سيناريو “الانهاء” يتكرر بعبثية مريبة
سيناريو “الانهاء” يتكرر بعبثية مريبة
● مقالات رأي ٦ مارس ٢٠١٧

سيناريو “الانهاء” يتكرر بعبثية مريبة

يتكرر سيناريوا المشهد في كل مرحة من الصراع الداخلي بين مكونات الثورة السورية العسكرية، تبدأ بين كل طرفين متخاصمين بتصرفات فردية سرعان ما تنتقل لزج الفصيلين في حرب باردة وتوعد وتدخل للعلماء والشرعيين في الحل، ومع تعنت الطرفين وعدم وجود ضوابط قضائية موحدة تلزم الطرف المعتدي بالرجوع عن عدوانه وتحاسب المسيىء على إساءته وترد المظالم والحقوق لأصحابها فإن الحل لابد له من أن يتعذر ويعود الصراع للواجهة من جديد، مع النزعة للسيطرة وتقوية النفوذ التي يمتلكها كل طرف لاسيما الفصائل الكبرى التي تتمتع بالقوة.

ومع عودة التوتر تبدأ الحرب الإعلامية التي تحاول اثبات أحقية الطرف الأول تقابلها حرب إعلامية مضادة من الطرف الآخر، فتبدأ على لسان بعض القادة والشرعيين على مواقع توتر والمناصرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وسط تسيير الأرتال والتحشدات في المناطق الرئيسية والطرقات وتجييش الكتائب والمقاتلين ضد الطرف الآخر، تليها مرحلة البيانات الرسمية التي تدعوا لتحكيم الشريعة وأي شرعيه منها ..؟؟ ، ثم تنطلق الفتاوى الشرعية لشخصيات محسوبة على هذا الطرف أو ذاك فيبدأ الشحن وتبدأ المعركة بالظهور، وتسير الأرتال ويغفل الجميع عن جبهات النظام وتبدأ حلبة الصراع في المحرر، فتحرر البلدة ربما مرات ومرات، ليس من نظام أو شبيحة او شيعة بل ممن كانوا بالأمس رفقاء سلاح وخندق وأخوة في الدين والعقيدة والثورة، فتسيل الدماء المعصومة وتنزف الجراح.

دور "قوات الفصل" في كل مرة أمر ضروري يعلنا فصيل محايد فيدخل بين الطرفين المتصارعين محاولاً الحل، وأي حل يحل وسط تعنت الطرفين وإصرار كل منهم على انه الأحق وصاحب الحق، إلا من كان ضعيفاً لا يملك قوة يجابه فيه فصائل تكتلت وأجمعت على قتله وذبحه فما عليه إلا التسلم والاستسلام، وإصدار البيانات المطالبة بتحكيم الشرع، وانتقاد الطرف المعتدي بانه رفض الشرع والتحكيم، فيزول طرف وينتصر الآخر، نصر على الثورة لا لأجلها.

ففي كل صراع شهدته المناطق المحررة بين الفصائل يتكرر نفس المشهد ونفس السيناريوا مع اختلاف الأسماء والمسميات والحجج لإنهاء فصيل تتوحد ضده عدة فصائل أخرى، وهو يستجدي الدعم من فصائل تختلف مع تلك "الأخرى" في الرؤية والمصالح والمنهج والفكر فيدور الصراع على حلبة المحرر، لايراعي أي طرف حرمة الدماء المعصومة بينهم، ولا خجل او مراعاة لذوي الشهداء ممن يترقبون اقتتال الأخوة ممن ظنوهم سيحركون الجيوش للثأر لأبنائهم، ولا منظر المجازر التي ترتكبها طائرات الأسد وروسيا بحق المدنيين تاركة أرتالهم تتحرك للقتال.

وفي كل معركة وصراع يخسر الشعب الثائر المزيد من أبنائهم وقوداً لحرب المتصارعين، فهذا بالنسية للقادة السادة أمر طبيعي وفاتورة لابد من تقديمها لإعلاء كلمة الله، ونصرة شرع الله، ونصرة الدين، ليس بقتل الأسد والميليشيات بل بقتل من هم خطر على الثورة برأيه وبتصوره، فتنظيف البيت الداخلي أولى قبل الانتقال لتحرير سوريا، وعن أي بيت داخلي بقي للثوار وأي مناطق محررة بقيت بأيدينا ...؟؟؟؟

ويختلف الصراع بين مكونين يختلفان في الفكر وبين آخرين يتفقان، ففي مراحل الصدام بين "الإسلامي" و "الحر" فالإسلامي على حق بالفطرة، فهو الأقوى وصاحب الحجة الشرعية، والقبضة العسكرية، والتحالفات العسكرية، اما "الحر" فلا قوة تدافع عنه أو تناصره، وهو عميل للغرب والشرق والجنوب حتى، يحصل على دعم أمريكي ويقاتل بسلاح صليبي، لا بد من إنهاء وجوده ولا يتطلب الامر إلا حملة إعلامية وحشد أرتال عدة والسيطرة على كامل العتاد والمقرات، أما النداءات للتحاكم للشرع فلا تلبث ان تأخذ حدها وسط تراخي الأقوى في الرد على الوساطة، إلا ويكون فصيل "الحر" قد انتهى وبات السلاح الصليبي الحرام بيده حلالاً بيد الأقوى صاحب الحجة والدليل والسيطرة.

أما صراع الفصائل "الإسلامي - الإسلامي" فله منحى آخر مختلف تماماً ولو تشابه في بعض السيناريوهات مع غيره وبعض المراحل قبل الإغراق في الدم، فلا بد من مناظرات شرعية وإثبات أحقية ولقاءات واجتماعات، وتبرير للفصائل المشابهة في الفكر، وإدخالها كطرف راعي لأي اتفاق، ثم بعد انعدام الحلول لابد من بيانات وفتاوى، وتمهل خوفاً من سفك الدماء، ثم حرب باردة قد تطول يسعى فيها طرف لاستمالة بعض مكونات الطرف الآخر، وسط تململ وتراخي وخوف من سفك الدماء "للمجاهدين" ثم يصل الحد لأقصاه وتدور رحى المعركة، تطول وتطول ويسقط فيها العشرات من الضحايا دون منتصر، فيتدخل طرف ثالث ويفضي لحل ينسحب من كان من المفترض "باغياً" بسلاحه وعتاده لمنطقة أخرى ينهي بذلك الصراع.

أما نتائج الصراع فواحدة في كل مرة فمكونات جميع هذه الفصائل ليسوا من كوكب المريخ بل هم من أبناء هذا الشعب السوري الثائر ضد نظام الأسد، من أبناء من تكاتفت كل قوى الشر ضده واجمعت على قتله، من أبناء الشعب المكلوم الذي يترقب صراعات الفصائل واحدة تلو الأخرى تقتل بعضها البعض وتزهق أرواح أبنائه، وتضيق به المساحة ويهجر ويقتل وتجهز المخيمات وسط المعاناة المريرة التي لم يكترث لها أي فصيل، وضياع الأمن وانتشار الاغتيالات والتصفيات والاعتقالات، كل ذلك والأخوة يتصارعون على أرض تضيق بهم يوماً بعد يوم، وبعد كل صراع لابد للمنتصر من معركة أو عملية ضد النظام تسهم في إعادة رفع رصيده وشعبيته..

المصدر: شبكة شام الكاتب: أحمد نور
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ