النظام السوري وقضية فلسطين
النظام السوري وقضية فلسطين
● مقالات رأي ١٩ أبريل ٢٠١٥

النظام السوري وقضية فلسطين

"المقاومة والممانعة" سلعتان تتحرّك عن طريقهما بورصة النظام السوري، على مر أربعة عقود، ورقة رابحة، يتفاوض على أساسها في المحافل الدولية، مدّعياً نفسه ولي أمر القضايا العربية، بعدما جعل من القضية الفلسطينية قضيته المركزية الأولى، على حد ادعائه، لكسب الشارع العربي، عبر شعاراتٍ لا تمت بصلة للحقيقة، مثل "الأرض مقابل السلام"، حيث كان يرفض التفاوض مع دولة إسرائيل من منظمة التحرير الفلسطينية، كما لو أنه ممثل شرعيّ ووحيد للشعب الفلسطيني!
لكن، وفي الوقت نفسه، وافق على إخراج الرئيس الفلسطيني، ياسرعرفات، في بدايات الثمانينيات من لبنان. وبالتالي، تمكنت منظمة التحرير من استعادة هذه الورقة من يد النظام السوري، بعد مؤتمر مدريد الذي انعقد عام 1990 بضغط دولي، وإصرار المنظمة على أنها الممثل الوحيد والشرعي للشعب الفلسطيني.
وبقي النظام السوري على علاقة جيدة مع أحزاب وفصائل فلسطينية عديدة، ليلعب دوراً بارزاً في التحكم بالقرار الفلسطيني الداخلي، من خلال تلك الفصائل، حيث لا تزال قائمة منها، وهي تؤثر على القرار الفلسطيني، في هذه اللحظات العصيبة من الوضع الفلسطيني في سورية، بدءاً من الرمل الجنوبي في مدينة اللاذقية الساحلية، مروراَ بمخيم حندرات في حلب، شمالي البلاد، وانتهاءً بمخيم اليرموك في أطراف العاصمة دمشق، حيث يلعب النظام، مرة أخرى، على الورقة الفلسطينية، من خلال التنسيق والتعاون مع تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، بعدما سمح له النظام بالدخول إلى المخيم، بحجة مواجهة الإرهاب، لكسب مزيد من الوقت، لكي يبقى في سدّة الحكم، وصرف أنظار العالم عن جرائمه اليومية بحق الشعب السوري.
والسؤال الذي يطرح نفسه، هل يمكن للفصائل الفلسطينية التي تدّعي تمثيلها للشعب الفلسطيني أن تضع حداً لمأساة الفلسطينيين في سورية بشكل عام، وخصوصاً في مخيم اليرموك الذي يقع بين فكي الكماشة، حيث براميل النظام السوري ومدافعه من جهة، وفرض طوقٍ محكم من داعش على عشرين ألف فلسطيني هناك، من جهة أخرى؟ في المحصلة، نجد أن النظام السوري، على مر أربعة عقود، لعب على الورقة الفلسطينية، من دون أي حلٍ يذكر، لكي يستمر في ادعاءاته أنه يواجه العدو الخارجي، ممثلاً بإسرائيل، لصرف نظر المواطن السوري عن الوضع الداخلي، كحال الانتفاضة الكردية التي قمعها في عام 2004، وهي تطالب بالحقوق المشروعة للكُرد، وكذلك باقي مكونات الشعب السوري من الآشوريين والتُركمان وكذلك الأرمن، والطائفة السنيّة التي قُمِعت بوحشية كبيرة، إثر أحداث مدينة حماه بدايات الثمانينيات. وبالتالي، استمرار القضية من دون حلٍ، كان من أهم منطلقات النظام السوري بتناوبٍ بين الأسد الأب والأسد الابن حتى يومنا هذا، حيث لا يزال يدخل تلك البورصة من أوسع أبوابها، لكسب أهدافٍ خاصة به على حساب الدم الفلسطيني!

المصدر: العربي الجديد الكاتب: محمد رمضان
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ