الحاضنة الثورية بين عشق الحرية وذاكرة السمك
الحاضنة الثورية بين عشق الحرية وذاكرة السمك
● مقالات رأي ١ يونيو ٢٠١٨

الحاضنة الثورية بين عشق الحرية وذاكرة السمك

انتشر منذ عدة أيام فيديو مصور لجنود روس وهم يعتقلون عناصر للنظام كانوا يسرقون المنازل في أحياء دمشق الجنوبية التي انسحبت منها المعارضة المسلحة مؤخرا، ويظهر في الفيديو عناصر الشرطة العسكرية الروسية وهم يقومون بإهانة وإذلال عناصر النظام وسط فرح و شماتة من الأهالي الذين سارعوا لتصوير المشهد وتوثيقه.

مشهد كأنه يصور الجانب الروسي على أنه حمامة السلام وحامي الديار من المجرمين واللصوص، وكأن المصفقين نسوا أو تناسوا لبرهة أن روسيا هي المجرم الأول الذي دمر البشر والحجر وهجر السوريين من أرضهم بقوة السلاح وبطشه، وإن كان عناصر النظام قد سرقوا براد أو غسالة فإن روسيا قد سرقت وطنا بأكمله وعبثت بنسيجه الاجتماعي وسوت عشرات البلدات والمدن بالأرض بفعل بطشها العسكري.

لا يخفى على أحد أن بلدات دمشق الجنوبية (يلدا .ببيلا) هي من أكثر الأحياء التي تشكل حاضنة اجتماعية للثورة والتي ساهمت في صمود الثوار فيها لأكثر من سبع سنين عجاف تحمل فيها الأهالي القصف والحصار والجوع والكثير منهم قبل المصالحة مع النظام على مضض مفضلا البقاء بأرضه على التهجير السكاني الذي يعمل عليه نظام الأسد المجرم لإفراغ الحزام الجنوبي للعاصمة من سكانه السنة على حساب الميليشيا الشيعية الطائفية العابرة للحدود.

روسيا أكثر اللاعبين إدراكا لخطر الحاضنة الثورية على مشاريعها المستقبلية في سوريا وخاصة بعد تكون فكر عدائي للروس في المجتمع السوري السني، فهي ستعمل على محو تلك الصورة الإجرامية من ذاكرة الشعب السوري بعد وسائل كاختيار الشرجة العسكرية الشيشانية المسلمة والتي ظهر احد عناصرها وهو يؤدي الصلاة مع مهجري حمص قبيل ركوبهم بالباصات باتجاه الشمال و إنشاء نقاط المراقبة ومناطق خفض التصعيد والقيام بنشاطات إغاثية وخدمية في المناطق التي سيطروا عليها مؤخرا في جنوب دمشق والغوطة الشرقية والعمل على تعويم بعض المرتزقة على أنهم رجالات المصالة ودعاة السام والاستقرار في مدن دمرها المحتل الروسي على أهلها و إثارة الضجة الإعلامية العالمية لموضوع إعادة الإعمار وكأن الروس هم رعاة السلام في سوريا.

فهي ،أي روسيا، ستعمل جاهدة على هذه السياسية الجديدة تساهم في محو صورتها المجرمة من ذاكرة الشعب السوري مراهنة على سرعة النسيان لدى الشعب، و أكبر دليل على ذلك هو الفيديو الذي يصور عناصر الشرطة العسكرية الروسية أثناء اعتقال و إذلال لصوص جيش النظام وسماحهم للمواطنين بتصوير عملية الاعتقال بكل أريحية.

وليس بعيدا عن يلدا وببيلا نجد مخيم اليرموك الذي ظهرت به داعش في معاركها مع النظام و كأنها الثلة الصادقة الصابرة حيث عملت الماكينة الإعلامية للروس والنظام على تضخيم المعركة هناك لرفع أسهم داعش على حساب فصائل الجيش الحر ، تلك المعركة التي انتهت في أقل من شهر ضمن اتفاق مخابراتي قذر شبيه باتفاق الرقة الذي أفضى بخروح الدواعش بالشاحنات نحو البادية في كلا المعركتين (الرقة واليرموك).

لا فرق بين الأنظمة المخابراتية وبين فصائل القاعدة ذات النشأة المخابراتية في التعامل مع الثورة وحاضنتها الشعبية في تلميع بعض الأحداث هنا وهناك لتغطية جرائمهم و غسل عقول الناس بما يتماشى مع مخططاتهم.

سمعنا جميعا تلك الأصوات التي بدأت تتصاعد هنا وهناك التي تخون الجيش الحر وتمتدح داعش بشكل مباشر أو غير مباشر متنانسين معارك المنطقة الشرقية التي سلمت فيها داعش عشرات المدن والبلدات الممتدة من مسكنة في شرق حلب وصولا للبوكمال مرورا بريف الرقة الجنوبي في بضعة اشهر. وكأن إصدارا إعلاميا للدواعش يكفي ليغطي عن جرائمهم ضد الثورة السورية وينسي الشعب السوري جرائمهم ضد الثورة السورية التي خسرت خيرة قادتها والآلاف من شبابها بمفخخات داعش وأحزمتهم الناسفة.

وبما أن الشيء بالشيء يذكر، نذكر الجولاني وجبهته الباغية التي كلما هاجمت فصيلا للجيش الحر ونهبت سلاحه وقتلت شبابه، سارعت لفتح معركة مع النظام وكما يقول شرعيو الجولاني (غدا مفخختين عالنظام تنسي الناس ما عملنا بالفصيل الفلاني).

وبهذه العقلية فككوا وقضوا على أكثر من عشرين فصيل للجيش الحر مراهنين على سرعة نسياننا.

فهل ستنجح روسيا وصبيان القاعدة التي تخرجت من مدرسة علي مملوك بالرهان على ذاكرة الحاضنة الثورية التي يعتبرونها بنظرهم سريعة النسيان كذاكرة السمك أم للشعب السوري قولا آخر في ذلك.

الكاتب: محمد صلاح
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ