ما الهدف من تصريحات كيري؟ وهل تلقى صدى لدى الثوار؟
ما الهدف من تصريحات كيري؟ وهل تلقى صدى لدى الثوار؟
● مقالات رأي ٥ ديسمبر ٢٠١٥

ما الهدف من تصريحات كيري؟ وهل تلقى صدى لدى الثوار؟

بعد سلسلة تصريحاتٍ متخاذلةٍ ومتآمرةٍ على الثورة، تأتي تصريحات كيري صادمةً لكثير من السوريين، حيث قال إنه: "بالإمكان قيام تعاون بين جيش الأسد والفصائل المقاتلة لمواجهة تنظيم الدولة".

وحتى يكون ردُّنا على هذه التصريحات واضحاً لا بد من بيان الأمور التالية:

أولاً: لا يحق للأمريكان أن يتدخلوا بالنصائح للثوار، وحريٌّ بهم أن يهتموا بتنفيذ وعودهم بتدريب سبعة مقاتلين هنا، وخمسة هناك، لاستكمال برنامج سلب الأموال بحجة دعم المعارضة، وإن كان من تصريحات داعمة للثورة، فالثوار يكتفون منكم بالتصريحات القديمة :"الأسد فقد شرعيته وعليه أن يرحل فوراً"، "استخدام الكيماوي خطٌ أحمرٌ"، "أيام الأسد باتت معدودة"...

ثانياً: الفصائل الثورية خرجت لإسقاط هذا النظام المجرم، فهو عدوّها الأول والأساس، ولا محيد عن إسقاطه ولو وقفت معه كل قوى الأرض، وأما داعش فهي عدوٌّ نشأ في ظل إجرام النظام، وزوالها مرهون بزواله وليس العكس لأن إجرام بشار أسبق وأكبر ويطال الشعب كله بالقصف والحصار والتشريد،، لذا فلا سبيل أبداً لأي محاولة تقارب مع هذا النظام المجرم مهما كانت المبررات، ولا يمكن التعاون مع الإرهابي الأب لقتال الإرهابي الولد.

ثالثاً: بالنسبة للنظام: واضحٌ أن عداوته الحقيقية - وكذلك روسيا- هي فصائل الثورة، وأنه لا مشكلة له مع داعش، بدليل ما أقرّت به أمريكا سابقاً من أن ضربات النظام وروسيا تنصب بالدرجة الأولى على الثوار، ولا تمسّ داعش إلا تحلّة القسم، فكيف يُطلب الآن ممن هو تحت القصف والضرب المستمر أن يكون حليفاً مع الطيار الذي يقصفه ليتحولا معاً إلى عدوٍ لم يسبق للطيار عداوة معه؟

رابعاً: بالنسبة لداعش: واضحٌ من تحركاتها أن عدواتها الأصلية هي مع من تسمّيهم مرتدين (الثوار) وأما الكافر الأصلي (النظام) فالعدواة معه مؤجلة، وفي أدبياتهم أن قتال المرتد (الثوار) أولى من قتال الكافر الأصلي (النظام)، وما تابعناه على الأرض من تسليم داعش للنظام مطار كوبرس والقرى المحيطة به دون معارك حقيقية، وما قامت به من هجوم متزامن على قرى ريف حلب الشمالي ضد الثوار (مدرسة المشاة- المنطقة الحرة- أطراف مارع وأعزاز ...) يدل أن مشكلتهم مع الثوار وليست مع النظام، فكيف يمكن للنظام أن يكون ضدهم؟

خامساً: بالنسبة لروسيا: واضحٌ أن تدخلها هو من أجل الأسد، وأنه يهمها بالدرجة الأولى القضاء على الفصائل الثورية، وإبقاء الأسد وداعش، وترك الدول بعد ذلك تختار الأسد مقابل الإطاحة بداعش، وهذا ما صرّح به قائد الناتو السابق الجنرال الأمريكي المتقاعد ويسلي كلارك: "بأن استراتيجية روسيا في سوريا هي إبادة الفصائل الثورية، والإبقاء على تنظيم الدولة والأسد، وجعل العالم بين خيارٍ من اثنين: إما داعش وإما الأسد"، ومن كان هذا هدفه في سورية كيف يُطلب من الفصائل – العدو الحقيقي له - التنسيق معه للقضاء على من يريد الإبقاء عليهم.

سادساً: التنسيق موجودٌ نعم، لكن بين مَن ومَن؟ إنه واقعٌ فعليٌ ويعرفه الثوار، قبل التدخل الروسي وبعده، فما قبل التدخل الروسي كان التنسيق بدرجة عالية بين النظام وداعش ضد الثوار، كلما تحرّك الثوار لفتح معركة ضد النظام طعنت داعش في الخلف لتثنيهم عن إكمال المعركة، وتنسيق بينهما لبيع وشراء النفط وهو ما صرّحت به أمريكا أيضاً، وبعد التدخل الروسي صار التنسيق ثلاثياً: النظام وداعش وروسيا، وهذا مثبت في ريف حلب الشمالي، حيث قامت روسيا بضرب القرى والبلدات المواجهة لداعش والتي تخضع لسيطرة الثوار قبيل تقدم داعش لأخذها، في تمهيد واضح لتقدم داعش، حصل ذلك في جبرين وإحرص وغيرها من قرى الريف الشمالي المواجهة لداعش.

...

إذا فهمنا ذلك دعونا نتساءل هل يدرك كيري هذه المعادلة؟ أم أنه يجهلها حقاً، إذا كان يدركها فلماذا يصرّح بهذه التصريحات؟

هل هي لرفع رصيد داعش الشعبي كلما تناقص، وإقناع أتباعها أنهم يقاتلون الثوار لأنهم متحالفون مع النظام ورسيا ضدهم؟

هل هي لتخفيض سقف نتائج مؤتمر الرياض، ورسم بوصلة له تدور فقط حول محاربة داعش دون التطرق لمصير الاسد؟

هل هي لمغازلة روسيا أمام غضبها من إسقاط الطائرة، وإفشال تحالف تركيا المزمع مع السعودية وباكستان في سورية؟

لماذا لم تكن الدعوة لتنسيق الفصائل مع تركيا والسعودية وباكستان وقطر مثلاً؟ وهم أقرب للثوار ويشتركون معم في هم القضاء على النظام وداعش معاً.

مهما يكن من دوافع وراء هذه التصريحات، فإن الثوار يدركون أنهم ما خرجوا إلا لإسقاط هذا النظام بكل رموزه وأركانه، وأن الاعتراف به أو التفكير بالتنسيق أو التعاون معه بأي مستوى كان، هو أمرٌ محظور شرعياً وثورياً وشعبياً ولا يمكن حتى مجرد التفكير به أو طرحه ضمن الخيارات.

المصدر: شبكة شام الكاتب: د. عبد المنعم زين الدين "منسق عام بين الفصائل"
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ