رب ضارة نافعة
رب ضارة نافعة
● مقالات رأي ٥ يونيو ٢٠١٥

رب ضارة نافعة

سعى تنظيم الدولة منذ بداية تأسيسه إلى طرح نفسه انه هو المشروع السني الناجح والوحيد سعيا منه إلى استقطاب كل طاقات هذه الأمة الجبارة ولم يأل جهدا في سبيل تسويق نفسه لذلك على أن يسحق أي مشروع سني صاعد فلم يتحرز عن الصلب او قطع الرؤوس أو بث الإشاعات  حتى للمسلمين السنة بل وللمجاهدين تحت ذرائع شتى.


ولقد استمد التنظيم مشروعية بناء دولته من ظاهر الكتاب والسنة مبرراً أنهم هم الإسلام وكل من حاربهم هو يحارب الإسلام وبالتالي فهو كافر مارق عن دين الله لا يستحق حتى الحياة.


ولا يخفى على أي متابع المزاج العاطفي للعرب والمسلمين عموما في العصر الراهن وعليه فقد دأب التنظيم على مداعبة تلك الأحاسيس ليستجلب حاضنة شعبية ترفده بالدماء الجديدة والأموال ونحن لا ننكر هنا حجم الشعبية التي بدأ التنظيم ينعم بها ولا سيما في البلدان التي لا تعرف عنهم أكثر من إصداراتهم.


إلا أننا بدأنا نرى عند صعود نجم جيش الفتح الذي جمع غرة الجهاد الشامي وتحقيقه الانتصارات التي سرقت القلوب ولفتت أنظار المراقبين، الصاعقة التي نزلت كؤودا على جماعة التنظيم فبدأت أنظار محبيهم تتحول عنهم لترى تجربة ناجحة لا تسعى إلى استعداء العالم بأسره و لا ترمي بهذا الشعب البائس في فم العالم أجمع، إنهم يعرفون كيف تؤكل الكتف، ويوردون إبلهم كما ينبغي , إنهم يسايسون العالم حيثما أمكنهم دون المساس بمبادئهم العريضة التي قاموا لها.


ومن هنا وجب على رؤوس داعش أن يعاجلوا جيش الفتح في ظل أخبار وتجهيزات تطيح بقوى النظام السوري وأذنابه في حلب وتمنع الفتح من نجاح تجربته في نسخته الحلبية.


هذا هو المؤمل وعليه تحركت جحافل المغفلين باتجاه صوران أعزاز على الرغم أنهم في الضفة المقابلة من الفرات يتراجعون أمام الأكراد ولكن لا يهم فلا خوف جوهري على مشروع داعش من الأكراد لأن مطالبهم دولة لا عرب فيها ولا يرى العرب هناك أنفسهم إلا أنهم في سفينة واحدة مع الدواعش حتى يمتلكوا حق البقاء في بيوتهم.


الا أن حسابات الدواعش لم تطبق على بعضها فجرعة الأمل التي استقتها الأمة بعد انتصارات جيش الفتح ومنظر الجنود الفارين من الجسر وهم برؤوس وبلا رؤوس والفشل الإعلامي الذريع لقوات النظام في تغطية تلك المعارك حقنت الشعب بلقاح حصنته من دعايات الدواعش التي بدأت تنغم على تعامل جيش الفتح مع الأتراك والقطريين والسعوديين من باب أنها مولاة للكفار متعامين عن بيعهم النفط للنظام السوري ومعللين ذلك بحاجات الدولة خاصتهم.


بل بدأنا نلمح الكثير ممن كانوا يناصرون تنظيم الدولة ينقلبون عليهم بعد خطأهم الاستراتيجي في ضرب الريف الشمالي لحلب ومن هنا نقول إن تعديهم هذا انقلب سلبا عليهم في أذهان الحاضنة الشعبية التي ترفد وتمد والتي تعد القوة التي لا تعلوها قوة سوى قوة الله.. وعليه نستطيع القول لجيش الفتح رب ضارة نافعة.

الكاتب: صلاح الدين
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ