إدلب… الاختبار الأصعب
إدلب… الاختبار الأصعب
● مقالات رأي ١٤ أبريل ٢٠١٥

إدلب… الاختبار الأصعب

بعد أن تم تحرير محافظة إدلب من قوات النظام السوري، بعد معارك واشتباكات عنيفة دامت أياما، يواجه الثوار اختبارا صعبا في إدارة ثاني مدينة يخسرها النظام، بعد «الرقة» السورية، التي أصبحت بيد «تنظيم الدولة» (داعش)، فأعين جميع الناس في الداخل والخارج تنظر إليهم وتراقبهم بشدة.
كيف سيديرون المدينة.. وما هي الآليات.. وهل سينجحون فعلا في إثبات ذاتهم ويبرهنون للعالم أنهم بديل حقيقي عن الأسد ونظامه؟ ربما لن يكون الأمر سهلا، لاسيما أن نظام الأسد يقصف المدينة بشكل عنيف كل يوم بالبراميل المتفجرة وصواريخ الطيران الحربي. عشرات القذائف والصواريخ والبراميل تسقط على ادلب كل يوم، معيقة محاولات الثوار لتفعيل مؤسسات المحافظة من جديد، وتشغلهم بإسعاف الضحايا ودفن الشهداء وفتح الطرقات التي تغلق كل يوم بفعل انهدام مبان جديدة بسبب القصف
ما يزيد الأمر صعوبة هو واقع المعارضة السياسية خارج سوريا، التي من المفترض أن تكون هي المسؤول الأول عن إدارة المدن والمناطق السورية بعد تحريرها، فحالة الضياع التي تعيشها هذه المعارضة طيلة الأشهر والسنوات الماضية، بالإضافة لقلة الدعم الدولي المقدم لها ماديا وسياسيا وعسكريا، أدى لانعدام الثقة بينها وبين الثوار على الأرض، الأمر الذي سيصعّب إدارتها لإدلب المحررة. الثوار السوريون يقولون إنهم سينجحون في إدارة المدينة رغم كل المصاعب والتحديات.. فنجاحهم في الصمود طيلة أربعة أعوام، أمام نظام مجرم وحلفاء طائفيين وعالم متخاذل يوفر الغطاء السياسي لنظام الأسد وحلفائه بفعل ما شاء في سوريا، يشكل الحافز الأهم في تصميمهم على إدارة المدينة. هم نجحوا، وإن بشكل نسبي، في إدارة الأرياف التي يسيطرون عليها في عموم أنحاء سوريا، من خلال محاكم شرعية ودور قضاء مهمتها فض النزاعات بين الناس، ومجالس محلية تحاول تأمين متطلبات الحياة للريف، رغم صعوبة الأمر وضعف الإمكانيات،.لكن طبيعة إدارة المدينة بمؤسساتها المتعددة وكثافة سكانها يشكل تحديا أكبر للثوار. ما بدأنا نراه فعلا على الأرض يبشر بالخير.. فمنذ دخول الثوار أرض ادلب لم تسجل أي حالة سرقة أو اعتداء على الممتلكات العامة أو الخاصة.. تفاءلنا جميعا بهذا الأمر، ومما زاد تفاؤلنا هو تشكيل قوة مشتركة مستقلة من فصائل جيش الفتح، الذي حرر إدلب وبدأت هذه القوة مهامها في إعادة تشغيل المؤسسات وشكلت لجنة أمنيّة مهمتها الحفاظ على المباني العامة والممتلكات الخاصة، وهي تعمل حاليا على تأهيل وتشغيل مؤسسات الصحة والتعليم والكهرباء والمياه وغيرها من المؤسسات. كل هذا يأتي بعد إعلان حركة أحرار الشام الإسلامية «الفصيل الأكبر في سوريا، والفصيل الأكبر في عملية تحرير ادلب» نيتها تسليم إدارة ادلب لإدارة مدنية وتسليم المؤسسات فيها للمدنيين من أبناء ادلب والمناطق المجاورة..
كل هذه المبادرات لم يعرها الإعلام العربي أو الغربي أي أهمية، وسط انشغالهم في التركيز على مخاوف تحول ادلب الى رقة اخرى. أما العمل الرائع الذي وجدته على الارض والذي إن أشيد به سيتشجع الثوار في البقاء على الطريق الصحيح فيتغاضى عنه الاعلام تماما، بانتظار خطأً من الثوار ليضخموه وينشروه في كل مكان على أنه الطامة الكبرى التي أفسدت واقع سوريا.
ردا على هذا التعتيم، بالاضافة الى حرص الناشطين على إنجاح تجربة ادلب، أطلق عدد من مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي حملة عبر هاشتاغ تحت مسمى «نصائح بعد تحرير ادلب» يشيدون فيه بجهود أهالي ادلب و يدعون الثوار إلى إدارة المدينة بشكل ناجح، ويحذرونهم من مغبّة الفشل ويدعونهم لنقل مقراتهم العسكرية إلى خارج المدينة، لاستكمال عمليات التحرير والاكتفاء بالقوة المشتركة التي شكلت من الفصائل داخل ادلب،.إذا يبدو أن درجة الوعي التي يمتلكها ثوار سوريا وناشطوها مختلفة هذه المرة عن سابقاتها، فجميعهم متفقون على أن النجاح هذه المرة ستلحقه سلسلة من النجاحات، والفشل لو حصل سيتبعه فشل.وهم يدركون حقا أن النصر لا يكون عسكريا فقط، بل أن النجاح في إدارة المحرر هو الأهم وهو الذي يعطي الشرعية للثوار فهم أصحاب الحق.. ولا بد للحق أن ينتصر عسكريا وسياسيا ومدنيا واداريا.

المصدر: القدس العربي الكاتب: هادي العبد الله
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ