عملية عفرين
عملية عفرين
● مقالات رأي ٢٨ ديسمبر ٢٠١٧

عملية عفرين

حدثت تطورات كبيرة في سوريا، إذ لم يكن لأحد أن يتوقع أنّ الأمور ستصل إلى ما آلت إليه اليوم، فنحن أمام نتائج غير متماثلة لحرب غير متماثلة، لكن يجب أن لا ننسى أن هذا الوضع قد يتغير خلال الأيام المقبلة، لقد وقعت تغييرات شاملة في الصفوف والتحالفات اليوم في سوريا عما كانت عليه قبل عامين، وذلك يشير إلى أن المراحل القادمة ستكون أكثر صعوبة من السابق.

يرغب الجميع في اتباع سياسة أكثر صرامة في سوريا، في حين تحاول المنظمات الفكرية تجهيز الرأي العام من خلال التحليلات السياسية حول التطورات المحتملة في المستقبل، كما أفادت مؤسسة "راند" الفكرية الأمريكية بتقرير ورد خلاله أن استمرار أنقرة في توسيع نطاق الهجمات العسكرية ضد منظمات بي كي كي وحزب الاتحاد الديمقراطي الإرهابية يحمل خطورةً قد تدفع الدولتين التركية-الأمريكية للدخول في حرب عسكرية مباشرة، ويشير التقرير الذي يحمل عنوان "مصالح أمريكا الاستراتيجية في الشرق الأوسط والنتائج بالنسبة إلى الجيش الأمريكي" أن اختلاف المصالح بين أنقرة وواشنطن قد يخلق صراعا بين الدولتين.

يمكننا تذكّر هذه المنظمات الفكرية من خلال التقارير التي أعدّتها مسبقاً تحت عنوان "الإسلام المعتدل"، لكنهم لم يكتفوا بتلك المشاريع التي أدت إلى زعزعة العالم الإسلامي بل بدؤوا بتجهيز التقارير فيما يخص الشرق الأوسط أيضاً، إذ يبدو مضمون هذه التقارير متناسقاً جداً مع استراتيجية الأمن الدولي التي أعدها الرئيس الأمريكي ترامب، لأن ترامب يشير خلال استراتيجيته إلى أن أمريكا تملك حق التدخل العسكري ضد أي عامل يتسبب بالضرر في الاقتصاد الأمريكي، لكن الجانب المأساوي من هذه الاستراتيجية هي مرافقة الدماء لمصالح أمريكا الاقتصادية أينما حلّت وولّت، لكن هل يوجد أي نشاط لا تنظر إليه أمريكا على أنه غير مؤثر بمصالحها الاقتصادية؟ ما هو نوع العلاقات التي يمكن لتركيا تأسيسها مع أمريكا فيما يخص مصالح الطرفين في سوريا؟ ما المواقف التي قد تواجه أنقرة إن كانت الأمور التي تعتبر مصالح اقتصادية بالنسبة إلى واشنطن تشكلّ خطراً يهدد مصالح تركيا؟

يبدو أن عفرين ليست منطقة تتضارب في المصالح بين تركيا وأمريكا، لذلك فإن تركيا ستجد أريحية في منطقة عفرين، دون غيرها من المناطق، كما يحاول الرئيس أردوغان إيجاد حل للمشاكل واحدة فواحدة لإدراكه بعدم إمكانية إيجاد حل شامل للمشاكل المتعلقة بالقضية السورية، أما الآن فيجب على تركيا الاستعداد من أجل عملية عفرين، أتوقع أن عملية عفرين ستنفّذ في إطار مختلف عن عملية درع الفرات، وأعتقد أنها ستهدف إلى تطهير نقاط معينة وليس تطهير الساحة بشكل كامل على غرار ما تمّ في عملية درع الفرات، ويبدو أن ذلك يعتبر أنسب خطوة يمكن اتخاذها نظراً إلى أن المنطقة محاصرة من جميع أطرافها.

كانت تركيا تخطط لإنشاء 12 نقطة تفتيش في ولاية إدلب السورية، لكن تم إنشاء 3 منها إلى الآن وجميعها تقع على حدود موازية مع عفرين، وكما ذكرت خلال مقالاتي السابقة أن إدلب ستكون نقطة انتقال ومصدر استخبارات فضلاً عن كونها مجرد عملية عسكرية، لذلك لن تجري هذه العملية دون تأكيد صحة جميع الخطوات قبل اتخاذها، فيما تستمر القوات المسلحة التركية في إدارة المرحلة من خلال الالتزام بالخطة المجهزة مسبقاً، ويجدر بنا ذكر الأشياء ذاتها فيما يخص عملية عفرين نظراً إلى أنها ستخضع لتغييرات داخلية ملموسة مع استمرار زيادة وحدة بي كي كي على الصعيد السياسي في سوريا، وبالتالي يتعين على تركيا إضعاف بي كي كي لفتح المجال أمام شعب المنطقة لإجراء هذا التغيير.

أصبحت الأمور في سوريا تجري بعكس مصالح الدول الخارجية، في بعض الأحيان يعتبر القليل من الدعم كافياً لزيادة السرعة في سير الأحداث، عفرين منطقة مستقلة وستتم العملية بناءً على هذا الأساس.

المصدر: صحيفة قرار – ترجمة وتحرير ترك برس الكاتب: ميتيه يرار
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ