الغوطة الشرقية ... هدنة الأمم المتحدة القاتلة
الغوطة الشرقية ... هدنة الأمم المتحدة القاتلة
● مقالات رأي ٨ مارس ٢٠١٨

الغوطة الشرقية ... هدنة الأمم المتحدة القاتلة

مقال: أحمد نور

تتصدر أخبار الغوطة الشرقية بريف دمشق الشرقي أخبار الصحف والإعلام العربي والدولي، طغت صور الدماء والموت الذي تصدره روسيا والنظام في كل دقيقة عبر بحق أهالي الغوطة المحاصرين، وسط عجز مخزي للمجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان عن وقف هذه المذبحة.

بعد عشرات التصريحات والوعيد والتهديد الدولي عقد مجلس الأمن الدولي في 24/ شباط/ 2018 جلسة طارئة لمناقشة الأوضاع الإنسانية في الغوطة الشرقية، وتوصل المجتمعون بالاجماع بعد شد وجذب وتأجيل للتصويت لهدنة فرضت بالإجماع تحت القرار 2401، والتي تقضي بهدنة شاملة لمدة شهر، مع السماح بدخول المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة.

لم تمض دقائق وربما أقل على صدور القرار وإبلاغ الأطراف المعنية به ممثلة بنظام الأسد والمعارضة حتى عاود طيران الأسد ومدفعيته دك الغوطة الشرقية، واستأنفت قواته تحركاتها وحشودها على أطراف الغوطة الشرقية وبدأت بالتقدم تباعاً مستخدمة الأرض المحروقة وسياسة التدمير الشامل التي تتبعها روسيا في كل منطقة.

ورغم مرور أكثر من 14 يوماً على قرار الهدنة واجتماع مجلس الأمس للمرة الثانية في السابع من شهر شباط الجاري والتأكيد على ضرورة تطبيق الهدنة إلا أن نظام الأسد وبدعم روسي يضربون عرض الحائط بقرارات الأمم المتحدة للمرة المئة بعد الألف وأكثر قليلاً، ويمتنعون عن تطبيق أدى حد من الهدنة المزعومة ولو بتخفيف القصف.

قدمت الغوطة أكثر من 500 شهيد ومئات الجرحى بين المدنيين، وتدمير المئات من المباني السكنية والمرافق الطبية والملاجئ خلال أيام الهدنة القاتلة التي ترعاها الأمم المتحدة، وسط ازدياد الوضع الإنساني مأساوية وعجز شبه كامل طبياً وإنسانياً عن تقديم أي شيء يخفف الموت عن المدنيين العزل.

هذه الهدنة التي باتت غطاء لنظام الأسد وحلفائه اليوم لتمكين سيطرتهم وتوسعهم على حساب أكثر من 350 ألف مدني باتت الأقبية ملاذا لهم لتحميهم من صواريخ الموت المستمرة بالسقوط على مدنهم وبلداتهم، تفتقر لأدنى مقومات الحياة، يصدر الموت في كل دقيقة، مع مماطلة المجتمع الدولي الذي بات بنظر أهالي الغوطة راعياً رسمياً لهذا القتل والتشريد.

وباتت الهدنة اليوم في نظر أبناء الشعب السوري عامة والغوطة خاصة هدنة قاتلة مدمرة تعبر عن عجز المجتمع الدولي عن تطبيق أدنى حقوق الإنسان ومناصرة الشعب السوري الذي يتعرض لحملة إبادة جماعية لم تكن الأولى التي رعتها الأمم المتحدة وحقوق الإنسان ومجلس الأمن في سوريا فقد أبيدت مدن وبلدات في الرقة ودير الزور وحلب وإدلب وداريا ودرعا والغوطة الغربية وحمص وهم ينددون يعبرون عن قلقهم لا أكثر.

عانت الغوطة الشرقية طيلة خمس سنوات مرارة الموت المستمر جوعاً وقصفاً وحصاراً، لم تنفع كل النداءات والدعوات والاستغاثات لتخفيف حدة الموت الذي يلاحق أهلها من بلدة لأخرى، دمر الأسد وحلفائه كل حياة بتدمير المشافي والمعامل والمصانع والسيطرة على مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية، هذا عدا عن منع دخول المساعدات الطبية والغذائية، أمام مرأى العالم أجمع.

قدمت الغوطة الشرقية خلال سبع سنوات من الحراك الثوري أكثر من 13 ألف شهيد ومئات الألاف من الجرحى، وواجهت أكبر مجزرة كيماوية في 2013، وصمدت لخمس سنوات ولاتزال في وجه الحصار المفروض عليها والموت الذي يحاصرها من كل اتجاه، حتى تفرغ النظام وروسيا لها في الأشهر الماضية وكثف من ضرباته وغاراته مسجلاً المزيد من الشهداء والجرحى.

الغوطة اليوم تعيش القيامة في الأرض قبل نهاية العالم فعلياً، وحيدة منكوبة محاصرة، ينتظر مدنيوها الموت في كل ثانية وكل دقيقة مع كل صوت طائرة أو ضربة مدفع أو راجمة، ولا تكاد مشاهد الموت اليومية تفارقهم فشهيد هنا ومجزرة هناك، وشهيد يحمل شهيد وينعي شهيد ويشيع شهيد، والعالم يتفرج، ورسالة من تبقى للعالم "مازلنا على قيد الحياة حتى إشعار أخر".

المصدر: شبكة شام الكاتب: أحمد نور
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ