تشريع العنصرية ضد السوريين
تشريع العنصرية ضد السوريين
● مقالات رأي ٢٩ ديسمبر ٢٠١٤

تشريع العنصرية ضد السوريين

ليس خافياً أن ما يواجهه اللاجئ السوري في بعض بلدان اللجوء العربي، تجاوز كل حد، ووصل إلى حد الإهانة لشخصه، واتهامه بشتى أنواع الخيانة، وعدم الوفاء لوطنه وبلده، لمجرد اضطراره إلى مغادرته، تحت وطأة البراميل المتفجرة والصواريخ الفراغية، والاعتقالات العشوائية، وتفجير البيوت والمنازل، والإذلال على الحواجز، فقط لكونه ينتمي إلى منطقة أو بلدة أو حي طالب أهله بالعدالة الاجتماعية، والديمقراطية السياسية، وإنهاء عهد الاستبداد منذ زمن الأسد الأب!.
في لبنان، الذي يستضيف نحو مليوني لاجئ سوري، منهم 1.2 مليون لاجئ مسجل لدى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، لا يكتفي أنصار النظام وموالوه بالتعرض للمواطن السوري، أينما حل، والتضييق عليه ومساءلته، وكأنه في أحد فروع المخابرات التي ربما ذاق الشخص اللبناني نفسه بعض ويلاتها، بل تقف الحكومة اللبنانية متفرجة على هذه المحاولات "الخسيسة"، للنيل من الوجود السوري في لبنان، وفي أحيان كثيرة، متجاهلة دورها في ضبط الشارع اللبناني المنفلت في بعض دوائره، إزاء الوجود السوري.
وأخيراً، أصدر وزير العمل اللبناني، سجعان قزي، قراراً يحدد فيه المهن الواجب حصرها في اللبنانيين فقط دون غيرهم، مع بعض الاستثناءات للفلسطينيين والسوريين. ويحصر القرار الذي يعتبر عنصرياً، بكل معنى الكلمة، معظم أنواع الأعمال الممكنة في اللبنانيين، لكنه استثنى قطاعات الزراعة والنظافة والبناء، حيث يمكن للسوريين أن يعملوا فيها. الأعمال التي يحظر ممارستها من غير اللبنانيين هي الأعمال الإدارية والمصرفية والتأمينية والتربوية على اختلاف أنواعها، والأعمال التجارية، على اختلاف أنواعها، والهندسية، والمهن الحرة، وسائر المهن المنظمة وكل مهنة أو عمل يثبت أنه يشكل مزاحمة أو ضرراً لأصحاب العمل اللبنانيين.
ويؤكد قرار وزير العمل اللبناني اتجاهاً سياسياً، يرتبط بأسس النظام الذي بنيت عليه الجمهورية اللبنانية، وليس "لحماية القوى العاملة اللبنانية"، فالمقصود بالقرار، بالطبع، السوريين الذين نزح مئات الآلاف منهم من بلدهم، كما أنه يتابع سياسة إقصاء وتمييز ضد الفلسطينيين مستمرة منذ عقود.
لا يكتفي القرار بإغلاق الباب أمام العمال، بل يحظره، أيضاً، على من يملك المال أو الإمكانية لإنشاء عمل يخصه، ويضم ذلك "الأعمال التجارية على اختلاف أنواعها". وبذلك يمنع أي فرصة للسوريين للخروج من وضعية اللاجئ، محولاً إياهم، بالتالي، إلى أرقام بائسة محكوم عليها بالخوف والذل والفقر.
يشتكي لبنان من افتقاره الدعم المقدم له، لإعانته على احتضان اللاجئين السوريين، على الرغم من أن بلداناً كثيرة قدمت مساعدات لتأمين حاجات السوريين في المدن اللبنانية، كان آخرها تقديم الولايات المتحدة الأميركية 617 مليون دولار لصالح اللاجئين، فضلاً عن تعهد الدول الغربية بتوطين 2.5% من اللاجئين في دول الجوار، أي نحو 200 ألف لاجئ سوري في أراضيها، لتخفيف الضغط على هذه الدول المستضيفة. قد تكون شكوى محقة في بعض الجوانب، لكن ادعاءات حماية العمالة اللبنانية التي لا تعمل في مهن كثيرة محظورة على السوريين، وهواجس الحكومة اللبنانية من توطين لاجئين غير مرحب بهم في لبنان، إلا في حالة الاضطرار، أمور لا تبرر التعامل العنصري مع اللاجئين المغلوب على أمرهم في لبنان، لا سيما أن 70% منهم هم من النساء والأطفال، ويعيشون في فاقة وعوز، شهد به القاصي والداني، فهل ظلم ذوي القربى أضحى مباحاً ومبرراً، على الرغم من خروجه عن أبسط مبادئ الإنسانية، وأصول حسن الجوار!

المصدر: العربي الجديد الكاتب: هشام منور
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ