الانتصار للأوطان
الانتصار للأوطان
● مقالات رأي ٦ يونيو ٢٠١٧

الانتصار للأوطان

شيعة عرب من لبنان ومن العراق ملكوا الجرأة على مواجهة المد الفارسي في دولتهم من بعد طول صمت، ومرجعيات شيعية فقهية عراقية ولبنانية حملت راية الهوية العربية وانتصرت للدولة العربية، وواجهوا المراجع الفارسية انتصاراً للدولة في العراق ولبنان، كالأمين والوائلي وفضل الله، وكالعلامة محمد الحسيني من لبنان الذي أسس مجلساً إسلامياً عربياً كتب على بابه: «إن الشيعة العرب هم اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن يكون انتماؤهم تامّاً إلى أوطانهم التي يعيشون فيها ودولهم العربية، وإما أن يتحولوا إلى طابور خامس في خدمة مشاريع التمدد في أمتنا العربية فيجلبون إليها وإلى أنفسهم الخراب والدمار».

يعرف المجلس الإسلامي العربي الذي أسسه الحسيني بأنه المرجعية الإسلامية لشيعة العرب، وهو الإطار الجامع والراعي والمرشد والموجه لهم إسلاميّاً وسياسيّاً والمهتم بشؤونهم كما هو مدوَّن عبر موقعه الإلكتروني، ومهمته التي يعمل من أجلها هي استرجاع المنخدعين من الشيعة العرب بالأكاذيب والأراجيف الضالّة المضلّة من أحضان نظام ولاية الفقيه وبراثنه، وإعادتهم إلى الأحضان الرؤومة لأمتهم العربية كما هو مذكور، ويعمل المجلس وفق مبادئ لا نعتقد أنها تختلف عما تنادي به الشعوب العربية بكل أطيافها الدينية والمذهبية:

- كالسعي والعمل على تأكيد أن ولاء شيعة العرب لأوطانهم ولها فقط، فلا يجوز بأي شكل من الأشكال أن يوالوا نظام ولاية الفقيه تحت أي غطاء أو مبرر أو دعوة مذهبية كانت، حيث لا يمکن إطلاقاً جَمْع ولاءين في قلبٍ واحد.

- ليس لشيعة العرب مشروع لإقامة كيان خاصّ لهم في الدول العربية كافة، ولا يجوز التفكير أو السعي للوصول إلى مثل هذا المشروع البعيد عن تفكيرهم، وأي تفكير في هذا الخط الملتوي هو خيانة عظمى، وإخلال بمبادئ المواطنة والإخلاص للوطن.

- إن شيعة العرب مواطنون صالحون في أوطانهم، وهم جزء لا يتجزأ من النسيج العربي مع إخوانهم السُّنَّة، ولا يفكرون في الابتعاد ولا التمايز ولا الارتباط بأوطان أخرى، ويؤمنون أن أي منحرف عن هذه الأهداف يستحق محاكمته بجريمة الخيانة العظمى.

- إن على شيعة العرب أن يكونوا عامل استقرار وأمان في أوطانهم، وأن يتعاونوا مع إخوانهم في العروبة، وعليهم الحذر ورفض الدعوات المشبوهة والمغرضة التي يطلقها نظام ولاية الفقيه بدعوى دعم الأقليات من الشيعة.

– لقد اختار الشعب العربي في كل دولة، والشيعة جزء منه، نظام الحكم الذي يناسبه ويلبي طموحاته ويحقق أهدافه. لذا فإن الولاية على الشيعة العرب هي للأنظمة التي اختاروها، وليست للولي الفقيه الذي تقتصر ولايته على حدود بلده، إذا ارتضى ذلك شعبه. وقد بَيَّنت الأحداث أنه حتى في إيران سقط هذا النظام شرّ سقوط.

- على شيعة العرب الانخراط بمؤسسات دولهم كغيرهم من المواطنين، وأن يعوا جيداً ما يخطِّط لهم المغرضون والدساسون من أحابيل ومكائد ليست هنالك من مصلحة لهم فيها سوى تحقيق غايات أجنبية لا علاقة لها بأوطاننا وأمتنا العربية.

- على شيعة العرب أن يبتعدوا عن الأحزاب والجمعيات الهدامة التي تنادي زوراً بـ«حقوق الشيعة» كفئة مستقلّة لها كيانها الخاص. إن هذه الأحزاب مدسوسة ومغرِضة ومموَّلة من الخارج بهدف زعزعة استقرار الدولة التي تعمل فيها خدمة لمشروع أجنبي غير عربي.

- على الشيعة العرب واجب الحفاظ على الأمن القومي العربي بكل إمكاناتهم، وأن يبذلوا في سبيل هذا الواجب كل غالٍ ونفيس حتى ولو تعرضوا في سبيل تحقيق هذا الهدف إلى تقديم الأرواح قرابين للوصول إلى الهدف. (انتهى).

لا أعرف حجم تأثير مثل هذا المركز، إنما هذا قول ومنطق وكلام وطني بامتياز نحتاج إلى أن نسمعه، فإذا كان للفقيه الإيراني معارضون إيرانيون داخل وخارج إيران رفضوا ولاية الفقيه الكلية لا كنظرية فقط، بل رفضوها أيضاً كمشروع توسعي يعتمد على استغلال المذهب ويتدخل في شؤون الدول الأخرى، رفضوا استغلال الدين استغلالاً لا ينم عن احترام للدين ولرسوله ولقيمه ومبادئه، بل ينم عن بغض وحقد على تحريض المواطنين العرب على أوطانهم وجلب المتاعب لإيران الدولة.

وكذلك فعل شيعة عرب رأوا ما آل إليه متطرفون من طائفتهم من محاذير خطرة قد تمتد لأجيال مقبلة، سيدفع ثمنها أبناؤهم، وتحول بينهم وبين انخراطهم مع شركائهم في الأوطان العربية، فتحملوا المسؤولية ورفعوا الصوت الآن دفاعاً عنها، خصوصاً بعد أن انتهى الحلف الأميركي الإيراني، فتصدوا للمد الإيراني وامتلكوا الشجاعة لقول رأيهم والمجاهرة به وكسر طوق العزلة.

تلك أعمال جليلة لشيعة عرب قام بها رجال شجعان سيذكرهم التاريخ وتحملوا من أجلها كل أنواع التهديد والابتزاز... ولكن لا بد من تحرك كل المثقفين والعلماء والتكنوقراط وغيرهم من مواطني هذه الدول لوضع الأمور في نصابها ووضعها الصحيح... الانتصار للأوطان قيمة وشيمة لا يعرفها غير الأحرار.

المصدر: الشرق الأوسط الكاتب: سوسن الشاعر
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ