غربة المعارضة بين أستانة وجنيف .. هل علينا أن نصعد إلى الفضاء؟
غربة المعارضة بين أستانة وجنيف .. هل علينا أن نصعد إلى الفضاء؟
● مقالات رأي ٢ نوفمبر ٢٠١٧

غربة المعارضة بين أستانة وجنيف .. هل علينا أن نصعد إلى الفضاء؟

في مستنقع من الوحل، تعيش المعارضة السورية، تتنقل متخبطة كمغترب في المريخ أو كوكب لا اسم له، بين الأستانة وجنيف، لا مفر أمامهم إلا الهروب من الحرب على الأرض للانتقال إلى ظلمات دهاليز الكذب السياسي، ومع استمرار الكذبة لم يعد لنا كسوريون مكان نذهب إليه، فلربما حتى الفضاء ضاق بنا.

انعقاد الاستانة خلال اليومين الماضيين، كان للإعداد لوليمة أكبر تقضم  فيها سوريا، ولكن هذه المرة ليس برعاية الأمم المتحدة في جنيف ولا في أحضان كازخستان، إنها في سوتشي الروسية، لتكون المعارضة السورية بين نارين، فإما الموت أو الرضوخ.

وبإعلان مباشر، بعيد عن الكذب الروسي المعتاد أو التدليس، وبتبجح مستعمر، تعلن روسيا أن مؤتمرها هو القبلة الوحيدة لاجتماع "الشعوب السورية"، بعد أن قسمت الشعب لشعوب، وهددت كل من لا يحضر مؤتمر الحوار الوطني السوري الذي ترعاه ب"التهميش"، إنها تدعو إلى حوار سوري بالفعل ولكن بعربدة دول العالم أجمع، فهل باتت سبل المعارضة كافة مغلقة إلا التنازل أكثر فأكثر، لتضيع بضع كيلومترات متبقية تحت سيطرتهم لتصبح بيد المستعمر الروسي أو الإيراني.

ما جعل القهر يتسلل إلى قلوب السوريين، بعد إعلان البيان الختامي للأستانة، أن ذاك البيان كان ملائكي وأكد على نجاح الاجتماع، وتوصل الدول الضامنة إلى النتائج المرجوة من كافة الدول التي تتقاسم الكعكة السورية، إلا من أمنيات الشعب السوري.

ولم يمر الكثير من الوقت، حتى خرج رئيس تيار الغد السوري المعارض، "أحمد الجربا"، والذي كان يمثل ذات يوم المعارضة السورية وكان يتحدث باسم الشعب السوري المعارض، ليرحب بالحوار مع النظام، ويوافق على حضور مؤتمر حوار وطني روسي، عفوا سوري،  فقد استعصت الأزمة السورية على حد قوله، وبالنسبة له الثورة هي أزمة تنتهي كما يقول السوريون "بمصافحة وبوسة شوارب".

ما يثير الحنق أكثر، أن كافة الدول ضاقت ذرعا بالشعب السوري، فاللاجئ السوري بالنسبة للجميع متطفل يسحب خيرات بلادهم، من الأردن إلى لبنان إلى تركيا، بالرغم من أن خزائنهم أتخمت من التمويل وأموال المنظمات التي ترسل باسم إعانة الشعب السوري وتعليمه وطبابته، ناهيك عن أن السوري يعمل أينما ذهب ويرضى بالقليل.

ولم تنتهي الأستانة إلى هذا الحد، وبكل وقاحة تطلب دول كلبنان أن تكون ضمن المراقبين على عملية مناطق خفض التصعيد في سوريا، أوليس لها حق في تقاسم خيرات جارتها؟ فبلد كلبنان يمارس رئيسها "ميشيل عون" طقوس التسول في كل البلاد بحجة اللاجئين السوريين، ليس لديه مشكلة أن يعيد اللاجئين إلى بلادهم ويطلب في نفس الوقت أن تكون هناك لجنة لبلاده ضمن المراقبين على مناطق خفض التصعيد، وبكل الأحوال لا مشكلة، فعناصر حزب الله استوطنوا في كل سوريا، وما المانع من أن تكون هناك لجنة مراقبة لبنانية إلى جانب أنصار نصر الله، إلا إن كان هناك "مانع حمل" يستطيع أن يمنع الجميع أن يطؤوا سوريا، ويكسروا أرجلهم ويقصوا أفواههم عنها ويتركوها لشعبها، ويتذكروا أن أهل مكة أولى بشعابها.

الكاتب: رنا جاموس
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ