اختلاف قوة العقيد وأسباب الانتساب لتنظيم داعش
اختلاف قوة العقيد وأسباب الانتساب لتنظيم داعش
● مقالات رأي ٢٤ مارس ٢٠١٥

اختلاف قوة العقيد وأسباب الانتساب لتنظيم داعش

تتفاوت أسباب الانضمام إلى صفوف تنظيم الدولة الإسلامية، وتختلف تبعاً للزمان والمكان والجنسية التي ينحدر منها المنتسب، ولا يمكن حصرها غالباً بسبب واحد. ومن الظلم وصف كل منتسبي التنظيم بقاطعي الرؤوس، فقد انخرط سوريون كثر بداية في صفوف تنظيم الدولة باعتباره فصيلاً ثورياً مقاتلاً ضد النظام السوري، حاملاً خلفية إسلامية.

يقول الشرعي السابق في "أحرار الشام" أبو عمرو: "لم يكن التنظيم بالنسبة للسوريين، في بداية عمله على الأرض، مختلفاً عن الفصائل الأخرى إلا بالتنظيم والانضباط الجيدين وتأمين رواتب جيدة للعناصر. التأثير في عقليتهم حصل بعد انخراطهم به". أمّا المهاجرون فمعظمهم جاء بهدف رفع الظلم عن أهل السنة والجماعة في أرض الشام، قبل أن تنحرف البوصلة، وينقلب معظم المهاجرين من مناصرين لأهل الشام إلى جنود في دولة الخلافة، يقاتلون الثوار قبل قوات النظام. يقول القيادي في الجيش الحر أبو حسين: "من خلال احتكاكنا مع المهاجرين وجدنا أغلبهم، ولاسيما في البداية، كان بعيداً عن الأطماع السياسية، لكن تنظيم الدولة لعب على وتر الخلافة الإسلامية، واستقطب معظمهم لصفوفه".

ومع إعلان الدولة الإسلامية في العراق والشام، ثمّ دولة الخلافة الإسلامية، اختلفت أسباب الانتساب، وبدا الفارق شاسعاً وكبيراً بين المهاجرين والأنصار؛ فجل المهاجرين انخرط في صفوف التنظيم عن إيمان وعقيدة بأهداف تنظيم الدولة ببناء الدولة الإسلامية القادرة على إعادة أمجاد المسلمين، والانتصار على الكفرة والمرتدين، وتشبعوا بالفكر المتشدد المتطرف.

الأنصار السوريون، فيمكن وضعهم ضمن ثلاثة أصناف رئيسة؛ صنفُ المؤمنين بالتنظيم عقائدياً وفكرياً، ممن يتبنون مشروعه، وعلى استعداد للتضحية، ويشكلون الأقلية. يقول المحامي عدنان من ريف حلب الشرقي: "فكر التنظيم غريب عن المجتمع السوري، ولولا عمر الاستبداد الطويل، وإبعاد نظام البعث الناس عن دينهم الحق، لما وجد التنظيم أرضية خصبة عند بعض الشباب"، فالمجتمع ما زال رافضاً للتنظيم، ويظهر ذلك بفشل التنظيم في تجييش الشارع.

ويُعد الصنف الثاني الركيزة التي يستند عليها التنظيم مجتمعياً، إذ منحته نوعاً من الشرعية الجهادية باعتبارهم مقاتلين معتدلين أبلوا بلاء حسناً ضد قوات النظام، ودعم هذا الصنف قوات التنظيم العسكرية لاحقاً. ويتمثل هذا الصنف بالثوار الذين ضاقت بهم السبل، وانحصرت خياراتهم بين الانضمام للتنظيم، أو قتاله، أو ترك السلاح، فاختاروا التنظيم ما دام يحارب النظام، ويوفر السلاح. وقد تشرب كثر منهم فكر التنظيم نتيجة الدورات الشرعية، وآلية غسل الأدمغة التي يقوم بها التنظيم، لكنّ إيمانهم بالتنظيم لم يصل درجة الفريق الأول. يقول المقاتل السابق في الجيش الحر أبو يوسف: "الظروف الاستثنائية التي مرّ بها الثوار لا تسمح لأحد بلومهم، ومنها تخلي العالم عنهم، وتغول الأسد بإجرامه، ففضلوا المرابطة على مطار دير الزور وكويرس وبقية الجبهات، والرضا بمبايعة التنظيم على ترك السلاح".

ويشكل الصنف الثالث، حالياً، الشريحة الأكبر في صفوف التنظيم، وسيكونون سبباً رئيساً لفشل التنظيم وانهياره. وانخرط هؤلاء في صفوف التنظيم عقب تمدده السريع، وسيطرته على أجزاء واسعة، وتحكمه بموارد مالية واقتصادية مهمة، فانضموا للتنظيم إمّا بحثاً عن مورد رزق حيث الرواتب الحيدة، وإما عن زعامة في القوة الجديدة، وإما لتأمين الحماية بحكم الأمر الواقع. يقول المحامي أبو عدنان: "هؤلاء لا يملكون الاستعداد للتضحية، ومن هنا فسوف يصاب التنظيم بنكسة عندما يبني خططه العسكرية معتمداً عليهم".

وما تزال بنية التنظيم الداخلية قوية، وتحقق نوعاً من التماسك رغم اختلاف الإيمان العقائدي، والأسباب الدافعة للانتساب، لأن الإجابة عن هذه الأسئلة داخلياً مؤجلة، فالخطر الذي يتعرضون له يجمعهم، ويدفعهم للتكاتف. ولا ينفي هذا أنّ بذور الانشقاقات والصراعات الداخلية خصبة، ويُعتقد أنها ستظهر في حالتين: حالة استقرار التنظيم عسكرياً، وفتح الملفات، وهذا مستبعد، والحالة الثانية زيادة الضغط العسكري، وخسارة التنظيم بشرياً، وخسارته الأرض، إذ سيصطدم التنظيم بوجود مقاتلين غير مستعدين للتضحية على خلاف أولئك الأوائل، وهذا المرجح.

ويلاحظ هنا أنَّ امتداد الحرب ضد التنظيم طويلاً دون هزيمته يصب في صالح التنظيم، إذ يعكف التنظيم على خلق أجيال كاملة مؤمنة بفكره، وهذه الأجيال ستكون، فيما يُعتقد، أشدُّ إيماناً حتى من المهاجرين المتطرفين، والأنصار المؤمنين بالتنظيم. يقول الشيخ عبد الرحمن من ريف حلب: "الأطفال الصغار صفحة بيضاء، وعجينة لينة، يكتب فيها التنظيم ما يشاء، ويشكلها كيفما يشاء، والمجتمع القادم مقبل نحو هذا الفكر، ولا سيما عقب سيطرة التنظيم على المدارس، وفرضه مناهجه ومعلميه، وفكره". ويلاحظ أنَّ التنظيم لم يكتف بمعسكرات أشبال الخلافة، بل امتد فكره ليصل إلى أطفال المجتمعات الواقعة تحت سيطرته، عبر التعليم.

اختلاف قوة العقيد وأسباب الانتساب لتنظيم داعش

جلال زين الدين
- See more at: http://www.almodon.com/arabworld/3b3e648e-7a62-43d6-a68c-6386afead793#sthash.ckpvGcsv.Z6RhAPOW.dpuf

اختلاف قوة العقيد وأسباب الانتساب لتنظيم داعش

جلال زين الدين
- See more at: http://www.almodon.com/arabworld/3b3e648e-7a62-43d6-a68c-6386afead793#sthash.ckpvGcsv.Z6RhAPOW.dpuf

اختلاف قوة العقيد وأسباب الانتساب لتنظيم داعش

جلال زين الدين
- See more at: http://www.almodon.com/arabworld/3b3e648e-7a62-43d6-a68c-6386afead793#sthash.ckpvGcsv.Z6RhAPOW.dpuf
المصدر: المدن الكاتب: جلال زين الدين
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ