الموصل بين المطرقة والسندان.!!؟
الموصل بين المطرقة والسندان.!!؟
● مقالات رأي ٢٢ أكتوبر ٢٠١٦

الموصل بين المطرقة والسندان.!!؟

نعم.. أنا مع نظرية المؤامرة.

منذ بداية القرن الواحد والعشرين والمؤامرة العالمية مستمرة على العراق والشام بشكل خاص، والحديث في هذا يطول..

والموصل هي فصل من فصول حكاية هذه المؤامرة، ومثلها الرمادي والفلوجة وحلب والقصير وداريا وتدمر.

لنقل إن الحكاية بدأت من هروب أو تهريب 500 سجين من عناصر القاعدة في العراق في تموز من عام 2013. في عهد نوري المالكي الميمون.!!.

ما غاية هذا الهروب أو التهريب، لاسيما إذا ما علمنا أن احتجاجات أهل الأنبار السلمية في ذلك الوقت بدأت تفرض حضورها على الساحة السياسية والاجتماعية، وتترك صدى مسموعاً على المستوى العربي والدولي.!!؟.

وزير العدل العراقي السابق حسن الشمري يقول: إن تهريب السجناء كان بهدف تعظيم دور تنظيم القاعدة.

ويقال إن بعض العناصر السابقين في تنظيم القاعدة وافقت على التعامل مع الاستخبارات الإيرانية وانضمت إلى صفوف تنظيم الدولة الإسلامية المشكل حديثاً.

ثم استفحل التنظيم إلى أن استولى على الموصل في حزيران عام 2014 بدون أي قتال يُذكر.

كان عدد أفراد الجيش العراقي في الموصل يزيد عن ثلاثين ألفاً هربوا كلهم بالقمصان الداخلية أو بالثياب المدنية أمام سطوة ألفين أو ثلاثة آلاف عنصر من تنظيم الدولة، وهكذا استولى التنظيم على كامل أسلحة الجيش من دبابات ومدافع وأسلحة متطورة، إضافة إلى أكثر من نصف مليار دولار لطشها التنظيم من البنك الحكومي.

كيف حدث هذا.!؟. الجواب عند من يرفضون نظرية المؤامرة.!!.

بعد هيمنة التنظيم على الموصل روّجت إيران لوعدٍ إلهي باستعادة المدينة من خلال عرض إعلامي لصور قاسم سليماني القائد الأسطوري الإيراني الذي لا يقهر.!!، وهو محاط بعساكره، ويتعهد بتحرير الموصل قريباً.

لكن تنظيم الدولة بقي وتمدد في العراق ثم الشام، وفي مناطق العرب السنة حصراً، وأعلن أبو بكر البغدادي الخلافة الإسلامية أمام تهليل وتكبير المريدين، وكيف لا يكون كذلك، والبغدادي القرشي الحسيني، كما يُطلق عليه تفخيماً وتعظيماً، سوف يطبق الشريعة الإسلامية.!!؟. في أراضي دولة الخلافة، وهكذا بدأ يقطع يد السارق ويرجم الزانية ويقتل المرتد ويفرض الجزية على أهل الذمة.!!.

وهذا هو التدمير الثاني للمدن السنية في العراق بعد تدميرها الأول على يد الاحتلال الأميركي، وبعد تدمير المدن السنية في سورية على يد سلطة الأسد والمتعاونين معه من ميليشيا إيران وحزب الله اللبناني، وفيما بعد على يد القيصر الروسي بوتين الذي عاث في الأرض إجراماً.

أمام هذا الخطر الداهم.!! أمر العبادي بتشكيل ميليشيا الحشد الشعبي الطائفي تلبية لنداء السيستاني بالجهاد الكفائي، ثم كانت استراتيجية القرار الإيراني بأن يصبح الحشد الشعبي سلطة موازية أو أقوى من سلطة الجيش العراقي، كما هو الحال مع الحرس الثوري الإيراني.

وهكذا تغولت هذه الميليشيا حتى أصبحت دولة ضمن دولة، فهي لا تتلقى أوامرها من رئيس الوزراء ولا من الجيش العراقي، فقط هي تلتزم بأوامر وتوجيهات مكتب الولي الفقيه في إيران، تماماً كما هو الحال مع ميليشيا حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن.

واليوم تتألف فصائل الحشد الشعبي من 67 فصيلاً، وهي تموَّل من خزينة العراق وتتحلى بشرعية الوجود، تماماً كما هو حال أي دار بغاء مرخصة بشكل رسمي.

والحكومة العراقية المرخِّصة لهذا الحشد رصدت له هذا العام مبلغ مليار دولار وفتحت له مخازن الجيش العراقي وصار قادراً على صنع صواريخ وعربات عسكرية، جعلت قادته يعلنون صراحة أن الحشد صار أقوى من الجيش العراقي.

ومنذ بداية تشكيل هذا الحشد كان يعتمد على الحقد المذهبي لمحاربة العرب السنة بحجة محاربة داعش.

ولكي تتوالى فصول الحكاية ذبحت داعش رهينة أميركية في أيلول 2014، ثم رهينة ثانية في تشرين الثاني، وهكذا أصبح داعش والإرهاب الإسلامي مشهوراً بذبح الناس الأبرياء، وأمسى الإعلام العالمي والعربي التابع له يشتغل على هذه اللعبة ليلاً نهاراً.

وانتقاماً للذبيحتين أمرت أميركا بتجييش الجيوش وأعلنت عن قيام تحالف من عشرات الدول لمحاربة داعش، وكانت أولى ضرباته الجوية في 19 أيلول 2014.

ويقال إن أول من طالب بإنشاء هذا التحالف هو الملك عبدالله بن عبدالعزيز حيث حذّر الغرب من داعش وألحّ على التدخل لمحاربته.

واستمرت المطمطة بمحاربة داعش إلى أن أُنهكت المنطقة العربية السنية في العراق والشام، وأخيراً لابد للثمرة من أن تنضج ويحين قطافها.

وهكذا بدأ التحول الكبير، واتُخذ القرار بالقضاء على داعش.

وفي البدء كان العراق، فقد انطلق التدمير الثالث والأخير بحق أهل السنة، فبعده لن يكون هناك شيء قابل للتدمير، وإن حدث فهو تدمير المدمَّر، ويكون حلم نوري المالكي قد تحقق، فهو القائل: سنجعل العرب السنة ثلاثة أقسام، قسم تحت التراب وقسم في بلاد الشتات وقسم يصبحون عبيداً عندنا ".. هذا ما قاله نوري المالكي، كما روي عنه، والله أعلم.

في أقل من عام تم تدمير تكريت والرمادي، والتدمير الأكبر جرى في مدينة الفلوجة، وكان الدور الأكبر للحشد الطائفي في ارتكاب المجاز ضد أهل هذه المدن بحجة انتمائهم لداعش.

والآن جاء دور الموصل، فقبل أيام قليلة بدأت حرب عالمية ضد هذه المدينة، وهي الآن تنتظر مصيرها الأسود، فالتحالف يضم 86 دولة، وهم يواجهون خمسة آلاف أو أكثر قليلاً من داعش. وهناك أكثر من مليون ونصف إنسان محصورون بين المطرقة والسندان.

إذن لن يكون حال الموصل أقل سوءاً من حال الفلوجة.

حيدر العبادي يدّعي أن الحشد الشعبي لن يشارك في تحرير الموصل، لكن ميليشيا القوات العراقية والحشد الشعبي يرفعون الرايات الطائفية ويهتفون بعبارات مذهبية تحريضية، وهم في الطريق الى الموصل، وأحد عوامِّهم يقول: سندخل الموصل والمدينة المنورة ونقيم مجالس حسينية في الكعبة.

أما قيس الخزعلي الامين العام لـ عصائب أهل الحق، والمتخم بالحقد التاريخي، فيقول بالصوت والصورة: تحرير الموصل هو تمهيد لدولة العدل الإلهي وثأر وانتقام من قتلة الحسين لأن هؤلاء الأحفاد ( أهل الموصل ) من أولئك الأجداد ( بني أمية ).

من هنا فإن أميركا تعلم ما سوف يجري في الموصل، ولذلك فإن رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي وجه رسالة إلى حيدر العبادي حذر فيها من تكرار سيناريو الفلوجة.

هذه الرسالة أشبه بفقاعة صابون كاذبة، فقبل أن يجف حبر رسالة المسؤول الأميركي، بدأت الأعمال الإجرامية تُرتكب، فعند نزوح المئات من الموصل خوفاً من وقوعهم بين نارين، استقبلتهم ميليشيات الحشد الطائفي، فعبر شريط فيديو ظهر على صفحات التواصل الاجتماعي بدأ أحد عناصر الميليشيات، وهو يهوي بمطرقة حديدية على بعض الفارين من الموصل في عملية تكسير العظام البشرية من المدنيين.

فإذا كانت البداية هكذا، فكيف يكون الحال بعد دخول الميليشيات الطائفية إلى الموصل، والصحف الإيرانية توحي بأن المعركة هي بين الفرس والعرب السنة..!!؟.

في الموصل نحو مليون ونصف إنسان، وكلهم معرضون لمصير مخيف، ولا سيما إذا ما علمنا أن إيران وعبر ميليشياتها سيصبون أحقادهم على أهل الموصل، فالموصل بحسب محلل عسكري عراقي كان برتبة لواء يقول: إن ما يميز الموصل هو أنها كانت تضم عدداً كبيراً من قادة الجيش العراقي، والإيرانيون الآن يريدون الانتقام من هزائمهم على يد العراقيين في حرب الثماني سنوات ".

وذكر المحلل العسكري أن 80 % من عناصر مكافحة الإرهاب في الجيش العراقي هم من المليشيات الإيرانية، فيما ينتسب عناصر الشرطة الاتحادية إلى مليشيا عصائب الحق"، كما أن 95 فصيلاً من الميليشيات الطائفية سيشاركون في المعركة بإدارة مباشرة من المخابرات الإيرانية المعروفة باسم " اطلاعات " وهذا يعني دمار الموصل.

ولا أظن أن اشتراك تركيا في حرب الموصل سيغير كثيراً من معادلة الدمار المتوقع.

من هنا أستعير أخيراً فقرتين من مقالي " الفلوجة وقطع الرؤوس " الذي نشر قبيل سقوط الفلوجة:

إن الفلوجة ( الموصل ) ستسقط، عاجلاً أو آجلاً، وستُرتكب العديد من المجازر بحق الأهالي، ويُشرّد الباقون، ويهيمون تائهين في الآفاق، وتصبح الفلوجة ( الموصل ) قاعاً صفصفاً وأطلالاً دارسة، كما حدث مع مدينة تكريت والرمادي.

أما عناصر تنظيم الدولة، فربما يجري بينهم وبين الميليشيات الإيرانية والعراقية اتفاق باطني..!!. بحيث يتسللون من الفلوجة ( الموصل )، ويتوجهون إلى أماكن أخرى متفق عليها لاستكمال عملية خراب المدن والعمران وإبادة العرب السنة، سواء في العراق أم سورية أم غيرها من البلدان العربية ".

ومن أجل كل ما تقدم أنا أؤمن بنظرية المؤامرة.

الكاتب: عبد الرحمن عمار
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ