حزب سوريا المستقبل.. دلالات وأسئلة
حزب سوريا المستقبل.. دلالات وأسئلة
● مقالات رأي ٣ أبريل ٢٠١٨

حزب سوريا المستقبل.. دلالات وأسئلة

كان لافتا الإعلان في مدينة الرقة السورية عن تأسيس حزب جديد باسم حزب سورية المستقبل قبل أيام، جاء إعلانا حمل معه جملة من الدلالات، لجهة التوقيت والمكان والرسائل والمأمول والأسئلة. مع أن ظاهرة انتشار الأحزاب والحركات والتنظيمات السياسية والعسكرية في الساحة السورية باتت من أهم مظاهر الأزمة السورية، إلا أن تأسيس حزب سورية المستقبل على أنقاض مدينة الرقة المدمرة، وبحضور نحو ألف شخص، يمثلون معظم مكونات الشعب السوري، أمر مثير، لا سيما لجهة الأسئلة، فالساحة التي عقد فيها المؤتمر هي نفسها التي رفعت فيها صور الزعيم الكردي عبدالله أوجلان، عقب طرد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) منها، والمدينة، الرقة، تقع تحت سيطرة "قوات سورية الديمقراطية" التي تشكل وحدات حماية الشعب عمادها الأساسي. وعلى الرغم من الحضور الكردي النوعي والكثيف في المؤتمر، إلا أن القاعة التي عقدت فيها الجلسات خلت من أي علم أو شعار أو لغة أو إشارة إلى الكرد ولغتهم، بل ومطالبهم التي رفعوها طوال الفترة الماضية! مع أن ثمة قناعة راسخة لدى الأوساط المطلعة بأن الطرف الكردي، وتحديدا حزب العمال الكردستاني، هو من يقف وراء تأسيس هذا الحزب.

في الأوساط الكردية، ثمّة من يعتقد أن تأسيس هذا الحزب جاء وفقا لرغبة أميركية، لها علاقة بتأسيس تنظيم يحظى بقبول من جميع الأطراف السورية، ولا يثير التوتر مع الدول الإقليمية، وتحديدا تركيا التي دخلت في مواجهة مفتوحة مع المشروع الكردي في شمال شرق سورية. ويضيف بعضهم أن هذا الحزب جاء ليكون بديلا عن حزب الاتحاد الديمقراطي، استجابة لظروف المرحلة الجديدة. ولعل هذا ما يوحي به ما جاء في البيان الختامي لمؤتمر الحزب، إذ خلافا لخطاب حزب الاتحاد الديمقراطي، حمّل البيان النظام السوري وحده مسؤولية الأزمة السورية، لاستمراره في نهج العسكرة. وحصر الإرهاب بتنظيمي داعش وجبهة النصرة من دون الإشارة إلى فصائل أخرى، كانت تصنف إرهابية وفق "الاتحاد الديمقراطي" وحركة المجتمع الديمقراطي. ونبه البيان إلى ضرورة إقامة أفضل العلاقات مع الجوار الجغرافي، وحدّد تركيا بالاسم خلافا للخطاب العدائي الحاصل بين تركيا والكرد، لم يشر البيان لا من قريب ولا من بعيد إلى الإدارة الذاتية الكردية أو فيدرالية شمال سورية أو إقليم روج آفا أو الكانتونات والمقاطعات... وغيرها من المصطلحات السياسية التي سادت الخطاب الكردي في السنوات الأخيرة، بل حرص البيان مرارا على الإشارة إلى وحدة الدولة السورية دولة ديمقراطية، لا مركزية، تعدّدية، تقوم على المواطنة والحقوق والواجبات، وذلك كله من خلال التغيير السلمي ومؤتمر جنيف وفقا للقرار الدولي 2254 ودستور جديد.

تجديد الخطاب الكردي مطلوب، بل وضروري، ولا سيما في هذه المرحلة حيث تظهر بوادر انشقاق كردي – عربي. لكن يبقى الأهم كرديا وسوريا كيفية تحويل هذا الخطاب إلى مرجعية سياسية وممارسة عملية، ومفاهيم ثقافية، تصب جميعها في الحالة الوطنية، من دون إنكار الهوية الكردية.

وعليه، يضع طمس الهوية الكردية، في مؤتمر انعقد وسط السيطرة الكردية، ما صدر عن المؤتمر في امتحان الاختبار، لا على المدى اللحظي القريب، بل في إطار استراتيجية بعيدة المدى، من خلال جعل هذا الخطاب مسارا فعليا للشعارات التي رفعت، ولعل المسؤولية عن ذلك تتجاوز حزبا بعينه إلى كل الأحزاب والقوى التي ترى نفسها معنيةً بمستقبل سورية.

المصدر: العربي الجديد الكاتب: خورشيد دلي
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ