الإيرانيون ينددون بمجزرة خان شيخون!
الإيرانيون ينددون بمجزرة خان شيخون!
● مقالات رأي ٦ أبريل ٢٠١٧

الإيرانيون ينددون بمجزرة خان شيخون!

لملايين البشر الذين صدمتهم مناظر جثث الأطفال القتلى في مجزرة خان شيخون في إدلب، ننقل لهم الخبر السيئ بأنها لن تكون المجزرة الكيماوية الأخيرة.

وهذا ما حدث سابقاً مرات عدة عندما نصْحو على مناظر مفزعة ومن ثم تعود الحياة لطبيعتها حتى مجزرة أخرى. هز منظر الطفل الغريق إيلان كردي ضمير العالم ولم يحدث شيء. رأينا بعده الطفل عمران وهو يمسح الدماء عن وجهه ولم يحدث شيء. ولن يحدث شيء للأسف هذه المرة. من المخجل إنسانيا وأخلاقيا أن نعايش هذه الأوضاع ونرى الإنسانية تنتهك على مرأى العالم أجمعه.

ولكن لماذا نقول إن هذه المأساة ستتكرر حتماً وربما قريباً جداً. لأن العالم يعيش في حالة فوضى ولا توجد قوة قادرة على إيقاف هذه المآسي الإنسانية. المجرمون لا يزجهم بالسجون أمنيات أو مطالبات الضحايا بل قبضات رجال الأمن، ولكن العالم اليوم بلا شرطي. سيطلق الأسد غازاته السامة كما فعل سابقا وسيقوم بوتين والنظام الإيراني وحزب الله الشركاء بحمايته، ولن توجد قوة في العالم قادرة على معاقبته.

لكي نعرف كيف وصلنا لهذه الحالة الدولية والأخلاقية المتردية التي تحدث فيها الجرائم علانية، علينا أن نعود قليلا للوراء.

يحفل التاريخ دائما بزعماء قتلة يرتكبون المجازر الفظيعة، ولكن كانت هناك قوة خير قادرة في النهاية على ردعهم وقتلهم والحفاظ على النظام الدولي بأقل قدر من الفظائع. هتلر ارتكب مجازر مروعة ولكن بسبب القوة الأميركية والزعيم البريطاني الشهير تشرشل هزم وانتحر وانتهى نظامه الشرير للأبد. موسوليني ارتكب جرائم مريعة ولكنه علق في النهاية كخروف مذبوح. قوة الحلفاء كانت هي السبب وراء سقوطه. القذافي كتب اسمه في السجل الأسود وكان سيستمر في الحكم لعقود قادمة مرتكبا فظائع جديدة لولا تدخل الناتو الذي كتب نهاية حقبته المظلمة. الرئيس العراقي صدام حسين انتهى في حفرة والرئيس الصربي سلوبودان ميلوشيفيتش ارتكب جرائم حرب وانتهى ميتاً في زنزانة في لاهاي.

كل هؤلاء وغيرهم من المجرمين كانوا سيستمرون للأبد لو لم تصعد قوة في الوقت المناسب وتقضي عليهم.

مع بشار الأسد اختلف الأمر لأكثر من سبب أهمها تراجع القوة الأميركية في عهد الرئيس أوباما الذي تعهد بعقابه ولكنه تراجع في اللحظة الأخيرة. وعلى الرغم من أن أعضاء في إدارته أبرزهم وزير خارجيته هيلاري كلينتون وبعدها جون كيري طالبوه بالتدخل ووقف المأساة السورية إلا أنه رفض أن يلعب دور قوة الخير الضرورية في الوقت المناسب.

وعلى الرغم من أن أوباما كان يردد الحجة بأنه لا يريد توريط جنود بلاده كما حدث في العراق، إلا أن المسألة في الحقيقة أكبر وهي الحفاظ على النظام الدولي الذي فقد عقله وتوازنه بسبب هذه الجرائم التي يدفع ثمنها الأبرياء. لهذا شهدنا مجازر متكررة بدون عقاب وليس من الغريب أن نرى جثث الأطفال الزرقاء تعرض قريبا على الشاشات.


الأسوأ من كل ذلك أن الإيرانيين والروس يريدون عملياً تدمير هذا النظام الدولي وتأسيس نظام آخر مختلف بمعايير وشروط مختلفة ترتكب فيه الأنظمة المارقة جرائمها بدون حساب، الأمر الذي يعني تحطيما كاملا للعالم الذي نعيش فيه اليوم، وظننا أنه تحضر كثيرا لدرجة لن يسمح لرؤية هذا النوع من المجازر ترتكب علانية.

لكن عهد أوباما انتهى لذا سلط الجميع أنظاره على ردود فعل إدارة الرئيس ترمب التي أدانت هذه المجازر وقال ترمب بلغة-أكثر شجاعة من معاونيه- "إنه لا يمكن أن تقبل في هذا العالم المتحضر" ولكن بالطبع فإن الأفعال أهم من الأقوال. ويدور الحديث الآن عن نهج السياسة الخارجية الذي سيتخذه الرئيس ترمب في التعامل مع هذه الأزمة وما بعدها.

هل يكمل الانعزال كسلفه أو يكون مطالباً بحقوق الإنسان كالرئيس كارتر أو داعياً للديمقراطية كبوش الابن، أو واقعياً كبوش الأب.

ولكن كل هذه التصنيفات السياسية غير مهمة في ظل هذا الكم من الفوضى والمجازر المروّعة التي لم يسبق لها مثيل. السوريون لا يريدون الدفاع عن حقوقهم ولكن يريدون أن يبقوا فقط على قيد الحياة، وهذا أقل ما يمكن أن تفعله القوة الأميركية الوحيدة القادرة على مواجهة تحالف قوى الشر.

الجانب الساخر في هذه المأساة أن الإيرانيين نددوا بالجريمة وأعلنوا أنهم يريدون مساعدة الضحايا الأطفال، الأطفال نفسهم الذين شاركوا في قتلهم بالغازات والبراميل المتفجرة.

المصدر: العربية الكاتب: ممدوح المهيني
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ