الانتقام التركي بقلب التحالفات … الأكراد المنفس الوحيد عبر بوابة الأسد
الانتقام التركي بقلب التحالفات … الأكراد المنفس الوحيد عبر بوابة الأسد
● مقالات رأي ٢٢ أغسطس ٢٠١٦

الانتقام التركي بقلب التحالفات … الأكراد المنفس الوحيد عبر بوابة الأسد

قلب رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم الطاولة تماماً ، كاشفاً عن توجه جديد في سياسة بلاده حيال ما يجري في سوريا، و يتلخص الانقلاب الذي تلى الانقلاب الفاشل بوصف ما يجري في سوريا بأنها “حرب داخلية” تستنزف طاقتها، محدداً المسار الجديد بمنع أي كيان غير الدولة السورية بالوجود في سوريا ذات الأراضي “الموحدة” ، مسمياً بالاسم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ، الذراع السياسي لوحدات حماية الشعب ، و زعيميه صالح مسلم ، بأن لن يكون لهم كيان.

كلام يلدريم الذي بدد كل التحليلات المعاكسة و الساعية للتخفيف من حدة الانقلاب في التوجه التركي ، ووضع النقاط على حروف كانت مبهمة تتناقل بين أنقرة و موسكو و طهران ، مروراً بدمشق ، بأن التحالف الجديد سيفرض شروطه على الجميع ، معها كان هذا الجميع كبيراً أو يعارض دولة بثقل الولايات المتحدة الأمريكية.

الأنباء التي كانت تتحدث عن التحالف الجديد ، كانت تصب في خانة واحدة، ألا وهي مبادلة واضحة تضمن من خلالها تركيا أمنها القومي بعدم ظهور تكتل يهددها بعد سنوات بالعدوى في أراضيها، و في ذات الوقت يمنحها حق الانتقام من أمريكا بعد تقديمها دعم و مساندة لمحاولة الانقلاب التي هدفت للاطاحة بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان ، فالأتراك مما معروف عنهم، هو البغض الشديد للخيانة التي تعتبر بمثابة الحرب ، و يستحق مرتكبها العقوبة التي تجعله غير قادر على تكرارها سواء معها أم مع غيرها.

وجوه التحالف الجديد ، يحمل في طياته قبول و تنازل كبير في السياسة التركية اتجاه الأسد ، و بشكل مبدئي حتى يتم تخفيف من تبعيات هذا الانتقال يتوجب الحذر بالتصريحات ، و مفاعيها ، و البداية سيكون بقبول بالأسد كجزء من المعادلة، يملك حق المفاوضة و الاشتراك في المرحلة الانتقالية ، مع اعتباره غير مرغوب به في المستقبل الذي يتلوها ، وهذا “المستقبل” قد يحمل تغييراً مماثلاً يجعله موجوداً و بقوة أكبر من ذي قبل، و طبعا بعد تقديمه خدمات جلية بوأد الحلم الكردي الانفصالي ، البداية يبدو أنها تشهدها الحسكة اليوم.

الملف الكردي الذي قاده الساسة الأكراد الانفصاليون ، بنوع من الغباء و العنجهة غير المحددة ، و المسمومة بهواجس اسطورية ، جعلهم للمرة الثانية ، في التاريخ الحديث ، بمثابة أداة ربط نظام الأسد مع تركيا ، في أقل درجات الاستنساخ ، لما حدث في عام ٢٠٠٤ ، ابان ثورة القامشلي.

التحالف التركي - الروسي - الايراني - الأسدي، هو نوع من تلك التحالفات التي شهدتها الحرب العالمية الأولى أو الثانية ، الغاية منه أن تكون سوريا هو أول انكسار لأمريكا، و درس مؤلم لها قد يؤدي لتفككها كحال الاتحاد السوفيتي ، وهو الحلم الذي يشكل هدفاً للرئيس الروسي فلاديمير بوتين .

اليوم تركيا تتنازل بشكل تام عن فكرة مربع على الحدود خالي من الطائرات تحت مسمى “منطقة آمنة” ، وتقول أن من واجبها أن تؤمن كامل شريط الحدود ، الأمر الذي يفتح جهنم جديدة على مصراعيها في سوريا ، فهنا سيختلط “الحامل بالنابل”، و سنشهد أنواع من المعارك و التشابكات التي لاتحصى، وهنا يبدو أن أمريكا ،التي ظهرت اليوم عاجزة من خلال تصريح وزير خارجيتها جون كيري عندما لخص الوصول إلى اتفاق نهائي مع روسيا حول سوريا بـ”الأمل”، لن تبقى عاجزة تماماً، فهي تملك من الخطط المتعددة و المتتابعة، التي توصل إلى ذات الهدف مهما تعرجت الطرق.

بين التحالف الجديد الذي يملك مفاتيح على الحدود و السماء و الأرض ، و كتلة غير محدودة من القوة غير حرة التصرف التام في ذات المساحة الجغرافية ، نقف على أعتاب مرحلة غير محدودة المخاطر و الحروب، في مشهد يصنع تاريخ جديد ، لا دورس فيه من الماضي و إنما يصنع مدرسته الخاصة.

 

المصدر: شبكة شام الاخبارية الكاتب: زين مصطفى
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ