتفع ضغطه غضباً من الأسد، وبدأ يهدد ويتوعد، وأيقنت القارات الخمس أن البطشة الكبرى بذلك المجرم الذي يقتل شعبه، ستحدث بين عشية وضحاها. لكن أوباما فجأة لوى عنان أساطيله البحرية والجوية، واتجه صوب "الغرب الأميركي"، بعد أن حصل على جائزة ترضية، مقدارها تدمير سلاح الأسد الكيماوي، مع رسم خط أحمر، صار يُعرف بخط أوباما الأحمر.
وبعد أن تم تدمير ذلك السلاح، بقيت منه بقايا، كانت كافية لارتكاب المزيد من الحماقات. وهكذا ظل الأسد يستخدم الأسلحة المحرمة، وعلى رأسها الكيماوي دون وازع أو مانع أو رادع، حتى أن خط أوباما الأحمر الشهير بات يُضرب به المثل بالمهزأة والمسخرة من قبل العامة والخاصة، فهذا السناتور الأميركي جون ماكين الذي قال: سبق للأسد أن شن هجوماً كيماوياً، والرئيس أوباما فعل ما هو أسوأ من مجرد الوقوف مكتوف الأيدي، فقد هدد ولم يفعل شيئاً، فأعطى الأسد الضوء الأخضر لممارسة المزيد من القتل وسفك الدماء.".
ويوماً بعد يوم وعاماً بعد عام، ظل دم الشعب السوري يستمر بالنزيف، حتى وصل عدد الضحايا والجرحى والمشردين إلى أرقام خيالية لن يصدقها عاقل، لولا أنها أرقام حقيقية وموثقة، تراها العين بأوضح صورة وأبشعها.
ثم رحل أوباما بعُجَره وبُجَره، وتعلق الناس بغُرّة ترامب الشقراء، وانتظروا منه الأمل والخلاص، بعد أن غلّف نفسه بظاهرة صوتية أشبه بفقاعة الصابون، وأخذ يتحدث عن مناطق آمنة في سورية. إنما فيما يبدو قد جاءه "العلم بالشيء" من المحفل الماسوني، فانفجرت الفقاعة الصوتية الترامبية عن تصريحات، مختصرُها المفيد: تغيير نظام بشار الأسد ليس من أولوياتنا". وهذا التصريح جاء برداً وسلاماً على قلب الأسد، فبعد وقت قصير قام بترجمة تلك العبارة إلى زرع بلدة خان شيخون بالأسلحة الكيماوية السامة، والنتيجة وقوع نحو مئة ضحية عدا المصابين، معظمهم من الأطفال والنساء.    
هذه الفعل الشنيع وغيره نابع من منهجية الأسد وقناعته، فهو الذي يقول: ليس أمامنا خيار سوى الانتصار، وإن لم ننتصر فهذا يعني أن سورية سوف تُمحى من الخارطة، لذلك نحن مستمرون ومصممون على النصر "، لكي لا تُمحى سورية من الخارطة.!!..
أليس هذا هو الشعار الذي رفعه منذ بداية الثورة أنصار الأسد وكلابه المسعورة: إما الأسد أو نخرب البلد.!؟.
والآن بعد أن نُكبت خان شيخون بالكيماوي السام، ماذا فعل العالم.!؟.
في البداية لا شيء في الأفق سوى الإدانة والاستنكار. وربما ينجرّ الكثيرون وراء أكاذيب روسيا الملتقطة من الإعلامي الموالي حسين مرتض، فطائرات الأسد قصفت مصنعاً للإرهابيين كان ينتج المواد الكيماوية في خان شيخون، وتبرّر روسيا كذبتها بأن سحابة الكيماوي البيضاء انطلقت من داخل المصنع، وليس من فوقه، أي أن  الطائرات بريئة، فلم تقصف الكيماوي.
ودعمت روسيا كذبتها المستوردة من مرتضى بما زعمته من أن طفلة صغيرة من خان شيخون شاهدت بوضوح طائرة تقصف أحد الأبنية، واخترقت القذيفة سطح البناء، ثم ارتفعت سحابة بيضاء ".
هكذا اعتمدت المخابرات الروسية وأعلامها على الكاذب حسين مرتضى، وعلى حديث متوهم من طفلة صغيرة، دون أن يتساءلوا كيف مات أكثر من مئة، ولم تمت الطفلة طالما كانت قريبة جداً من مكان الانفجار وانتشار الغبار السام .!؟.
لكن الكاذبين لا يفكرون بمثل هذه الأسئلة، فهم يلقون بأكاذيبهم وينتظرون، فلعلها تلتصق بذهن من يشتهي أن لا يكون الأسد هو من ضرب الكيماوي فعلاً، وهذا ما يمكن أن نتلمّسه من موقف فرنسا وبريطانيا، فالأولى دعت إلى جلسة طائرة لمجلس الأمن لبحث ما " يُشتبه" بأنه هجوم كيماوي في محافظة إدلب، والثانية طالبت بمحاسبة الأسد " في حال ثبت.!!. أنه مرتكب المجزرة"، وهذا يعني أن الدولتين لا تزالان تشككان بمسؤولية الأسد عن ارتكاب هذه الجريمة الشنعاء.. أليس هذا ما تعنيه ألفاظ الدولتين.!؟.
أما ترامب فاستشاط غضباً وأخذ يتوعد الأسد، تماماً كما فعل أوباما، لكن معظم المطلعين استبعدوا أن يقوم بعمل عسكري ضد الأسد، ونبشوا أفكاره ومواقفه المنشورة، ومنها هذه التغريدة التي كتبها عام 2013، وفيها يخاطب أوباما بعد أن أوهم العالم آنذاك أنه سوف يضرب الأسد: إلى رئيسنا الأحمق، لا تهاجم سوريا، وإذا فعلت، ستحدث الكثير من الأمور السيئة للغاية، ولن تحصل الولايات المتحدة على شيءٍ من هذه المعركة.!".
ومع ذلك ارتفع اللغط بين المحلّلين والمراقبين، منهم من زعم أن ترامب سيبطش بالأسد، ومنهم من نفى ذلك، وأنا من النافين. ولكن أبو علي ترامب لم يترك الناس يتجادلون طويلاً، فصباح يوم أمس الجمعة، أي بعد يومين من حدوث المجزرة، بطش بالأسد، ودمر له مطار الشعيرات، حيث انطلقت منه الطائرة التي قصفت الكيماوي على خان شيخون.
حسناً.. لنتأمل المشاهد التي تواردت فيما بعد.
ــ أميركا أبلغت روسيا بالضربة مسبقاً، وهذا يعني أن روسيا أوعزت للأسد بترحيل ما يمكن ترحيله بعيداً عن المطار، من طائرات وعساكر ومتاع وخلاف ذلك.
ــ ترامب اكتفى بضرب مطار الشعيرات، ولم ولن يضرب غيره من المطارات أو قواعد الدفاع الجوي بحسب ما قاله قادة ترامب.
ــ الضربة كانت مسرحية استعراضية، والدليل أن طائرتين انطلقتا من المطار نفسه صباح اليوم السبت، كما انطلقت طائرات أخرى من مطارات أخرى لتقصف العديد من المدن والبلدات المحررة.
ــ مندوبة أميركا في اجتماع لمجلس الأمن قالت: ممنوع على الأسد استخدام الكيماوي، يعني أن أميركا لا تكترث فيما إذا الأسد استخدم البراميل المتفجرة، والقنابل الفوسفورية، والعنقودية، والارتجاجية، والصواريخ العابرة للمحافظات، لقتل الشعب السوري. فهذه الأسلحة لا تدخل في قائمة الممنوعات بمفهوم أميركا.
هذه المشاهد وغيرها تبقيني، أنا العبد الفقير لله تعالى، مقتنعاً أن الأسد لا يزال متربعاً على عرش العالم، ما لم يتقدم ترامب بمعطيات جديدة، وينفذ الخيار الأكثر قوة والمطروح على طاولة البيت الأبيض، وهو كما يسمونه: ضربة " قطع الرأس" على قصر الأسد الرئاسي بدمشق،  وما لم تؤدي هذه الضربة، إن حدثت، إلى خلع الأسد من جذوره الدكتاتورية والطائفية.

المصدر: شبكة شام الاخبارية الكاتب: عبد الرحمن عمار
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ