حزب الشوربة.. الإدمان على اختراق الموساد
حزب الشوربة.. الإدمان على اختراق الموساد
● مقالات رأي ٢٨ ديسمبر ٢٠١٤

حزب الشوربة.. الإدمان على اختراق الموساد

مرّت حادثة اختراق الموساد لحزب الله من خلال الوصول إلى أو وصوله إليهم بالأدق محمد شوربة مسؤول العمليات الخارجية للحزب منذ عام 2008 ومسؤول الحماية الأمنية لزعيم الحزب حسن نصر الله من قبل مرور الكرام على النخب العربية والإسلامية، تماماً كشقيقاتها من حوادث مماثلة أعلن فيها عن اختراق الموساد للحزب، وهنا نسجل الحالات المعلن عنها فقط، التي قد تشكل قمة جبل الجليد من حجم الاختراقات المخفية، فقد سبق أن أقرّ نصر الله عام 2011 بعمالة عنصرين من الحزب للسي آي إيه، وفي عام سبتمبر من العام نفسه أُعلن الكشف عن شبكة موساد داخل الحزب مؤلفة من خمس قيادات عليا دون إعطاء تفاصيل كالعادة، وفي يناير العام الماضي كشف عن خلية موسادية من عشرة أشخاص كان من بينهم المسؤول المالي للحزب..

حرب الأجهزة الأمنية ليست بجديدة في عالم التجسس، لكن الجديد هو تطوع محمد شوربة المتبوئ لهذا المنصب الحساس بنفسه بالاتصال مع الموساد، واستعداده العمل معهم، وقد وفّر له منصبه الحساس القدرة على إحباط خمس عمليات ثأرية رداً على  مقتل عماد مغنية بحسب مسؤول أمني لبناني للواشنطن بوست، والأكثر إثارة هو تقلد الجاسوس لأخطر منصب وهو مسؤول الحماية الأمنية لحسن نصر الله، وهذا يعني باختصار أن لا مصلحة للموساد في التخلص من حسن نصر الله كما فعل مع ياسر عرفات.

الحزب كان مشغولاً في قتال من يصفهم بأذناب الصهاينة بحلب ودرعا وإدلب ودمشق وحمص وغيرها، أما جواسيس الصهاينة الذين يسرحون ويمرحون حول زعيم الحزب ويضعون الاستراتيجيات والسياسات الصهيونية من خلال مناصبهم، فهؤلاء من أهل البيت..

على هذا ينبغي تقييم أداء الحزب التاريخي إن كان باقتحام بيروت الغربية في مايو/ أيار 2008 أو من خلال حرب تموز 2006 التي أعلن صراحة زعيم الحزب حسن نصر الله ندمه على فعلها، ومن يدري فقد يُعلن الحزب لاحقاً أن من كان يدير العمليات الخارجية في سوريا عميلٌ للموساد، وبالتالي فكل أعماله ونشاطاته العسكرية الجارية في ذبح أطفال سوريا ووأد ثورتها وتدمير تاريخها من فعل الموساد وعملائهم الحزبلاتيين، فمن تمكن من خرق حزب الله بما يتعلق بالكيان الصهيوني لهو أقدر وأسهل من أن يحقق اختراقاً في جبهات أخرى مثل سوريا..

ترافق هذا الإعلان مع وقف حاتم الموسوي شقيق النائب في «حزب الله» حسين الموسوي  بتهمة تزعمه عصابة لسرقة السيارات في لبنان، وهذا هو الشقيق الثاني للموسوي الذي يتورط بقضايا أمنية وعدلية بعد شقيق آخر اتهم بفضيحة حبوب الكبتاغون المخدّرة العام الماضي.

القضية الأهم التي قد تعني الحركات الإسلامية والجهادية التي تتعاون أحياناً أو تنسق مع حزب الله أن تكون على حذر إن لم يكن من ذات الحزب نفسه، فعلى الأقل حذر لغيره، يعني لبدهية اختراق الموساد التي تكررت ووصلت إلى ذورة القيادات التي بنفسها تتطوع وتتبرع للتعامل مع الموساد، وهو الأمر الذي يذكرنا تماماً بما كتبه الباحثون والخبراء من أن الغالبية من جيش لبنان الجنوبي بزعامة أنطوان لحد كانوا من الطائفة الشيعية التي ينتمي لها حسن نصر الله وحزبه، ويأتي احتلال الصهاينة للجنوب ولفترة لا بأس بها ليزيد من الشكوك في أنهم نجحوا بإقامة شبكات تجسس خطيرة ومعقدة يتعذر الكشف عنها.

حين يتحول الشخص أو الحزب أو الدولة إلى ظاهرة صوتية، وتغلب المزايدات والشعارات الطنانة على الحزب أو الدولة فاعلم أن في الأمر انهيار شامل أو حرف للبوصلة على الأقل، فصوت العقلاء حينها لن يُسمع وسيتهمون بالخيانة والجبن، بينما من سُيسمع صوته هم العملاء والخونة وأعداء الوطن والأمة، والمزايدين الذين يهربون في أول إطلاقة رصاص، ومن أراد المزيد ففي كتاب مصارع الاستبداد للكواكبي غنية له كلنا عن معرفة المستبد وأعوانه وأحواله ..

لكن أشد اهتماماً هو غياب النخب الفكرية والسياسية والإعلامية عن سبر أغوار هذا الاختراق وأسبابه وخلفياته وتاريخيته فضلاً عن تداعياته ومستقبله، كل هذا تم تغييبه تماماً كما تم تغييبه في السابق، ولعل المرء يُسرّح خياله ويتساءل فيما إذا كان هذا الاختراق لحركة المقاومة الإسلامية حماس، أو للرئيس المعزول محمد مرسي أو للثورة السورية، كيف ستكون حينها ردّات فعل النخب؟!، يومها لن يكون هناك حجرٌ واحد لن يُقلب ألف مرة لمعرفة تفاصيل التفاصيل والجزيئيات وليس الجزئيات لهذا الاختراق وخلفياته وأبعاده ، فقليلاً من الحياء المهني ليس غير..  أيتها النخب؟!

المصدر: المسلم الكاتب: أحمد موفق زيدان
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ