سوريا مؤجلة الآن وإيران حليف إقليمي لأميركا
سوريا مؤجلة الآن وإيران حليف إقليمي لأميركا
● مقالات رأي ٢٠ نوفمبر ٢٠١٤

سوريا مؤجلة الآن وإيران حليف إقليمي لأميركا

تنعقد مشاورات كثيرة، تُناقش فيها تحولات الثورة السورية باستمرار، هذا ليس بجديد، إنه الأمر ذاته منذ أربع سنوات. فهل من معطى جديد؛ سوري، أو إقليمي، أو دولي يمكن أن يحدثَ فارقاً وينهي المأساة.
هناك موعد الاتفاق النووي 24 نوفمبر مع إيران، وهناك حرب مستمرة يشنها التحالف الدولي “ضد” داعش، ومقابل ذلك هناك رفض أميركي مستمر لشروط تركيا للتدخل في سوريا. ولكن كل هذه المعطيات قادت أميركا إلى التحالف مع إيران في العراق وفي سوريا، حيث استفاد النظام من التحالف الدولي واستمر بعملياته العسكرية في كافة المدن السورية. وبخصوص النووي، يرجح المحللون التمديد لأشهر إضافية، حيث أن أميركا لا تريد تهميش إيران، ولا غزوها كذلك، بل تحديد شكل علاقاتها الإقليمية بما ينزع عنها وهم الهيمنة في العراق خاصة وفي سوريا وفي لبنان وحتى في اليمن. أميركا لا تريد أكثر من ذلك، ولكن هل كل ما تريده أميركا يتحقق.

نعم، إيران الآن قوة حقيقية في كل هذه الدول، وإن كانت تعاني من الحصار الاقتصادي، ولديها انهيارات حقيقية في الداخل وهناك بوادر تأزم اجتماعي، ولكن هذا لا يعني أبداً أنها على وشك الانهيار، ولديها جيش صلب وهي دولة أمنية بامتياز. يكمل ذلك أن أميركا لا تفكر جدياً في حرب برية، إذن لابد من دور إيراني في المنطقة، وهو ما تقوم به بكل الأحوال، حيث تساند القوات الأميركية في العراق، وحتى في سوريا، فاستثناء النظام من الضربات العسكرية واستثناء المليشيات الطائفية الخارجية التابعة له، وعدم حدوث أي صدام بين الطرفين المسيطرين على الجو، يوضح أن هناك تفاهماً بينهما، وبالتالي لن يكون لموعد 24 نتائج مختلفة عما هو حالياً. ولكن هل ستبادل إيران التوسع المضبوط في سوريا، والعراق، ولبنان، واليمن، مقابل توقيع اتفاق نهائي يخص النووي وتحجيم قدرتها النووية وفك عزلتها الاقتصادية، والحصول على ملايين الدولارات المحجوزة عنها.
لا أظن أن لدى إيران بوادر هكذا توجه، ولكنها كذلك تعلم حدة الصراعات في المنطقة بينها وبين السعودية وبينها وبين تركيا وبينها وبين إسرائيل، ووجود مشاعر رفض عربي واسع لها، وهذا ربما ما سيعمل عليه في أميركا. وهم بذلك لا ينهون المشكلات، ولكنهم يسكنونها إلى مرحلة لاحقة، يراد فيها استمرار المنطقة ضمن حد منضبط من الصراعات ذات الطبيعة الطائفية والإقليمية. في ظل كل هذا لا حلول جديدة للوضع السوري، والضغط الأميركي سيكون بصورة رئيسة من أجل تسوية الأوضاع في العراق، فهناك النفط وهناك الهيمنة الإيرانية واسعة، وهناك ضرورة أن تشارك إيران ذاتها في الحرب، ولكن بما يخفف من هيمنتها ولا ينهي التدخل فيه.

خطة ستيفان ديميستورا الموفد الدولي الجديد إلى سوريا، رديئة وتنطلق من مقاربة النظام للحل: مصالحات مع المناطق الثائرة، وإيقاف العمليات العسكرية والبدء بها من حلب، وهو ما يتوقعه النظام ويقوم بإبقاء السلاح الخفيف وتخفيف الضغط على تلك المناطق، والانسحاب لسحق منطقة أخرى، وفرض المصالحة عليها، كل المصالحات تشهد اختراقات مستمرة، فالنظام لا يؤمن بها والثوار يعلمون ذلك ولكنهم يريدون فرصة للتنفس.

الحقيقة هي أن النظام يريد تخفيف العلميات العسكرية أولاً، ليعود تالياً ويجهز على كل مصالحة، ويفرض نفسه مجدداً كما كان كنظام أمني. يستند النظام في خطته هذه إلى أن أميركا لا تزال تعطيه دوراً في أي حل سياسي، وديمستورا يعلم ذلك، ويعمل من خلال ذلك، الروس والإيرانيون يؤيدون ذلك أيضاً، وبالتالي هناك توافق دولي على تأجيل سوريا.

قوات التحالف في سوريا تنفذ ما قاله النظام وروسيا بالتحديد، فهما قالا إن في سوريا مجاميع إرهابية ويجب محاربتها، وأن الناس يمكننا التفاهم معهم، أليس هذه خطة التحالف الدولي ضد داعش، وجوهر مفهوم المصالحات أيضاً. نضيف هنا أن تسريبات تقول إن أميركا مع هكذا حل.

ما يغير كل هذا الاتجاه في التحليل للواقع، هو تغير الدور الأميركي، وهناك تسريبات مضادة لما ذكرناه تقول إن داعش لا يمكن تحجميها، دون إسقاط النظام أو المباشرة بحل سياسي فوري، ولكنها ليست جديدة أيضاً. إذن التغيير ممكن بقبول أميركا بالشروط التركية، والاستجابة للضغط السعودي بتغيير النظام أو بالبدء في التفاوض الجديد من أجل نظام جديد ووفق مبادئ جنيف الرئيسة، وهي المتفق عليها دولياً. الكلام عن مؤتمر في روسيا تتمثل فيه قوى المعارضة في الداخل وبعض الشخصيات في الخارج كمعاذ الخطيب، ويكون بمثابة إنهاءً لجنيف وبدء مؤتمر عن سوريا في روسيا هو مجرد أوراق سياسية روسية للضغط أكثر فأكثر على أميركا.

ما لا يساعد في التغيير المذكور، بقاء الخلافات العربية العربية كبيرة، وبقاء المعارضة السورية تابعة وعاجزة وفاشلة ورافضة للعب أي دور وطني يجمع السوريين، ينهي اعتباره يخدم طائفة وضد طائفة ولصالح قومية وضد قومية أخرى.

في غياب أي حل راهن، فإن اتجاه الأحداث مستمر نحو حرب سينمائية وقتل كارثي ودمار مخيف وهيمنة إيرانية مستمرة وتدخل أميركي أوسع وتركي وخليجي في شؤون سوريا ثورة ودولة ومستقبلا.

هناك سيناريو أميركي آخر يقول بالحرب لا بالحل الآن، ولا تعارضه جدياً روسيا ولا إيران، ولكنه يفيد في ترتيب العلاقات الدولية والإقليمية بين هذه الدول كافة وعلى حساب سوريا، وهو السماح بتمدد القوى الجهادية أكثر فأكثر، وحدوث تصادم أكبر مع النظام وبين هذه القوى ربما، رغم أن الميل للتوافق بين داعش والنصرة وأحرار الشام ومن يشبهها، وإن رفض داعش لعقد توافق مؤخراً ليس هو الأساس، فإنه وحتى دون الاتفاق هناك توقف للحرب بين هذه الجهاديات. الصدام بين الجهادية والنظام سيجبر الأخير على التوافق على حل.

الكارثة أن كل ذلك سيعمق البعد الطائفي في أي حل سياسي، وهذا ما سينقل سوريا إلى حل طائفي ومشكلات كبيرة تتعلق بالمستقبل. إيران تعمل مؤخرا على جيش مواز في سوريا لجيش النظام كما أشيع، وهذا ليس بجديد، ولكن تحديد قوامه بمئة ألف شخص هو الجديد. وهذا يعني أن الحرب مستمرة في سوريا، والنفوذ الإيراني باقٍ في سوريا، وربما المشروع ورقة ضغط من أجل توسيع حقوق إيران الإقليمية، وهذا مرجح جداً. إن سوريا مؤجلة الآن وإيران حليف إقليمي لأميركا.

المصدر: العرب الكاتب: عمّار ديّوب
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ