إرهاصات المشهد السوري
إرهاصات المشهد السوري
● مقالات رأي ٤ مايو ٢٠١٥

إرهاصات المشهد السوري

المعطيات السائدة، سوريا وإقليميا ودوليا، باتت تبشّر بإمكان استنفاذ الانفجار السوري لطاقته التدميرية، مع الاستدراك هنا بأن هذا الاستنتاج لا يعني بأية حال من الأحوال، التخفّف من التداعيات الخطيرة لترددات هذا الانفجار التي ستبقى مع السوريين، مع الأسف، لسنوات قادمة، والتي ستعتمد عند الانتهاء منها، على شكل إسقاط النظام، وطبيعة الحل، والمداخلات الدولية والإقليمية الفاعلة في المشهد السوري.

وفي الواقع لا يمكن احتساب الهزائم العسكرية التي مني بها النظام مؤخرا على امتداد الأرض السورية، لاسيما في إدلب وجسر الشغور، ودرعا وبصرى الشام وبصرى الحرير بالقرب من الحدود الأردنية، إلا في هذا الإطار، لاسيما مع توقع أن يمتد ذلك إلى حلب وربما حماه. هذا يظهر أيضاً على الصعيد المجتمعي، مع التململ المتزايد في البيئات الشعبية المتعاطفة مع النظام، خاصة في حمص والساحل، سيما مع تزايد الأخبار عن التهرب من الالتحاق بوحدات النظام العسكرية، وحتى حصول اشتباكات مع وحداته، ما يفيد بتنامي الشعور بالخوف من تبعات الارتباط بهذا النظام. وعلى الصعيد الاقتصادي، يمكن ملاحظة ذلك في الانخفاض المريع في قيمة الليرة السورية، واستنفاذ النظام لموارده، وحتى للمساعدات الخارجية التي كانت تغدق عليه من حلفائه، بعد أن باتت بمثابة عبء عليهم، ولا يخفى في هذا الإطار أن هذا حصل بسبب تقلص قدرة حلفاء النظام، خاصة روسيا وإيران، على مد يد العون له، بعد أن باتتا تدركان الكلفة السياسية والمادية والعسكرية الكبيرة، التي باتت تترتب على محاولاتهما إنقاذ النظام.

في هذا السياق نلاحظ أن هاجس نظام إيران أصبح يتركز على إيجاد توافقات مع الغرب، ولاسيما مع الولايات المتحدة، للانتهاء من مشكلة الملف النووي، وهو ما يتجلى في الجهود المضنية التي يبذلها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مع نظرائه الغربيين، بسبب التبعات السياسية والمادية لهذا الملف. كما يمكننا ملاحظة نوع من لهجة عسكرية هادئة لدى القادة العسكريين الإيرانيين، محل اللهجة “العنترية” التي كانت سائدة سابقا، ومثال ذلك إعلان قائد البحرية في الجيش الإيراني حبيب الله سياري أن السفن الحربية لبلاده “لن تدخل المياه الإقليمية لدول أخرى”.

مع ذلك فإن العلامة الأكبر لانكفاء حلفاء النظام السوري جرت مع انطلاق “عاصفة الحزم”، التي وضعت حداً لتمدد الحوثيين في اليمن، والتي بيّنت حدود قدرات إيران، وكشفت الأوهام عند دهاقنة النظام الإيراني.

ولعل هذه التطورات، الناجمة عن الانتصارات العسكرية للمعارضة السورية، وعن تداعيات “عاصفة الحزم”، وانكفاء حلفاء النظام، هي التي عززت موقف الإدارة الأميركية، التي أعادت الاعتبار لمواقفها المتعاطفة مع ثورة السوريين، والتي تتأسس على نزع شرعية نظام الأسد، على ما ظهر في استقبال جون كيري، وزير الخارجية الأميركي لرئيس الائتلاف الوطني السوري خالد خوجا في واشنطن. في هذا اللقاء بدت تصريحات كيري حاسمة بشأن أن الأسد “فقد كل شرعية ليكون جزءاً من مستقبل سوريا”. وبتشديده على “التزام الولايات المتحدة بالمساعدة على إحداث انتقال سياسي يقوم على أساس بيان جنيف ويفضي إلى تشكيل حكومة تمثيلية ومستقبل من الحرية والكرامة والأمن لجميع السوريين”.

لا ريب أن هذه التطورات تحصل على خلفية انكماش تنظيم “داعش”، إلى العراق، وتراجع دوره في سوريا، وعلى خلفية توحد الفصائل العسكرية للمعارضة السورية والتوافقات السياسية الإقليمية، وارتدادات الموقف العربي ضد السياسات الإيرانية، على ما ظهر في “عاصفة الحزم” في اليمن.

هل يقترب الانفجار السوري من نهاياته وهل اقتربت لحظة الخلاص من النظام؟ هذا ما ستجيب عنه الأشهر أو الأسابيع القادمة.

المصدر: العرب الكاتب: ماجد كيالي
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ