روسيا تستكمل آخر أوراق "شرعية القرار"..
روسيا تستكمل آخر أوراق "شرعية القرار"..
● مقالات رأي ٤ نوفمبر ٢٠١٧

روسيا تستكمل آخر أوراق "شرعية القرار"..

تناول المحللون والنقاد تلك المؤتمرات المتعلقة بالشأن السوري منذ بداياتها وباختلاف صبغتها، و وضعوها موضع النقد بكافة حيثياتها وأسبابها ونتائجها "الوهمية". وصولًا إلى مؤتمر "سوتشي"، المزمع عقده في 7.11.2017، بدعوة من العدو الروسي.

تحليلات وشروحات مختلفة قبيل مؤتمر "آستانة" ومن قبله مؤتمر "جينيف" تتمحور بنقد المؤتمرات بعينها، دون الحديث عن تلك الشريحة التي تناولتها تلك المؤتمرات في أروقتها.

شريحةٌ خاصة لا شك آنها تعيش حالة من حالات الثورة آو المعارضة، لكن بقوانين ومبادئ وآليات عمل خاصة بها.

يضفون على أنفسهم التميز ويكررون على مسامعنا نفس السيناريو الذي سمعناه قبل الذهاب الى مؤتمر "جنيف"، وإن كانت جنيف أقل خطرا مما تلاها إلا أنها ممر لما بعدها، ليكرروا مرةً اخرى قبيل ذهابهم إلى "آستانة" ذلك الخطاب ومفاده.. (لنذهب ونكون نبض الثورة، نطالب بالمعتقلين، هدفنا إسقاط بشار الآسد، وآخر الكلمات.. إن لم نذهب يذهب غيرنا ويفرط بحقوق الثورة)

تلك الشريحة وبعد أعوام من تحقيق "اللا شيء" من المطالب، يلوحون اليوم لحضور مؤتمر "سوتشي"،" مؤكدين أنهم يرون (نبض الثورة-إطلاق سراح المعتقلين وإسقاط بشار الآسد)، في مؤتمرات لا تعدو أن تكون ثغرة في جسم ثورتنا.

وباعتبارها مؤامرات على الثورة وليست مجرد مؤتمرات. فما زالت فصولها تتوالى لتتسع الثغرة وتصبح رتقاً..

ديدن المحتل في العصر الحديث إضفاء الشرعية لاعتدائه على الآخرين، ابتداءً بالمستعمر الذي احتل بلادنا مطلع عشرينيات القرن الماضي بذريعة "صك الانتداب" الصادر عن عصبة الأمم، وصولا إلى روسيا في تاريخنا هذا.

والتي بات قادتها ومنظريها يتبجحون أن.. ("سلطة شرعية" في دمشق طلبت منا التدخل). وإن كان هذا ليس غريبا في المشهد السوري على نظام الآسد، ولكن ما يدعوا للاستهجان هو إضفاء الشرعية على روسيا من سوريا الثورة، من خلال مؤتمرات منحتهم صفة المراقب والضامن تارةً، ومقرراً تارةً أخرى.

ليس الغريب أن تصادر روسيا قرار نظام "بشار الآسد"، إنما العبء الثقيل منحها هذا الأمر عن الثورة، بمؤتمرات عدة ابتداءً "بأستانة" التي كانت منعطفاً خطيراً في مسار ثورتنا ومآلاتها.

ذهبت تلك الشريحة إلى "أستانة" بحثاً عن مناطق آمنة لا تلبث أن تحقق أدني متطلبات الثورة، فوصلوا إلى مناطق خفض التصعيد المشوهة, والتي تُوجت "باتفاق القاهرة" للتنفيذ، وبدوره تمخض عن (أربع مناطق معزولة غير مستقرة)، تعاني العجز من كل صوب، غير قادرة على الصمود حتى أمام لقمة العيش.

ليس صعباً استيضاح امر هذا الاتفاق، الذي رُسمت معالمه خارج المظلة الأممية، استحصلت روسيا منه مرجعية الثورة كما أرادت، شرعيةً تمنح الروس آفاقاً لتوسيع نفوذها خارج النظام السوري، تُعتبر قيمة مضافة على ما تم تحصيله في "أستانة"، ليأتي الان مؤتمر "سوتشي" بأوراقه المختلطة، خطوةً روسية متقدمة في زيادة أسهم المشروعية. مستهدفةً بذلك إخراج نظام "بشار الأسد" من مأزق سوريا "دولة ممكنة"، الخيار الذي بات يقض مضجع النظام وأعوانه، لتتوسع روسيا اليوم  في خيارات تُملكها القرار في سوريا سياسيا وعسكريا. متبجحون قاداتها في ردهات الأمم المتحدة والاجتماعات الدولية ذات الصلة بالشأن السوري "بالوصاية الشرعية".

إن الجهد الذي يبذله الروس يصب على بعد أميال من المراحل الأخيرة لجمع الأوراق، وما تريد من مؤتمر "سوتشي" إلا نزع اخر أوراق التوت التي تستر عورتنا، لتصبح روسيا المكلف الوحيد الرسمي بالدولة السورية وإدارتها.

وما ذلك إلا بمباركة شريحة من السوريين تحكمهم مبادئ وقوانين، مطلقين بها العنان للمحتل الروسي قاتلا منكلا بالشعب السوري تحت راية "الشرعية".

الكاتب: آمال سلوم
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ