تحالف إقليمي لمواجهة الموت الزاحف من إير
تحالف إقليمي لمواجهة الموت الزاحف من إير
● مقالات رأي ١٠ مارس ٢٠١٥

تحالف إقليمي لمواجهة الموت الزاحف من إير

تتجمع في جغرافية المنطقة ملامح تشكل لتكتل إقليمي من الدول العرببة وتركيا لمواجهة تداعيات الهجوم الإيراني على الشعوب العربية ومحاولتها فرض واقع سياسي وأمني يهدد إستقرار المنطقة لعقود ويجعلها رهينة لمزاج الحاكم الإيراني وأهواءه.

تعمل السعودية على بناء عناصر هذا التحالف وتأسيس هيكليته من مجموعة من الدول العربية والقوى الإقليمية، تركيا وباكستان، فيما يبدو انه مسعى لقيادة التحولات التي سوف تشهدها المنطقة في المرحلة القادمة، وذلك بهدف إعادة التوازن وضبط التفاعلات الخطيرة التي تواجهها المنطقة، والأهم من كل ذلك، مواجهة تداعيات الهجوم الإيراني الكاسح.

كان من المنتظر منذ زمن أن بتأسس مثل هذا التحالف، ذلك أن جرائم إيران فاقت حدود المعقول والتصور، عبر تغييرها العنيف للتركيبة الديمغرافية من خلال ما اقترفته أذرعها وميليشياتها من عمليات قتل واسعة النطاق وتهجير ممنهج طال ملايين السكان في العراق وسورية، في وقت نأى المجتمع الدولي بنفسه عن الإجرام الحاصل، وهو ما يجب تسجيله بإعتباره خيانة للقيم التي تأسست عليها شرعة الامم المتحدة، فلم يكن مطلوبا إرسال الجيوش لإقتلاع نظام الأسد الذي إستخدم كافة انواع الأسلحة لقتل المدنيين وتهجيرهم، بل وقف عدوان دولة خارجية ( إيران) أنفقت مليارات الدولارات ثمن لأسلحة صوبتها عصاباتها على شعب أعزل.

غير أن العبث الإيراني تجاوز كل الخطوط الحمر عندما بدأ بؤسس لمشروع يهدف السيطرة على مفاصل الخريطة الإقليمية برمتها والسيطرة على أهم ركائزها الجغرافية والديمغرافية وذلك حتى يتسنى لطهران التحكم باللعبة الإقليمية وتقديم تفسها للقوى الأخرى، أميركا وإسرائيل، على انها اللاعب الجدير بالثقة، على مصالح العرب والدول الإقليمية الأخرى، فثمة فارق بين الخطاب تسوقه إيران لشعوب المنطقة عن المقاومة والمظلومية، وبين ما توشوشه للدوائر الغربية عن كونها القوة القادرة على حفظ الإستقرار في المنطقة وحماية المصالح الغربية، وعلى رأسها إسرائيل، فإيران القوة الطائفية بإمتياز لا يعنيها من المشرق سوى الإنتقام من العرب السنة، وهي أصلاً لا تفعل سوى ذلك، مستغلة ظهور تنظيم داعش لتقديم نفسها على أنها القوة العقلانية الوحيدة في المنطقة.

هذه السياسات العدائية التخريبية في المنطقة والتي باتت تتخذ نمط العربدة كان من المنطقي ان تفرز إستجابات بحجم التحدي الذي تطرحه والذي وصل إلى حد إلغاء وجود المكونات المتناقضة معها، دولا كانت ام شعوبا، وقد أثارت هذه السياسات غضب شعوب المنطقة كما كانت السبب في ظهور إستجابات غير منظمة إتخذت طابع الإرهاب الموازي للإرهاب الإيراني وذلك نتيجة حالة اليأس من مواجهتها وإبعاد أثرها السلبي عن شعوب المنطقة.

ولعل دوائر صنع القرار في المنطقة أدركت أن إستمرار عدم التصدي للسياسات الإيرانية سينتج عنه حالات من التصدع المجتمعي والإنفلات الأمني بحيث تصبح دول الإقليم بين نار الجماعات المنفلتة ونار التوسع الإيراني الذي بات يضغط بقوة على جغرافية المنطقة ويهدد بتدمير بنياءاتها الإجتماعية والإقتصادية، من هنا جاءت المبادرة السعودية بتشكيل هذا التحالف، ولو بحدوده الدنيا، في إطار التنسيق بين الدول المتضررة، ورغم وجود العديد من التباينات بين أطراف التحالف المزمع عقده، إلا أن ثمة توجه يقضي بتنحية الخلافات الجانبية وإعادة ترتيب الأولويات وتعيين مصادر الخطر والتعامل معها حسب درجة إلحاحيتها وتأثيرها على أمن وإستقرار الدول.

ولا شك أن مواجهة الخطر الإيراني الذي بات يشكل كماشة على دول الخليج من العراق واليمن، فضلا عن محاولة تهديد إستقرار الأردن وعزل تركيا عن العالم الغربي، يأتي في مقدمة أولويات دول المنطقة، وبالتالي فمن المرجح أن تشهد الفترة القادمة بداية تصادم علني على أكثر من جبهة، الملامح الاولى بدأت في اليمن، والواضح أنه سيجري ترتيب البيئة المواجهة للحوثين من القوى اليمنية الرافضة للإنقلاب، كما ان سورية إحدى أهم الساحات المرشحة لمواجهات مقبلة، وخاصة بعد تعهد السعودية وتركيا بتقديم مساعدات للثوار تنتج تغييرات ملموسة على الأرض، ولعل الترجمة الفورية لمثل هذا التعهد تزويد الثوار، وخاصة في الجنوب والشمال بأسلحة نوعية من شأنها تغيير المعادلة على الأرض بعد محاولة إيران تدمير هاتين الجبهتين بكل ما أوتيت من قوة.

لم يعد ممكناً ترك الوحش الإيراني يتجول في المنطقة على هواه ويوزع الموت والدمار في كل مكان، فقد ثبت بالوقائع الدموية أن في إيران نظام عنصري طائفي لا مكان للقيم والأخلاق في سلوكه السياسي، وينتهج سياسات الغدر والتشفي ويتمنى لو أن العالم يغمض عينيه للحظة حتى يتمكن من إبادة شعوب المشرق.

المصدر: أورينت الكاتب: غازي دحمان
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ