داعش ورقة إيران الثمينة
داعش ورقة إيران الثمينة
● مقالات رأي ١١ سبتمبر ٢٠١٥

داعش ورقة إيران الثمينة

يمكن اعتبار "الدعشنة" أثمن منتوج تراهن عليه إيران اليوم، فبعد أن وضع الاتفاق مع دول 5+1 خطر التهديد النووي جانباً مدة 15 سنة، لاحت في الأفق فرصة الحرب ضد داعش. ومن خلال تعاطي طهران مع ورقة التنظيم الإرهابي، طوال الفترة الماضية، يظهر أنها تتعامل معها سلاحَ إرهاب وابتزاز ومساومة قوياً، قابلاً للتثمير في سوق العرض والطلب سنوات، لاسيما وأن الولايات المتحدة تضع محاربة داعش في مقدمة قائمة الاهتمامات الدولية، وتعمل، منذ أكثر من عام، على تركيب تحالف يواجه الفك المفترس الذي يهدّد العراق وسورية ويهزمه، ويتمدد ضرره إلى مصر وليبيا ودول الغرب. وكما هو معروف، ليست إيران دولة حديثة العهد، أو هاوية في ميدان بورصة الإرهاب، فهي، منذ أوائل الثمانينات، تلاعب العالم بأسلحة إرهابية، تبيع وتشتري من خلال رأسمال خاص، أثبت جدواه، وحقق نتائج باهرة جداً. وحين أوجدت حزب الله، في بداية الثمانينات، لم يكن هدفها الرئيسي محاربة إسرائيل فقط، بل صناعة سلاح فتاك متعدد الأوجه، أحدها إيجاد توازن رعب مع إسرائيل. ولكن، في الوقت نفسه، التلويح للمنطقة بعصى غليظة. ولهذا، نفذ الحزب عمليات مختلفة، مثل خطف الرهائن الأجانب والتفجيرات في بلدان عربية وأجنبية. ونظراً للعمليات التي ابتعدت عن خط المواجهة مع إسرائيل، تم إدراجه على لائحة المنظمات الإرهابية.
وبعيداً عن نظرية المؤامرة، انتبهت إيران، منذ زمن طويل، إلى مسألة الاستثمار في الإرهاب، تعلق الأمر بدعم أنظمة ذات بنية أمنية خالصة، مثل النظام السوري، أو حركات ومنظمات متطرفة. وكانت القاعدة من المنظمات التي فتحت معها الأجهزة الإيرانية صلات خاصة، قبل هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001، وهذا ما يفسر أن الكادر الرئيسي الذي هرب من أفغانستان سنة 2011، بعد سقوط حكم طالبان، اتجه الى إيران، ووجدت كوادر وعائلات نازحة كثيرة اهتماماً إيرانياً رسمياً خاصاً، بما فيها عائلة أسامة بن لادن.
هذا الأمر شائع في عالم وأجهزة مخابرات الدول الكبرى ذات المصالح والاهتمامات المتشعبة وعملها. وعادةً، تلجأ الأجهزة إلى عمليات تجسس واختراقات أمنية واسعة، من أجل الدفاع عن مصالح البلد. ومن الطبيعي جداً أن تكون لدى الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا، وحتى إسرائيل، عيون وآذان وكاميرات وولاءات وعوامل تأثير داخل القاعدة وداعش وحزب الله، تراقب وتسمع وتنقل وتؤثر في القرارات المصيرية. لكن، تبين من مجريات الحرب في سورية أن الاختراق الكبير للقاعدة، إيراني سوري وروسي، أعطى نتائج ملموسة، حيث حرف بوصلة الثورة السورية السلمية في 2011 إلى حرب مسلحة، ثم حولها إلى فوضى شاملة، تستدعي التدخل الدولي في عموم المنطقة. قلب الطاولة على هذا النحو لا يستطيع أبو بكر البغدادي وبضعة ضباط مخابرات بعثيين سابقين من جهاز صدام حسين القيام به وحدهم، لو لم ترعاه، وتشرف عليه وتموله، دول عظمى، مثل إيران وروسيا.
وفي المعادلة التي نشهدها في سورية والعراق، تبدو إيران صاحبة الحصة الكبرى في قرار داعش. ولذا، لا يجاملها أو يحاورها ويراعيها الغرب من فراغ، حينما يعتبرها المرجع الرئيسي في القضاء على البعبع، ويذهب إلى التفاهم معها إلى ملفات إقليمية أخرى، منها مستقبل الرئيس السوري، بشار الأسد، حيث كان لافتاً، الثلاثاء الماضي، تطابق تصريحي وزيري خارجية النمسا وإسبانيا بشأن الأسد، حيث قالا من طهران، وكل على حدة، إنه "لابد من ضم الأسد إلى التحالف ضد داعش".
تطابق كلام الوزيرين يتجاوز ضريبة المكان إلى اعتراف يصل إلى المثل المعروف "يكاد المريب أن يقول خذوني".

المصدر: العربي الجديد الكاتب: بشير البكر
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ