برّي وتحرير السوريين!
برّي وتحرير السوريين!
● مقالات رأي ١٧ يونيو ٢٠١٨

برّي وتحرير السوريين!

باغتنا رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، بتصريح قال فيه إن إيران وحزب الله باقيان في سورية إلى أن يتم تحريرها. ومصدر المباغتة أننا كنا نتوقع صدور تصريح على هذا القدر من الخفّة عن طهران وحزب الله، وليس عن رجلٍ كنا نأمل أن لا يكون ضالعاً في خطط إيران ضد العرب ودولهم، ومغامرات حزب الله بما تحمله من تهديد لشعب لبنان، ولشيعته قبل غيرهم.

لم يفهم السوريون ما قصده الرئيس بري بـ"التحرير". إذا كان يقصد تحريرها من شعبها فقد قطع بشار الأسد وحسن نصر الله شوطاً طويلاً على هذه الطريق، وهما ليسا بحاجة إلى دعمه، بعدما استقدما إلى حربهما ضد سورية أعداداً كبيرة من مجرمي العالم السفلي في بلدان مجاورة وبعيدة، موّلها وسلّحها ودرّبها ملالي يرتكبون جرائم لم يسبق أن عرف تاريخ منطقتنا العربي/ الإسلامي ما يضاهيها في الفظاعة، بدعم من عسكر روسيا الذي غزا سورية لإنقاذ سفاحٍ أوهم نفسه أن باستطاعة قلة إخضاع كثرة، على الرغم من إرادتها وإلى الأبد، ولم يفهم أن عاقبة القمع والتخويف ستكون وخيمة عليه، وعلى مواطني سورية إناثاً وذكوراً، وأن هذا الشرق الذي ننتمي إليه، شرق السلطات التي لا تعترف بالمواطن والإنسان أو بحقوقهما، ولا تستند سلطاتها إلى عقد سياسي أو ميثاق مع مجتمعاتها، ولا تعرف القانون ودولة المؤسسات، وغيَّب حكامه رحمانية دين حوله فقهاؤهم إلى أيديولوجية سلطة مستبدة وغاشمة... إلخ، عرف على امتداد تاريخه تمرّداتٍ وانتفاضاتٍ وهبّات مظلومين ضد عالمهم الظالم، وضعوا خلالها دماءهم على أكفّهم ومضوا إلى نهاية شوط التمرّد، على الرغم مما تكبدوه دوماً من خسائر علي يد جلاديهم، كما يفعل شعب سورية اليوم، وسيظل يفعل إلى أن ينهار عالم البطش والفساد الأسدي الذي يقتل السوريين، ويدمر مقومات وجودهم المادي وعمرانهم. أعتقد أنك، أستاذ بري، تعلم أنه لم يعد لدى السوريين كثير مما يخسرونه. وفي المقابل، لم يعد لدى الأسد ونظامه فرصة حقيقية للبقاء، بعد أن غدا مجرد "شخشوخة" في يد من باعهم سورية، وأدت سياساته إلى إبادة من كان يحكم بهم، وأن من استجلبهم لقتل السوريين لن يختلفوا عن "وصيف وبغا"، قتلة الخلفاء اللذين سيلتهمان لحمه نيئاً، مثلما كانا يلتهمان من سبقوه، كلما جاعا إلى سلطتهم.

لا أعرف لماذا أحسست أنك ستصدر تكذيباً لما نُسب إليك، لاعتقادي، الذي أتمنى أن يكون صحيحاً، أنك ترى الأمور من منظور فيه بعض رحابة الحس الإنساني الذي يجعلك لا تصدّق أن شعباً معروفاً باعتداله الديني وحسّه المدني وعيشه المشترك، وخرج ينادي بالحرية لجميع السوريين، بمن فيهم الذين كانوا يطلقون النار عليه، صار إرهابياً بين ليلة وضحاها، وأن قتلته يحرّرونه من تطرف يهدد ايران المسالمة المسكينة، التي أرسلت آلاف القناصة إلى سورية قبل أسابيع من ثورتها، ثم أرسلت حزب الله إليها، وفي يدي مقاتليه قوائم بأسماء إرهابيين يهدّدون العتبات والمراقد المقدسة، فقتل بمحض الخطأ نيفاً وألف سورية وسوري غيرهم، وطرد ثمانين ألفاً من القصيريّين من بيوتهم ومواطنهم، قبل أن يلحق بهم إلى عرسال، ليحرّض جيش لبنان عليهم، كإرهابيين/ تكفيريين، على الرغم من أنهم عزل وجياع ويعصف بخيامهم حقد حزبٍ لم يجد أحداً ينسب نفسه إليه غير الله!.

دولة الرئيس بري: ينتظر السوريون أن تقوم بما ليس لديك اليوم ما هو أكثر أهمية منه: نفي أنك تنطق باسم إيران، وتؤيد حزباً يقتلهم ليحرّرهم مما يستحيل انتزاعه منهم: تصميمهم على حريتهم وحقهم فيها.

المصدر: العربي الجديد الكاتب: ميشيل كيلو
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ