خطورة المرحلة في ثنايا الاقتتال الداخلي
خطورة المرحلة في ثنايا الاقتتال الداخلي
● مقالات رأي ١١ أكتوبر ٢٠١٦

خطورة المرحلة في ثنايا الاقتتال الداخلي

مما لاشك فيه أن الثورة السورية التي خرجت ضد الظلم والاستبداد في 2011 تسير بمشيئة الله  وبمعجزة إلهية كبيرة، حيث انها صمدت رغم كل الخطوب والمؤامرات والتحالفات التي حيكت ضدها طوال السنوات الستة الماضية، قدم فيها الشعب السوري الألاف من الشهداء والملايين من المشردين، وسط استمرار القتل وشلالات الدماء على كامل تراب المناطق الخارجة عن سيطرة نظام الأسد.

بدأت الثورة كحراك سلمي تطور سريعاً للمسلح بهدف وقف تسلط القبضة الأمنية على الشعب والدفاع عنه بكل الوسائل المتاحة، فكانت البذور الأولى للحراك بتشكيل حركة الضباط الأحرار والجيش السوري الحر، تلاها ظهور تشكيلات وحركات متعددة الأسماء والرايات والأهداف، رفعت شعارات مختلفة، وكلها تهدف لإسقاط نظام الأسد، على تنوع منهاجها.

ومع تطور الحراك المسلح وتوسع الحركات لفصائل تضم ألوية وجيوش وجبهات وفيالق، بدأت الأمور تأخذ منحى جديد في الثورة وتزداد تعقيداً مع تنوع الأفكار وبدأ التعصب للفصيل وللجماعة على حساب الثورة والشعب، فكل يدعي أحقيته في الوجود والسيطرة، وصحة منهجه، تلتها موجات الطعن بالمناهج الأخرى وبدأت فتاوى التكفير والردة تتردد، فنشبت الحرب بين هذه المكونات والفصائل وبات الأسد يتفرج.

فكانت أولى الحروب بين الجيش الحر وتنظيم الدولة وبين التنظيم والفصائل الإسلامية في ريفي دير الزور والحسكة والرقة وامتدت إلى حلب وإدلب وحماة واللاذقية وريف دمشق ودرعا، فانحسر التنظيم من عدة محافظات بينما سيطر بشكل كامل على محافظات الرقة والحسكة وامتد إلى حلب وريف حماة الشرقي وريف دمشق ودرعا.

وعلى الرغم من تشارك الجميع في قتال التنظيم واتفاقهم على ردته إلا أن الشقاق والاقتتال بين الفصائل لم يتوقف فعاد في أواخر عام 2014 بين جبهة النصرة والجيش الحر، وتمكنت النصرة بمساعدة علنية لجند الأقصى وسرية من عدة فصائل من انهاء جبهة ثوار سوريا وحركة حزم وعدة مكونات في الشمال، تلاه انتهاء عدة مكونات حوربت بتهم جديدة غير الغلو والردة، كالعمالة والتخطيط لضرب الفصائل الإسلامية وغرها، فحوربت الفرقة 13 في إدلب وشبت حرب بين الفصائل في الغوطة الشرقية بين جيش الإسلام وفيلق الرحمن، أيضاً في درعا والاقتتال المستمر بين الثوار ولواء شهداء اليرموك وحركة المثنى.

ولو خضنا في نتائج الاقتتال في كل مرة لوجدنا خسائر باهظة للثوار في كل مرة دون أن تعوض حتى اليوم، فدرعا جمدت جبهاتها مع نظام الأسد وباتت تحارب الغلو، وريف دمشق خسرت أرضها الزراعية والمئات من الدنمات والمناطق والقرى، كما استفرد نظام الأسد بداريا وحلب وريف اللاذقية، وعشرات المناطق في ريف دمشق الغربي وحمص، وأخيراً في حماة، وبدأت مرحلة التهجير للشمال تتسارع مفرغاً جميع المناطق التي يخشى على سلطته فيها من أي سلاح أو ثوار، كما فرغت داريا رأس الحربة في خاصرة النظام بدمشق، ويتم العمل على حصار باقي المناطق وإجبارها على التسليم أو الاستمرار بالتجويع والحصار.

هذه النتائج السلبية للاقتتال الداخلي تحت أي بند كان تتطلب وعي عميق بخطورة المرحلة الراهنة، مع تكاتف واتفاق الجميع من قوى القتل ضد الشعب السوري، ما يوجب على الجميع إيجاد مظلة قضائية متفق عليها، تتولى فض النزاعات ومحاسبة المعتدين بأقل الخسائر الممكنة، لتجنب الساحة المزيد من الدماء والخسائر على الأرض من جميع النواحي.

كما يتطلب على الفصائل جميعاً توحيد صفوفها ضمن قيادة موحدة تعي خطورة المرحلة، وتغلب مصلحة الشعب الثائر على مصلحة فصائلها ومناهجها ورايتها بفصيل موحد قادر على قيادة المرحلة، وتسيير الدفة بالاتجاه الصحيح والتغلب على جميع العقبات التي تعترض طريق اسقاط نظام الأسد وكل من يقصف في وجه نيل الشعب السوري حريته وكرامته التي بذل لأجلها الدماء والتضحيات ومازال يقدم.

المصدر: شبكة شام الاخبارية الكاتب: أحمد نور
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ