كأس الدم السوري.. أهمية كرة القدم تفوق أهمية الشعوب؟
كأس الدم السوري.. أهمية كرة القدم تفوق أهمية الشعوب؟
● مقالات رأي ٤ يوليو ٢٠١٨

كأس الدم السوري.. أهمية كرة القدم تفوق أهمية الشعوب؟

في ظل القصف السوري الروسي المستمر على المدنيين السوريين تشغل بطولة كأس العالم بال الشعوب العربية وهو الموضوع الذي يملأ أحاديثهم اليومية يتأسفون على حال المنتخبات العربية ومبارياتها وحالهم هو المؤسف هنا! هذه الشعوب التي لم تقف ساعة صمت واحدة على هذه الأرواح البريئة وعلى هذه الطفولة التي شردت وهجرت من وطنها أمام الجميع، وفضلوا أن يقفوا هاتفين لهذه البطولة التي تقام على أرض روسية. أقل ما يمكن أن تفعله هذه الشعوب هو مقاطعة هذه البطولة بما أن الدولة المستضيفة لها تستبيح دماء الأبرياء والأطفال من أجل المحافظة على وجود سياسي وعسكري لها في المنطقة. لست أدري إن كان هذا المقدار من اللاشعور واللامبالاة يعد صادما أم هو متوقع من شعوب لديها تاريخ حافل من خذلان الحق على هذه الأرض. نعم هذا العدوان ليس أجنيا بالكامل كما اعتدنا، تشترك فيه أيداي عربية، لكن استهجانه والوقوف ضده لا يتحمل وجهات النظر.

لا يوجد أي مبرر لعدم المقاطعة المسألة هنا هي مسألة أولويات فقط، هل فعلا تتفوق أهمية كرة القدم على وطنية هذه الشعوب! هذه الوطنية التي لم يتبقى منها سوى قصائد وأغاني يرددونها. هذه الشعوب التي وجدت في قتل المدنيين السوريين الأبرياء وجهة نظر فانقسمت ما بين مؤيد ومعارض لهذا النظام الوحشي الذي استعان بميليشيات روسية للقضاء على أبناء شعبه! هذا النظام الذي ادعى وفاءه للقضية الفلسطينية فدمر مخيم اليرموك عاصمة فلسطين في المنفى وهجر أهليه ليذوقهم طعم اللجوء مرة أخرى، ولا زال البعض يرددون عبارات المقاومة باسمه! فلسطين وشهدائها وكل رموز المقاومة الحقيقية فيها بريئة من هكذا نظام.

يا أيتها الشعوب الجريحة دعكم من هؤلاء الذين صافحوا القاتل وجالسوه وأعيدوا بناء أولوياتكم، أليست كل بلاد العرب أوطاني؟ أم أنكم استثنيتم الجنوب السوري من هذه الأوطان وبات وحيدا غريبا. ها هو الجنوب السوري ينزف ويستغيث ولا زلتم تهتفون! صمتكم المرير عن المأساة السورية لم يكن كافيا فكان لا بد لكم من التباهي والتصريح بعدم المبالاة في هتافاتكم.

ليس في مقاطعة كأس العالم أي مبالغة هي مجرد تعبير عن رفض الانتهاكات الروسية للشعب السوري لكن في الوقت ذاته لهذه المقاطعة أثر كبير على الجانب الأخر خصيصا أن هذه المقاطعة يجب أن تشمل جميع الدول في جميع أنحاء العالم فالمأساة السورية تنادي الإنسانية التي ليست حكرا على الدول التي تتحدث نفس اللغة، الإنسانية التي تتحدث جميع اللغات.

مأساة أتمت عامها السابع! ألم يكفر السوريون بعد عن خذلان المجتمع الدولي وضعف الأمة العربية وتشتتها! سيأتي يوم ويستيقظ فيه هذا العالم من غفوته عن المأساة السورية ليجد دموع أطفالها قد نفذت وقلوب أمهاتها قد انطفأت وسوف ينتظر هذا العالم عودة شهدائها الذين ضحوا بأنفسهم في سبيل الحرية بلا أمل.

منذ أيام قليلة بدأ القصف الروسي على درعا وها هي درعا تنزف مجددا أبطالها وأطفالها، ولم يكن لهذا القصف أي أثر على حماس المتابعين لهذه البطولة! لقد ترددت كثيرا عند كتابتي لهذه التدوينة فهي لن تملك أثرا كما يبدو، لكنني أردت أن أذكر هؤلاء المتابعين بالوطنية المدفونة داخلهم لربما حاولوا إعادة ترتيب انتماءاتهم، أردت أن أذكرهم بنداءات أطفال سوريا لربما حاولوا الإنصات قليلا!

نحن دائما نستنكر الأمور في بداياتها ثم نكمل حياتنا الاعتيادية بدون أي فعل حقيقي موحد يقف ضد استباحة أي دولة عربية! مرض الاحتلال هذا كان قد انتشر منذ صمتنا عن القضية الفلسطينية وأنا أتحدث هنا عنا كشعوب تقف خلف حكوماتها وتبرر خذلانها بأنها لا تملك القدرة أو الخيار؛ لكنها في الحقيقة تملك خيار المقاطعة، مقاطعة حقيقة لدول الاحتلال جميعها، مقاطعة بضائعها ومنتجاتها وبالطبع مقاطعة أي بطولات تحصل على أراضيها! ملطخة بالدم هذه الكأس.. تماما مثل أيديهم.

المصدر: مدونات الجزيرة الكاتب: هالة عبدالله
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ