التخادم الامريكي الشيعي في المنطقة يُسلم اربع عواصم عربية لايران
التخادم الامريكي الشيعي في المنطقة يُسلم اربع عواصم عربية لايران
● مقالات رأي ١٠ ديسمبر ٢٠١٤

التخادم الامريكي الشيعي في المنطقة يُسلم اربع عواصم عربية لايران

الطموحات الإيرانية التوسعية ليست بالجديدة، طموح استعادة الامبراطورية الفارسية ولاحقاً الشاهنشاهية فالجمهورية الاسلامية تحت مظلة عمليات التشيع الواسعة و البعيدة بدءا من الخليج حيث السعودية و البحرين و الكويت و الإمارات إلى أقصى شرقي آسيا حيث البلدان الإسلامية كأندونيسيا و ماليزيا اللتان اصبحتا تحويان على نسبة شيعية غير مسبوقة، و انتهاءا بالشاطئء الجنوبي من البحر الأبيض المتوسط.
وبالتالي تحويل ما يعرف بالجمهوريات الاسلامية في الاتحاد السوفياتي السابق الى سوق ضخم يمنحها القوة فإلى جسر عظيم تعبره الى العالم وتنافس عبره روسيا حتى لو كانت حليفتها الحالي.
في البداية وجدت طهران في قضية الفلسطينيين أرضية خصبة لتكون حاضرة على الشاطئ الشرقي للبحر المتوسط، بالإضافة الى ان حزب الله والمقاومة ضد إسرائيل أمّن لها هذا الحضور مع ترحيب كامل ما دام الهدف هو "معاداة اسرائيل". لكن يبدو أن الخبرة العميقة من جهة وضعف أهل الشرق العربي من جهة اخرى، رفعا منسوب "الشراهة" الايرانية، و حيوية التحرك على الارضية الخصبة الذي دفع للسؤال بلماذا لا يكون لنا في الشرق ما نستحقه، و نحن احفاد الامبراطورية الايرانية؟
اهمية المشررع الايراني يفسر استماتته في الدفاع عن نفوذه في سوريا الذي يؤمن لها اطلالة فسيحة على المتوسط، فقاسم سليماني الذي دير الحرب على مدار ما يقارب الاربع سنوات استعانة بكل ما يمكن تحريكه في مناطق النفوذ في كل من العراق و لبنان، و مجموعات اخرى ابعد،في سبيل البقاء في سوريا و ربط ايران بالمتوسط برا عبر العراق و سوريا.
التمدد الايراني واجه تحديات اخرى و اثقلت كاهل الايرانيين المثقل اصلا بالوضع السوري، هذه المرة هي بغداد، فالاصرار الاميركي و الشبه الشعبي في إبعاد المالكي عن رئاسة الوزراء، كان لابد التعامل معه بجدية، فهي نقطة التلاقي بين طهران و واشنطن فيما يخص العراق، ما اضطرت ايران بالدفع في اتجاه تبديل المالكي، للحفاظ على ما تم بناؤه في العراق، من اجهزة و سلطة و نفوذ ايراني.
خطر هذا المشروع الاخطبوطي هو الاكبر بالنسبة الى دول الخليج العربي، و خاصة فيما يخص الوضع الحالي في اليمن، فالحوثيين لا يهددون الحكومة اليمنية و السيطرة على صنعاء العاصمة فقط بل كامل الخليج ان لم يتم السيطرة عليها بشكل عقلاني و احتوائهم.
خبر مراسلة خامنئي من قبل اوباما المسرب، حول تشجيعهم في التفاعل بشكل ايجابي في المباحثات النووية، و الوصول الى اتفاق شامل بحلول الشهر الحالي، استغل من قبل الجمهوريين و اعتبروه ضعفا لاوباما و سوء فهم للسياسة الدولية، الرسالة كانت بمثابة بروز تعاون بين الطرفين في كثير من الملفات في المنطقة و على راسها محاربة داعش، و بالطبع حول الوضع في كل من العراق و سوريا.
لكن على ما يبدو أن الرسالة فُسرت في طهران على أنها علامة ضعف اميركي، وبالتالي فمن المرجح أن تشجع إيران على أن تكون أكثر تشدداً في مفاوضاتها.
التقارب الامريكي او حسن نية اوباما اتجاه ايران بالاضافة الى الاسباب التي ذكرناها آنفا، كان عاملا مهما في تمادي الايرانيين، و الذي تجلى في كل من الضاحية الجنوبية اللبنانية و التعامل الوحشي مع السنة.
ايضا في اليمن، كلها كانت مقدمات لظهور تنظيم داعش حيث جرت بين الأمريكين وجماعة الحوثي الشيعية اليمنية اتصالات قضت بتمكين الحوثيين في اليمن، بينما يتعهد الحوثيون بضرب تنظيم القاعدة في جزيرة العرب مع توفير إسناد جوي من الطيران الأمريكي. بمقتضى هذا الاتفاق تقوم أمريكا بدفع تكاليف الحرب ودفع رواتب المقاتلين الحوثيين ورعاية أسر القتلى منهم وعلاج الجرحى على أن يقوم الحوثيون بحسم عسكري مع القاعدة في مدة لا تتجاوز السنتين فيما اشترط الحوثيون سرية الاتفاق.
أن هذا الاتفاق بين الأمريكان والحوثيين يأتي في سياق التخادم الأمريكي الإيراني في الشرق الأوسط, فهذه الاحداث كانت لها تاثيرا مباشرا على شعبية اوباما و حزبه الديمقراطي، اذ حقق الجمهوريون تقدماً على حسابهم، و اتهموا اوباما بتراجعه عن الخط الأحمر الذي رسمه للأسد بشأن الأسلحة الكيماوية في سورية في عام 2013 واستغراقه وقتاً طويلاً ليدرك تهديد تنظيم «داعش» ونهجه المتسامح تجاه إيران وضعفه في مواجهة التدخل الروسي في أوكرانيا.
فعلى الرغم أن دستور الولايات المتحدة يجعل مركز القرار النهائي إلى حد كبير في يد الرئيس إلا أن أوباما لا يزال يحتاج الى الكونغرس ليأذن بعملية عسكرية كبرى ويمولها، فسيطرة الجمهوريين على مجلسي الشيوخ والنواب سيدفع أوباما إلى أن يكون أكثر حذرا في شأن عدد من القضايا، و من المتوقع أن يدفع قادة الجمهوريين مثل (ميتشماكونيل وجون ماكين) وغيرهم باتجاه القضايا التالية:
1-وقف التخفيضات التلقائية لموازنة الجيش التي تم تشريعها في السنوات السابقة، وإعادة التركيز على بناء القدرات العسكرية للولايات المتحدة فرض المزيد من العقوبات على روسيا، وزيادة المساعدات إلى أوكرانيا، وإرسال وحدات تدريب عسكرية أميركية لتتمركز في كييف و بولندا وجمهوريات البلطيق.
2- وضع الصيغة النهائية لاتفاق الشراكة التجارية عبر المحيط الهادئ مع الحلفاء الآسيويين للمساعدة في احتواء الصين، وكذلك إلغاء الموعد النهائي لانسحاب القوات الاميركية من أفغانستان عام 2016 ووضع خطة لوجود عسكري أميركي محدود ولكن طويل الامد في كابول.
3- كذلك زيادة كثافة الضربات الجوية ضد تنظيم "داعش وزيادة عديد القوات الاميركية في العراق (وربما سورية لاحقاً) للدعم و التدريب في مجال مكافحة داعش. تكثيف الدعم للثوار السوريين وقطع الامداد عن المتطرفين و المتشددين.
4- ومن بين القضايا, ضرب أهداف تابعة لنظام الأسد ضمن العمليات الجوية في سورية، وبخاصة التي تمنع النظام من استخدام القوة الجوية و البراميل المتفجرة ضد المدنيين وقوات المعارضة المعتدلة, والإصرار على التفكيك الكامل للبرنامج النووي الإيراني، وإلا ستزيد العقوبات على إيران .
5- وضع حد للتقارب مع إيران الذي لم يثمر شيئاً برأي الجمهوريين وساهم في نفور حلفاء واشنطن التقليديين في الشرق الأوسط بالرغم ان أوباما لا يزال لديه السلطة في السياسة الخارجية ولكن عليه أن يأخذ آراء الكونغرس ان اراد استعادة زخم رئاسته وحزبه، هذا فيما يخص اعلان حرب شامل ضد «داعش»
اوباما سيحتاج أيضاً إلى موافقة الكونغرس لرفع العقوبات عن ايران إذا كان هناك اتفاق نووي معها وهو أمر لا يرغب الكونغرس الجديد القيام به. كان من الواضح ان مفاوضات 5+1 مع ايران لن تفضي الى اتفاق، حتى ان توصلوا الى اتفاق في وقت لاحق فأنه سيكون له ثغرات تمكّن الايرانيين من الهروب من تنفيذه، او على الاقل بشكل يتيح له التملص في تنفيذه بدقة و بشكل فوري.
اما في الجانب الآخر, فان واشنطن تريد أن تنهي المفاوضات باتفاق يعيد إيران الى "حاضنتها"، على عكس طهران التي تسعى الى بسط نفوذها بشكل يمنحها سلطة القرار في هذا الشرق المعقد.
مؤشرات ما يدور خلف الكواليس واضحة، فبالنسبة الى العراق, الوضع كارثي على الصعيدين العسكري و الامني، و التغير الديمغرافي في المحافظات السنية على حساب استقدام ميليشيات شيعية كالمقدادية الاستراتيجية على سبيل المثال جارية على قدم وساق ولا ننسى الوضع في فلسطين المغيب و ما يتم تطبيقة من سياسات تهجير و اعادة الاستيطان.
أما في سوريا فالساحة مفتوحة، ويبدو المشهد اكثر بطشا و طموحا، فقد أطلق العنان لميليشيات النظام السوري لارتكاب افظع المجازر لتكريس دويلة علوية تحده شرقا نهر العاصي من منبعه في لبنان الى نصبه في تركيا، و المجازر على خط التماس كثيرة منها (حي القبير والتريمسة وحلفايا وكفر نبودة وجسر الشغور).
عمليا اليوم ايران تتواجد و بقوة في كل من بغداد و دمشق و بيروت و صنعاء، فهي تفاوض بقوة، و الصفقة الشاملة في المنطقة، بناء على هذا المسار ستكون إعادة تأهيل نظام الأسد (حتى ان تنحّى بشار عن السلطة) وتطبيع العلاقة بين الغرب وايران مع تحديد مرن لدورها الإقليمي.
أخيراً, الدعم الإيراني الخفي للقاعدة و داعش و التكفيريين السنة يهدف الى اظهاره كفئة متشددة متعطشة للدم ، في نفس الوقت طرح الشيعة كقوة معتدلة يمكن التعامل معها، اما في الحقيقة فهو اخطر من التكفيريين الداعشيين و القاعدة أو لنقل هما وجهان لعملة واحدة، فدولة اسلامية داعشية لا تختلف عن دولة فارسية متطرفة تسعى الى بسط سيطرتها بكل تلك الاساليب اللانسانية الارهابية.

المصدر: الفيس بوك الكاتب: يلماز سعيد
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ