قراءة في فنجان الاتفاق الأمريكي - الروسي حول سوريا و حضور استراتيجية “عنترة بن شداد”
قراءة في فنجان الاتفاق الأمريكي - الروسي حول سوريا و حضور استراتيجية “عنترة بن شداد”
● مقالات رأي ١٧ سبتمبر ٢٠١٦

قراءة في فنجان الاتفاق الأمريكي - الروسي حول سوريا و حضور استراتيجية “عنترة بن شداد”

اقترب عمل المحللين السياسيين من التنجيم إلى حد كبير، و باتوا من قارئي الكف و مستشرفي الآفاق ، في إطار نظرتهم للاتفاق الأمريكي - الروسي حول سوريا ، وانضم إليهم كافة دول العالم، القريب منها للقضية السورية أو البعيد ، واتخذوا مقاعدهم في مدرجات الجماهير لمتابعة مجريات المبارزة المجهولة ، بين قطبي العالم.


في الشق السوري الحال ليس بأفضل ، فالجميع تصله تعليمات للجهة التي تمثله في المفاوضات ، ولايعلم إلا دوره الآني و الوقتي ، لساعات قادمة أو بضع أيام على أبعد تقدير.


المعلن من الاتفاق هو هدن متتالية يصل مجموعها لسبعة أيام (48 ساعة + 48 ساعة + 72 ساعة) ، يرافقها إدخال مساعدات إلى حلب من طريق الكاستيلو الذي سينزع السلاح منه ، يتلو ذلك جلسات عسكرية - مخابراتية ، بين طرفي الاتفاق لتوجيه ضربات مشتركة ضد "جبهة فتح الشام" على وجه التحديد ، إذ بات الحديث عن حرب خاصة من الطرفين ضد “داعش” هو محض غبار ينثر على العيون ، فالحرب على الأخير هي قائمة بكل الأحوال و من قبل الجميع و في أي وقت سواء بهذا الاتفاق أو بدونه.


الإخفاء القسري للمعلومات وورقة الاتفاق ، التي تتألف من خمس صفحات ، و الإصرار الأمريكي و المتعنت حول رفض فضحها ، فتح شهية الجميع للتحليل و التوقع ، و لكن في الحقيقة لا يمكن رؤية مشهد تفاؤلي واحد في ذلك الاتفاق ، ومن خلال زحمة التحليلات ، إذ الأمر يميل إلى كونه اتفاق إنهاء الصراع عن طريق القضاء على أحد الأطراف ، و طبعاَ سيكون من نصيب “الأضعف” ، وفق لاستراتيجية “عنتر بن شداد” ، القائمة على “ضرب أقوى الضعفاء ضرباً يجزع منه أقوى الأقوياء".


لا يمكن اعتبار الفصائل بأنها طرف ، بكل ما تحمله الكلمة من معنى ( ندي - مساوٍ - متوازن) ، في الصراع الدائر في سوريا ، و لذلك يعتبر الطرف الأضعف سيما مع التشتت و الاختلاف الذي يضرب أطنابه في صفوفها (ايدلوجياً - انتمائياً - تكوين شخصي - أهداف مستقبلية و حتى آنية) ، و بالتالي سيكون من نصيبها تلك الضربة التي ستهدد البقية ، من الممكن أن تكون إيران المستهدفة ، فاتفاق النووي لم يكن إلا تمهيداً لضربة تكون قاسمة ، يتم فيها وأد حلم امبراطوري تاريخي له لبوس ديني ، حلم يتفق الغالبية العظمى على إنهاءه و على رأسهم اسرائيل.


قد يكون السرد الآنف بعيد عن فحوى الصفحات الخمس ، التي تحدد الاطار التنفيذي للاتفاق الأمريكي الروسي ، لكنها واجبة الذكر في مسعى لامتصاص أكبر قدر ممكن من السلبيات التي تحملها المرحلة القادمة للثورة السورية.


وتثير الصفحات الخمس في الاتفاق الروسي - الأمريكي ، الحفيظة بشكل يتجاوز الرعب إذ وفق ما يتم تداوله في الغرف الضيقة أن الاتفاق تقتصر حدودها إلى حد بعيد في الشمال السوري ، و سيكون محدوداً للغاية في الجنوب و دمشق و بقية الجيوب التي تقض مضجع “سوريا المفيدة” ، و تمنع تنفيذ ما يعرف بالتقسيمات السلطوية السداسية في سوريا ، والتي سبق و أن ذكرتها في موضع سابق (لقراءة الموضوع السابق الرجاء الضغط هنا)، وتحول هذه التقسيمات التي من المفروض حدوثها ، من تقسيمات سلطوية إلى تقسيمات فعلية و تتحول السلطات الفرعية إلى سلطات قائمة بحد ذاتها و دول و امارات هو المخيف أو الشبح الذي حدد به وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بقوله عند عقد الاتفاق أنه “ قد تكون الفرصة الأخيرة لإنقاذ سوريا الموحدة".

المصدر: شبكة شام الكاتب: زين مصطفى
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ