التغيّر الاستراتيجي الأبرز  .. “التهجير” يجمع المعارضة “عسكريين و سياسيين” في صف واحد لأول مرة
التغيّر الاستراتيجي الأبرز .. “التهجير” يجمع المعارضة “عسكريين و سياسيين” في صف واحد لأول مرة
● مقالات رأي ١٨ سبتمبر ٢٠١٦

التغيّر الاستراتيجي الأبرز .. “التهجير” يجمع المعارضة “عسكريين و سياسيين” في صف واحد لأول مرة

تقف الثورة اليوم على أعتاب مرحلة غاية في الدقة ، تحمل في طياتها من المطبات ما يؤدي إلى وأدها و إنهائها ، الأمر الذي يسترعي تعاملاً من نوع آخر ، توحداً بأي شكل كان حتى يكون منطق الأعواد المتفرقة في أقل درجاته.

خرج اليوم ٣٤ فصيلاً يمثلون القوة الأكبر في الثورة السورية ببيان لم تعهده الثورة السورية من قبل ، حيث حمل تواقيع الجميع ، في حضور هو الأول لحركة أحرار الشام الاسلامية مع الفصائل في ذات البيان وتحت علم الثورة ، في نقلة نوعية جاءت بعد أيام من دعوة الوجه السياسي للحركة لبيب النحاس لتبني علم الثورة اليوم و ليس عند انتصار الثورة، و الحدث الذي يجعل البيان أكثر انفراداً هو انضمام الائتلاف الوطني إلى جانب الفصائل في ذات البيان ، ليكون البيان بمثابة اعلان ولادة لمرحلة جديدة تجعل التوقعات للمستقبل أكثر تفاؤلاً.

لعل دقة المرحلة ووضوح الرؤية المصلحية للدول الكبرى ، و الذي ظهر جلياً في الاتفاق الروسي - الأمريكي الهادف وفق ما أعلن عنه إلى إنهاء الثورة من خلال سياسة القضم التدريجي للفصائل الثورية ، التعامي التام و الدعم المبطن للأسد و عشرات المليشيات الارهابية التي تسانده و تدعمه ، هذه الأمور دفعت بالفصائل لاتخاذ مواقف غير مسبوقة ، كانت البداية في البيان الشديد اللهجة اتجاه الاتفاق الأمريكي الروسي في ١٣ الشهر الجاري ، و الذي وقع عليه ١٦ فصيل ممن يقاتلون تحت بند الجيش الحر ، إضافة لحركة أحرار الشام ( في بيانين مستقلين) ، وجاء موحد بذات الحروف و ذات السياق ، نص بصريح العبارة أن “لن نرضخ” للقرارات الدولية التي تهدف إلى تمزيقنا داخلياً أكثر ، و لن نعطي “الدنيّة” على ثوابت ثورتنا ، الأهم أنها سمت الأمور بمسمياتها من “إجحاف” و ضعف الإرادة الدولية ، ورفض “الابتزاز” سواء على أكان سياسي بوعود تذرها الرياح عند أول هبوب لها ، أو إنساني يكون آني و لا يسد جوع أو ينقذ روح .

و بعد بيان المضاد للاتفاق الروسي الأمريكي ، قفزت المعارضة السورية بشقيها العسكري و السياسي ، قفزت نوعية جديدة ، حيث ظهرت كجسد واحي ، بين السياسة و العسكريين ، و بين الجيش الحر و الاسلاميين و بين المتخالفين في الماضي و المتعارضين في الافكار و الايدلوجيات ، فالاتفاق الذي جمعهم هو سوريا الموحدة ، المحافظة على هويتها ، و المدافعين في خندق واحد ضد العدو الأكبر و الأصل لكل الأعداء ، مهما تعاظم نتيجة احتشاد العالم بأسره خلفه، وأعلنوا سوية رفض أي تهجير اضافي أو تشريد مزيداً من السوريين لتنفيذ مآراب “حاقدة” لتدمير البنية السورية ، مؤكدين أن لامكان لأي تغيير ديمغرافي لا في الوعد أو في غيرها.

الارتقاء المتواتر و القفزات النوعية في الأداء السياسي العام للفصائل و الهيئات السياسية ، يشكل نواة عمل لمستقبل أفضل لسوريا، و يمنح صلابة لا مثيل لها للممثلين في حال تم اطلاق جولات جديدة من المفاوضات ، أو تم وأدها بانتظار حصول أمر (تفرقة - اعادة احتلال مناطق استراتيجية - حصار مزيداً من المدن و المناطق … ) ، والظهور ككتلة واحدة يجعل من الثورة السورية قد وصلت ( ولو متأخراً كثيراً لوقت زاد عن خمس سنوات) إلى المرحلة التي تمكنها من فرض رؤيتها ، وعدم امكانية تجاوزها بأي شكل من الأشكال ، فلا مشروع يمكن أن ينجح في سوريا مالم يوافق عليه الشعب السوري ، بخلاف الفترة الماضية التي عمد اللاعبين الدوليين في الملف السوريين بطريقة مهينة ، استندت بشكل أساسي على تفرق المعارضة و ابتعاد جناحيها (السياسي و العسكري ) عن بعضهما.

لا يمكن لنا كشعب سوري عانى ماعاناه ، و شهد ما شهده و ضحى بكل شيء ، إلا أن نعلق الآمال بأي تصرف مهما كان صغيراً أو هامشياً ، اذ الأمل وحده ما يجعل شعب واجه العالم بأسره وحيداً ضعيفاً ، و يستمر بهذه المواجهة دون كلل أو ملل .

المصدر: شبكة شام الاخبارية الكاتب: زين مصطفى
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ