"الانسلاخ من الذات"
"الانسلاخ من الذات"
● مقالات رأي ١٣ مارس ٢٠١٧

"الانسلاخ من الذات"


1
الأب: تفضلوا يا جماعة اشربوا القهوة.. ضيّفهم لك ابني..
الابن: آه امممم تفدّل أمّو (تفضل عمّو)!
أحد الضيوف: الله يسلمه ابنك، شو ما بيحكي عربي؟
الأب: لا والله.. لسانه ثقيل وعم يحاول يتعلم.. بيحكي كم كلمة عربي بس مكسّر.. ولكن بيفهم كلشي منحكيه!
أحد الضيوف: الله يسلمه يارب.. قديش صارلو بأمريكا دخلك؟
الأب: والله زمان.. صارلو قريب 3 سنين!!!
2
الكل يتحدث العربية..
إلا فتاة لا تجيب متحدثيها إلا بالإنجليزية بلغة ركيكة مصطنعة!
ولا تتحدث إلا بصوت مرتفع لكي يسمعه الجميع..
سَأَلَتْ عنها إحدى النسوة..
قالت: يا حسرتي على هالبنت.. والله أهلها مقصرين معها..
هي كل البنات يللي قدها ويللي ولدانين هون بأمريكا بيحكوا عربي ومحافظين على لغتهم وحافظين قرآن ماشالله.. ليش هي ما علموها أهلها العربي مع انو مالها من مواليد هون.. دخلك صحيح قديش صارلهم هون بأمريكا؟
أجابتها إحدى السيدات: صارلهم سنة ونصف!
3
كانوا ما يزالون في الفندق..
مازالوا يبحثون عن سكن يسكنون به..
انتقلوا إلى أمريكا فقط منذ عشرة أيام أو تزيد قليلاً!
سمعت الأم أن العرب هنا يتعمدون الحديث مع أطفالهم في البيت باللغة العربية حتى يتعودوا نطقها ولا ينسوها..
جاء الابن في إحدى الجمعات مع الأصدقاء وقال للأطفال الذين يلعب معهم بطريقة عفوية حتى يفهموا عليه:
‏ come on.. let's play Tommemaa
يعني بدو يلعب طميمة (Hide & Seek)
فأجابته الأم بكل جدية وهي تبتسم بطريقة أشعرتها بلذة النصر:
لاء يا ماما يا حبيبي.. ما تحكي إنجليزي..
كم مرة قلتلك نحن هون بالبيت ما بدنا نحكي إلا عربي بس؟؟
تئبرني كلشي إلا العربي!!
والتفتت إلى الموجودين وقالت: والله هلكني هالولد.. لك ما بيحكي إلا إنجليزي (علماً أن الولد لم يكن حتى قد دخل المدرسة بعد) عم اعمل المستحيل لحتى خليه ما ينسى العربي..
شو أعمل معو يا ربي؟؟!!
...
الشاهد من القصص الحقيقية السابقة أنني رأيت أُناساً ينتظرون اللحظة المناسبة لينقضّوا بها على اللغة والعادات والتقاليد والدين والثقافة والعرف..
يعني شاهدت أمثلة كثيرة، خلصت منها إلى أن "معظم" الوافدين الجدد الذين قدموا إلى أمريكا، كان همهم هو الانسلاخ من الذات..
ورأيت "بالمجمل" أن أخلاق وعادات العرب المهاجرين القدامى في تربية أبنائهم هي أفضل من أخلاق وعادات من جاءوا حديثاً!
يعني القادمين الجدد همُّهم كيف يتحدث أبناؤهم الإنجليزية بلهجة الأميركان وعادات الأميركان (العادات السيئة فقط وليتهم أخذوا وتعلموا العادات الجيدة).. حتى إذا جلسوا بين الناس تباهوا بأن أولادهم لا يتحدثون العربية!
وتجد من ولدوا هنا وترعرعوا هنا، يتباهون بأنهم يتحدثون العربية بطلاقة ويقرؤون القرآن والله أفضل منا نحن القادمون من بلاد العرب والمسلمين، ويحفظون القرآن أفضل مما نحفظ، ويطبقون تعاليمه خيراً مما نفعل!
وتجدهم متواضعين ويحافظون على حشمتهم ولباسهم وحيائهن ودينهم..!!
والغريب أنني ما رأيت أحد من القادمين الجدد إلا ويمقت العرب ويشتم العرب ولا يريد أن يتعامل مع العرب ولا مع المسلمين وأنه يريد فقط أن يتعامل مع الأمريكان البيض الأصليين ويسكن بجوارهم.. وكأنه رشح نفسه أن يكون أفضل من يمثّل العرب أمام الأجانب!
أمثال هؤلاء هم أكثر الناس عنصريةً وتناقضاً في هذا الزمن!

المصدر: شبكة شام الاخبارية الكاتب: أسامة قهوجي
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ