أيتها الفصائل الإسلامية.. فتّشي عن الطريق السليم.!!.
أيتها الفصائل الإسلامية.. فتّشي عن الطريق السليم.!!.
● مقالات رأي ٢٢ يوليو ٢٠١٦

أيتها الفصائل الإسلامية.. فتّشي عن الطريق السليم.!!.

عملية ذبح أي إنسان مهما كانت حيثياتها ودوافعها، تُعد عملاً قبيحاً ومستنكراً من الصديق قبل العدو، فكيف إذا صُورت على شريط فيدو وانتشر الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام المحلي والعربي والعالمي.!!.. وكيف إذا قام إعلام النظام بخبرته ودهائه في استغلال الحادثة وإعطائها نكهة إنسانية كاذبة..!!..
هذا ما حدث في منطقة حندرات شمالي حلب حين قام عنصر من حركة نور الدين الزنكي بذبح الأسير عبد الله العيسى التابع لقوات النظام، وبعد انتشار الفيديو قام إعلام النظام بتوظيف هذه الحادثة، وذكر أن المذبوح هو طفل لا يتجاوز عمره اثني عشر عاماً، وإنه فلسطيني، وليس سورياً.. هذا الادعاء الكاذب كان كافياً ليصب الزيت على النار..
ويهدف إعلام النظام من هذه الأكاذيب الإضافية إلى ثلاثة أمور كافية لتصبح القضية عالمية بامتياز.. الأمر الأول هو التركيز على حادثة الذبح كعملية مستنكرة من قبل العالم كله، والثاني، هو أن المذبوح طفل لا يتعدى الثانية عشرة، وهو فلسطيني، وليس سورياً، وهو من أبناء مخيم حندرات، وخُطف من مستوصف في المخيم لأن والده من مقاتلي " لواء القدس "، وكان يدافع عن مخيم "حندرات" ضد " الجماعات التكفيرية "..هذا ما أذاعه ونشره إعلام النظام..
لنتمعن جيداً بالمعطيات التي قدمها إعلام النظام، فالمقتول فلسطيني وهو طفل صغير، واختطف من مستوصف المخيم بحجة أن والده ينتمي إلى لواء القدس الفلسطيني، وهذا يعني أن الطفل أُخذ بجريرة والده، ليس إلا.. كل هذه المعطيات كفيلة بان تهيّج الكرة الأرضية كلها، وهذا دليل على خبث إعلام النظام ومقدرته على توليف الحقائق الكاذبة..
وقبل أن تتبين الحقيقة، هب الإعلام في مشارق الأرض ومغاربها مستنكراً أشد الاستنكار هذه الجريمة ذات الأبعاد الثلاثة، وخرج أحد أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية ليتباكى على ذبح الطفل الفلسطيني.!!. ونسي هو ومنظمته أن " لواء القدس الفلسطيني " يقف إلى جانب النظام، ويمارس القتل الشنيع ضد شعبنا في تلك المنطقة..
طيب.. يا عضو منظمة التحرير.. أما كان عليك قبل التباكي والنواح أن تتأكد من أن المذبوح هو فلسطيني من أبناء جلدتك.!!.. أما كان عليك أن تتصل وتتأكد من هو هذا الطفل الفلسطيني الذي ذبحه المجرمون.!!. ومن هم أهله، وأين يقيمون، ولا أظن ذلك بالأمر الصعب.. ولكنك يا عضو منظمة التحرير ظهرتَ على قناة تابعة للنظام السوري، ولا بد لك أن تتحدث بما يتوافق مع أهداف النظام..
أما منظمة اليونسكو التي تعنى بحقوق الطفل، فبحسب ما اعتادت عليه، هي والمنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، فقد سارعت إلى إدانة هذه الجريمة الشنعاء بحق الطفل الفلسطيني..!!. دون أن تعي الحقيقة كاملة، وتغافلت عما يفعله النظام من سفكٍ لدماء الآلاف من الأطفال السوريين إضافة للنساء والرجال..
لقد انكسرت الزجاجة، والزجاجة كِسْرها لا يُجبرُ مطلقاً، وترسخ في أذهان الناس أن الطفل المذبوح هو فلسطيني وأنه طفل صغير.. ثم فيما بعد ظهرت حقيقة " الطفل الصغير"، فهويته العسكرية الصادرة بتاريخ 9 / 8 / 2015 موقّعة من إدارة المخابرات العامة قسم العمليات الخاصة، وتتضمن عمر صاحبها الحقيقي، وتبيّن أنه سوري الجنسية، وليس فلسطينياً، وأنه من مواليد 1997.. وهذا ما أكدته إحدى قريباته حين كتبت على صفحتها: إن الشاب الذي شغل الدنيا هو ابن خالها وهو من قرية " غور العاصي " في ريف حماة، وكان يسكن في حمص، وأنه سوري وليس فلسطينياً، وعمره تسعة عشر عاماً، وبما انه مصاب بمرض التلاسيميا فقد ظهر كأنه أصغر من ذلك بكثير..
وهكذا ظهر الجزء الهام من الحقيقة، ولكن بعد أن انكسرت الزجاجة.!!. وحقق إعلام النظام ما يريد..

ونأتي الآن إلى حيثيات الحادثة، وكيف جرت، ولماذا جرت، وما السبب في حدوثها في هذا الوقت بالذات.!!.
بعيداً عن نظرية المؤامرة أو قريباً منها، لا فرق، نشير إلى المعطيات التالية:
ــ إن حركة نور الدين زنكي هي من الفصائل المعتدلة، والتي ترضى عنها الولايات المتحدة، وبحسب بعض المصادر، فإن هذه الحركة موعودة بأسلحة نوعية من الولايات الأميركية وبريطانيا.. فهل يمكن الربط بين هذا وذاك، أي بين الوعد بالتسليح وبين ذبح الطفل ـ الرجل.!!. لا سيما أن الناطق باسم الخارجية الأميركية صرح أنه في حال ثبت ذبح الطفل من قبل حركة الزنكي، فسوف نقطع الدعم عنها.. وهكذا يتم تشويه حركة نور الدين زنكي، وينقطع الدعم العسكري الموعود..
ــ من يشاهد الفيديو، ما قبل عملية الذبح وأثناءها، ويرى الحركة المتصنعة للمشجعين على الذبح وطريقة الذبح، يشعر، بل يتأكد أن العملية مفبركة ومقصودة وتوحي بأن هناك تعمّداً واضحاً من قبل المجموعة لارتكاب الجريمة وتصويرها وإشهارها وعرضها عبر التواصل الاجتماعي، لغاية في نفس يعقوب.. وهنا أحب أن أؤكد على أن جميع الفصائل الإسلامية التي تقاتل على الأرض السورية هي مخترقة حتى العظم من مخابرات النظام وإيران وروسيا وأميركا والاتحاد الأوروبي.. دعوني أكمل رجاء، ومخترقة من دول الخليج كلها ومن الأردن ومصر والجزائر، وحتى مخترقة من بلاد الواق واق.!!.. فهل أبالغ في ذلك..!!..
ــ قبل حدوث هذا الفعل بيوم أو يومين، ارتكب طيران التحالف جريمة كبرى، فقد استهدف قرية " التوخار " التابعة لمدينة منبج، وكانت الضحايا مائتي شهيد ومئات الجرحى.. أليست هذه إبادة شبه كاملة لسكان قرية صغيرة.!!. ومع ذلك لم تأخذ هذه المجزرة الشنعاء من التغطية الإعلامية سوى أقل من 1% مما أخذته جريمة حندرات.. كما أن المجازر التي يرتكبها الحشد الشعبي في المناطق العربية في العراق، ولا سيما ما حدث في الفلوجة قبل أسابيع، ليس ببعيدة عنا، فهي كغيرها، تمت تمييعها إعلامياً، ومرت كما مر غيرها من مجازر بحق الشعبين السوري والعراقي..
ــ ويبدو أن حركة نور الدين الزنكي وقعت في حيرة من أمرها، ولم تعرف كيف تتصرف، فبعد أن انكسرت الزجاجة، أعلنت القيادة العامة للحركة في بيان لها استنكارها الشديد للواقعة، وأنها أحالت القاتل إلى لجنة قضائية مستقلة للتحقيق معه..
ومع احترامنا لهذا الإجراء إلا أن الفصائل الإسلامية المعتدلة والمتشددة صدّعوا رؤوس السوريين بقضائهم الشرعي المستقل الذي لا يملك من الأمر شيئاً إلا بما توحي له بندقية قائد هذا الفصيل أو ذاك.!!!..
كما أن الناطق العسكري باسم الحركة حاول التخفيف من وقع العملية، حين قال إن العنصر الذي قام بالفعل المدان، يعاني من مشاكل نفسية بعد استشهاد أحد أشقائه، وعدد من أقاربه خلال قصف قوات الأسد على المدينة وريفها ".. وهذا يذكرنا بعمليات القتل التي تحدث في الغرب، فإذا كان الفاعل مسلماً، اتهم بالإرهاب، وإن كان إفرنجياً غير مسلم، اتهم بأنه يعاني من اضطرابات نفسية.
وما أن يخرج الناطق العسكري باسم حركة زنكي من مطب حتى يقع في مطب آخر، فحين سئل عن عدم إعلان هوية المقتول وانتمائه وعمره بعد قتله مباشرة، لتفويت الفرصة على النظام، سارع لإنزال السبب عن كاهله وإلقائه على كاهل غيره، حين قال إن كل ما كان بحوزة المقتول تم تسليمه إلى اللجنة القضائية للنظر في القضية..
وهذا في الواقع عذر أقبح من ذنب، فلو تم إعطاء محتوى هوية المقتول إلى الوسائل الإعلامية مباشرة، لربما فوت الفرصة على إعلام النظام، وما تركه يكذب هذه الكذبة الخبيثة..
والمستغرب، ولا أريد ان أقول المستقبح، أن حركة نور الدين الزنكي حين صرحت في نهاية بيانها؛ أنها تحترم مبادئ حقوق الإنسان وتلتزم بالمعاهدات والمواثيق الدولية، وهذه مسألة جيدة، تنطّعت إحدى الحركات الإسلامية المتشددة وأدانت البيان بحجة أن الإقرار باحترام مبادئ حقوق الإنسان والالتزام بالمواثيق الدولية، يعد مخالفاً للشريعة الإسلامية.!!!..
وأنا أقول لمثل هذه الفصائل المتشددة، المتبعثرة، المتخالفة، إنكم لا تعرفون من الشريعة الإسلامية سوى قطع الرؤوسن وصياح " تكبييييييير "، واتهام المسلمين بالردة وإطلاق التكفير على كل من هب ودب من الناس، وأنتم في الواقع تخالفون الشريعة في أوضح وأبسط صورها، ويكفي أن أشير إلى واحدة منها، وهي قوله تعالى: واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا.. ".. أنتم متخالفون، متشرذمون، متناحرون.. إذن أنتم تخالفون شرع الله..
لو تعودوا إلى رشدكم أيها الفصائل الإسلامية المتشددة، وتتحدوا في جيش واحد وتحت قيادة واحدة، وراية واحدة، وتبتعدوا عن التزمت والانتقائية في الأحكام، وتطرحوا عن أجسادكم المظاهر الشكلية، وتسعوا إلى " سد الذرائع " وهو واحد من الأحكام الفقهية المعروفة في الإسلام.. لو فعلتم ذلك، وتوكلتم على الله، فلسوف تنتصرون بإذن الله..
ولكن فيما يبدو أن " العودة إلى الرشد " هي أشبه بتحويل الخرافة إلى حقيقة..

المصدر: شبكة شام الاخبارية الكاتب: عبد الرحمن عمار
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ