إدلب ليست تورابورا
إدلب ليست تورابورا
● مقالات رأي ١٦ مايو ٢٠١٧

إدلب ليست تورابورا

تحرص العديد من الوسائل الإعلامية على تصوير محافظة إدلب بصورة خبيثة، ووصفها بمنطقة “توحش” تغوّلت فيها الفصائل وحوّلتها إلى غابة لا يحكمها قانون، وتفوح من أرجائها رائحة الجثث المتفسخة التي أزكمت أنوف متابعي وسائل التواصل حول العالم، وحوّلت المنطقة في نظر الكثيرين إلى سجن كبير لن ينجوَ منه أحد.

أفلام تعرض، وتقارير تكتب، ومقالات تنتشر في عدة وسائل إعلامية، تُشبّه مدينة إدلب بـ “تورا بورا” أو “بالرقة” وكأنها تحت سيطرة داعش؛ التي تمارس أسوأ الانتهاكات بحق المدنيين والإعلاميين والصحفيين.

تحاول الكثير من القنوات حمل لواء محاربة التطرف بأي ثمن؛ لكسب ثقة الداعم وحصد المزيد من الأموال على حساب الشعب السوري المنهك، فتذهب لاختلاس الصور بكاميراتها على أنها صور مسربة من داخل محافظة إدلب، رغم أن شبكات التغطية التركية تمتد من الشمال على الحدود التركية إلى ريف حماة الشمالي وتتوفر أحدث أجهزة الهواتف بيد الكثيرين من المواطنين، وتنتشر الكاميرات الرقمية بكثرة ويمكن لأي شخص البث مباشرة من أي نقطة في الداخل السوري.

تحاول تقارير تلك القنوات تصوير “جبهة النصرة” أي القاعدة على أنها تحتكر الساحة، وتفرض هيمنتها على جميع الفصائل الثورية، كما حرصت تلك القنوات سابقاً على تصوير القاعدة بأنها تتفرد بقتال نظام بشار الأسد دون سواها كما ظهر ذلك واضحاً في معركتي حلب وحماة الأخيرتين.

تسقط تلك القنوات مرة أخرى في فخ تقمص نظرية النظام وترويج ما يدعيه من بداية الثورة؛ بأنه لا يقاتل شعبه بل يقاتل  تنظيمات إرهابية وتكفيرية أجنبية مهاجرة، بينما يتكلف النظام لإثبات تلك النظرية بكل الوسائل المتاحة له، تقدم تلك القنوات المحسوبة على الثورة خدماتها المجانية، وتحاول نقل الصورة أسوأ سيناريو ممكن لتتصدر قوائم الدعم المخصص لمشاريع مكافحة الإرهاب الدسمة.

إن إنكار الأخطاء التي ترتكبها الفصائل في المناطق المحررة ضرب من الجنون وغير منطقي لمن يريد الحياد أو الموضوعية، لكن محاولة شيطنة المنطقة برمتها هي أكبر هدية تقدم لنظام بشار الأسد والمليشيات الشيعية والكردية التي تعزف على هذا الوتر لتتلقى الدعم وتجتاح المنطقة بغطاء جوي روسي أو أمريكي، وتحول إدلب لرقة سورية ثانية وخاصة بعد أن حشر فيها كل المعارضين من المناطق الأخرى.

المصدر: الأيام السورية الكاتب: حليم العربي
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ