بعد عطلة صيفية.. جنة الأطفال منازلهم
بعد عطلة صيفية.. جنة الأطفال منازلهم
● مقالات رأي ١ أكتوبر ٢٠١٧

بعد عطلة صيفية.. جنة الأطفال منازلهم

خلّفت الحرب في سوريا أوجاعاً وأسقاماً في نفوس السوريين، فباتت مشاهد الموت اعتيادية، وقصة حرمان الأطفال في ربيع العمر من ارتياد المدارس أمر بسيط في مقابل الحفاظ على حياتهم.

لم تعلما "نور" وأختها " كندا" أنّهما لن تتلقيا التعليم بعد أن بدأ العام الدّراسي الجديد أيامه الأولى، وأنّهما لن ترتديا الثياب الجديدة، والحقيبة المدرسية التي دفع ثمنها من مجموع النقود الموفرة، بعد أن حصلتا على خرجية العيد من المقربين من الأخوال والأعمام.

لكن المشاهد الأكثر قساوة أولئك الأطفال الذين قُطفت براءتهم بين الركام لتكون حصيلة الشهداء المبدئية بهم، ما دفع المعنيين في المناطق المحررة مدينة "إدلب" لتعليق المدارس لأيام متوالية؛ خوفاً من استهداف الطيران لأماكن التجمعات وأهمها: مدارس الأطفال التي سبقت وطالتها أيادي الغدر بمجازر عدّة، تندى لها جبين البشرية.

ونتيجة لملازمة الأطفال المنزل كانت مواقع التواصل الاجتماعي منصة يعبرون فيها عن معاناتهم وينقلون الواقع المرّ الذي يعيشونه في ظل حملات التصعيد للقصف، وبطريقة كوميدية و هزلية، ومنها ” جنة الأطفال منازلهم” و” لا مدارس واقفة على جدرانها" وغيرها من الأساليب الساخرة التي تخفي وراءها ألف قصة وغصة، لأطفال ينتظرون نهاية نظام يغري حليفته روسيا  بأراضيه وكأنها قطعاً من الحلوى المعروضة تعيث فسادا فوق تراب هذا الوطن.

يحاولون ببراءة طفولتهم رسم مستقبل يلائم أفكارهم وتطلعاتهم، وينسجون من وحي خيالهم صوراً ومشاهد تحقق لهم تلك التطلعات، يعيشون الواقع المخجل الذي لا يحقق لهم أدناها، فقد كان الأطفال سابقا ينتظرون نهاية العطلة الصيفية لينكبوا على مقاعد الدراسة بجّدٍ ونشاط، لكن الصدمة كانت كبيرة مع الواقع المخجل الذي لا يحقق لهم طموحهم.

(وسط تلك المتغيرات على الساحة السورية يظهر سؤال يطرح نفسه، هل ستقبى موسكو تفرض نفسها كضامن؟! وسط صمت قاتل لا يعادله إلا الخذلان العربي بحق المدنيين السوريين الأبرياء)

تشابكت يدا الطفلتين وبخطىً بطيئة واصلتا طريق العودة إلى البيت، بعد حرص الأم على اصطحابهما إليها باكراً، وبنظرات الخجل من الواقع المرّ، دمدمت الطفلة "نور" بكلمات هادئة: "الله لا يوفقهن لسى ما فرحنا برجعة المدرسة.. بلشو بطياراتن يقصفونا"، تربت يدّ أمها على كتفها قائلةً: "سلامتكم عندي أهم من كل شيء.. الله يفرجها".

رغم صغر سنّ الطفلتين إلا أنهما يمتلكن عقولا نيرة وأذهانا مبدعة وقدراً كبيراً من الوعي والفهم للواقع الذي فرض عليهم، ورغم حرمانهن من طفولتهم الناعمة إلا أن الحرب أكسبتهن القوة والصلابة في مواجهة صعاب الحياة ومجابهة نظام خرج من قمقمه بعد صرخة حرية نطق بها أطفال الثورة.

تعود الطائرات للتحليق مجدداً في سماء المدينة التي تنزف دماً لتسرّع خطوات الطفلتين البائستين نحو باب منزلهما، علّ جدرانه بحدّ زعمهما تنجيهما من الموت... والله خير الحافظين.

الكاتب: بيان بيطار
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ