كيف تفرقنا ..!
كيف تفرقنا ..!
● مقالات رأي ١٨ يونيو ٢٠١٦

كيف تفرقنا ..!

مشاكل جنوب دمشق الأخيرة كانت بمعزل تام عن مشاكل جاراتها : داريا غرباً ، والغوطة شرقاً ..
حيث يعيش الناس هناك في وادي بعيد جداً ، لا تسمع به أقرب المناطق إليه ..
ومشاكل دخول المساعدات لداريا ، تنسجم مع مشاكل المعضمية حيناً .. وتنفصل عنها أحياناً أخرى ..
مشاكل التل ، وقضاياها والأعداد الهائلة من النازحين إليها ، بعيدة كل البعد عن قضايا ومشاكل الأنفاق أو الهدن في برزة والقابون ..
أما الغوطة فهي في وادي آخر ، ولها مشاكلها الكبيرة التي لا تشبه أية مشاكل ..
وقريباً ستصبح مشاكل دوما مختلفة عن مشاكل القطاع الأوسط في الغوطة نفسها .. وهكذا ..
.......
استطعنا بنجاح منقطع النظير أن نتحول لكانتونات متفرقة ..
أن نتحول لأشلاء مبعثرة ..
مشاكل كل قطعة أرض لا تتعدى مئات الامتار تشغلها بالكامل عن معركتها الأساسية -التي تتفق فيها عن مع باقي القطع المتناثرة ..
ننظر لتعامل الفصائل - أو المكاتب الاعلامية والقضائية والشرعية والمجالس المحلية - لتعاملهم مع مشاكلهم الداخلية
فنجدهم يرون الثورة كلها محصورة في هذه المنطقة ..
بل يرون وكأن سوريا كلها تقبع ضمن حدود منطقتهم .. من حاجز النظام إلى حاجز النظام من الطرف الاخر ..
يشعر بتحرر منطقته وكأنه حرر البلد كلها ..
...
حمّلنا النظام هماً كبيراً فوق طاقتنا
انشغلنا به -الهمّ- تماماً عن ثورتنا
عن معركتنا الأم ..
عن قضيتنا الكبرى ..
فلا ترى منطقة إلا وفيها خلاف إعلامي وفصائلي وإغاثي ..
وكل منطقة فيها فصائل تصدر بيانات عن تحرش الفصائل الأخرى بها ..
وكل منطقة فيها مشاكلها المحلية ..
وبيان قضية النحاس في يلدا وببيلا ، تحوي ألف مشكلة أخرى تعاني منها تلك المناطق ..
..
ينطبق هذا الحال على تلك البقع المتناثرة -التي تحيط بدمشق ، ومع ذلك النظام هو من يحاصرها- ينطبق هذا الحال على كامل التراب السوري ..
فقد انسحب النظام من الصحاري والأرياف تاركاً (سوريا المفيدة) بين يديه بالكامل ..
وحمّل الثوار عبئ المناطق المحررة ، ولكن بشكل مجزأ .. بحيث فصل كل منطقة عن الاخرى ..
وحمَّل عبئ كلّ منطقة لجهة مختلفة عن الأخرى ..
واختلق لها مشاكل مختلفة تماماً عن مشاكل المنطقة الثانية ...
بل وأبقى فيها جيوباً له تشغلها في الداخل عن معركتها الأساسية ، وتحرش فيما بينها ..
فتفرقت الكلمة
وتخلخلت الصفوف
وتناثرت الجهود
وتعاظمت المشاكل
وكثرت الأعباء ..
وبالتالي طالت الأزمة أكثر ، وذلك على حساب الثورة .. الثورة التي التفت عنها أغلب من خرج لها ، ليتحمل أعباء من لم يخرج.
تحمل عبئه ووزره وحاجته ، والتفت عن ثورته كي لا يقف أمامه ويحمله مسؤولية الوضع الذي آل إليه ، ليثبت له أنه قام بالثورة لأجله ..
فتحمل باكراً جداً عبئ المناطق المحررة
وترك باكراً جداً مسيرة التحرير ..
وبتنا أمام وضع كاثي جداً على مدى التراب السوري من كافة الأطراف ..
الحل يتطلب أن نخرج بعيدا .. بعيدا جداً ..
ونرجع للوراء كثيراً ..
نخرج بعيداً فننظر لكامل التراب السوري نظرة اوحدة ، لا منطقتنا فقط ..
ونفكر به ككل ، وليس لمنطقة غرقنا بمشاكلها ..
ولنرجع للوراء إلى أيام ثورتنا الأولى .. ونستذكر الهدف الأسمى الذي قمنا لأجله ، وبذل الشهداء الأوائل لأجله أرواحهم ودماءهم ..
بدون تخطيط استراتيجي لن ننتصر .. فالمعارك الجزئية هزيمة ولو حررنا قرية ودمرنا دبابة ..
وبدون رؤية شاملة لن نحقق تقدماً ، وسنبقى في قوقعة المنطقة .. والفصيل ..
ولا يمكن أن نصل لهذه المرحلة مالم نحقق أمران اثنان :
التوحد ، والتنازلات التاريخية .
ومالم نحقق ذلك ، فنحن نستهلك أنفسنا ، وسنبق ندور في عجلة التهالك ، حتى لا سمح الله نذوب من الأطراف ونضمحل ............

الكاتب: ابراهيم كوكي
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ