روسيا تغرق في البحر السوري
روسيا تغرق في البحر السوري
● مقالات رأي ٢٩ نوفمبر ٢٠١٥

روسيا تغرق في البحر السوري

يبدو أن القيادة الروسية اعتمدت على الحرب الإعلامية والنفسية أكثر من اعتمادها على الحرب العسكرية في ما يخص الحرب على سورية، إذ بدأت بترويج قدراتها العسكرية قبل المشاركة في الحرب السورية وفي أثنائها، كل من لديه معرفة ولو القليل فيما يخصّ العلوم العسكرية، ومن خلال اطلاعه على تجارب الحروب السابقة، يعلم أن الطلعات الجوية واستخدام المدفعية في القصف البعيد لا فائدة منها في التقدم العسكري على الأرض، ما جعل القيادة الروسية تبدأ في الحديث عن حل سياسي في الوقت الذي تكون فيه طائراتها تغير على المدنيين السوريين، وعلى مواقع تابعة للمعارضة السورية، ليكون الحل السياسي مخرجاً لها، حال فشل الحل العسكري، فما تقوم فيه روسيا على الصعيدين العسكري و السياسي ما هو إلا لإقناع العالم بأن القرار بيدها، وليس بيد النظام السوري أو الإيراني.
ربّما بدأت روسيا الشعور بالعجز أمام الصمود الأسطوري للشعب السوري، بعد كل ما قامت به من هجمات، استهدفت فيها المدنيين ومراكز الجيش السوري الحر التي باءت بالفشل، ومن دون أي تقدم يذكر، وأصبحت على يقين أن الجيش النظامي على الرغم من التغطية الجوية من الطائرات الروسية غير قادر على التقدم على الأرض بالشكل المطلوب الذي من شأنه تغيير موازين القوى على الأرض، وأصبحت روسيا على يقين أن الحسم لن يكون إلا في خيار التدخل العسكري البري الذي، إن حصل، ستكون تكاليفه العسكرية والبشرية كبيرة، وسيكون له تأثيرات سلبية على الصعيد الشعبي والإقتصادي في الداخل الروسي. ما دفع روسيا إلى طرق باب العدو الأكبر للشعب السوري، من أجل القيام بهذه المهمة هو النظام الإيراني من أجل إقناعه بإرسال أعداد أكبر من المقاتلين لدعم النظام السوري، خوفاً من السقوط المفاجئ، هذا ما أوضحته زيارة فلاديمير بوتين إيران، والتصريحات الروسية الأخيرة التي وصفت حزب الله اللبناني بالحليف لروسيا.
روسيا الآن، ومن خلال تكثيفها الهجمات، بسلاح الجو وجيش النظام المدعوم بجنود إيرانيين وحزب الله اللبناني تقوم بمحاولة تحقيق إنجازات على الأرض، من أجل أن تفرض رأيها على طاولة الحوار من أجل أي حل سياسي ممكن أن ينهي الصراع في سورية، واستغلال حالة التشرذم المسيطرة على المعارضة السياسية السورية. ولكن هذا النهج الذي تنتهجه روسيا في قتل السوريين جعلها على عداء مع الدول المجاورة لسورية، بسبب قصف مناطق ذات حساسية بالنسبة لبعض الدول، وهذا ظهر جلياً في التحذيرات التركية الأقرب إلى التهديد المتكررة لروسيا، بعد قصفها مناطق تابعة للتركمان في سورية، والتي كانت نهايتها إسقاط طائرة روسية من الدفاعات الجوية التركية، بعد أن خرقت الأجواء التركية، وتسببت في توتر في العلاقات التركية الروسية، والتي على إثرها صرح بوتين إن إسقاط الطائرة طعنة بالخلف ووصف تركيا بأنها دولة داعمة للإرهاب.
وفي سياق آخر، وجهت دعوى المملكة العربية السعودية إلى المعارضة السورية لحضور مؤتمر في منتصف ديسمبر/كانون أول المقبل، من أجل العمل على لم شمل المعارضة والعمل على توحيد كلمتها، ربمّا تأتي هذه الخطوة للتحضير لأي اتفاق من شأنه رحيل الأسد، والعمل على تشكيل حكومة وطنية قادرة على قيادة المرحلة الإنتقالية، والحفاظ على ما بقي من مؤسسات، فإذا تكللت هذه الخطوة بالنجاح ربما يتبعها خطوات، من أهمها العمل على توحيد فصائل الجيش الحر، وتشكيل جيش سوري وطني.

المصدر: العربي الجديد الكاتب: محمد جهاد نيعو
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ