ما مدى التنسيق في وحدة تنسيق الدعم؟
ما مدى التنسيق في وحدة تنسيق الدعم؟
● مقالات رأي ٢٩ نوفمبر ٢٠١٤

ما مدى التنسيق في وحدة تنسيق الدعم؟

أعلن الائتلاف السوري المعارض تشكيل وحدة تنسيق الدعم في كانون الأول عام 2012 بمدينة غازي عنتاب التركية – التي تعرف اختصاراً بـ A. C. U. – من أجل تنسيق دعم جميع المتأثرين بالأزمة الإنسانية في سورية.

العمل 

تقوم وحدة التنسيق – حسب بيان نشر على موقعها الإلكتروني – بتوزيع الإعانة (غذاء ودواء( بشكل حيادي إلى جميع السوريين, بغض النظر عن معتقداتهم الدينية أو آرائهم السياسية، وبما يتوافق مع المعايير الدولية ومبادئ حقوق الإنسان.

تعمل الوحدة بالتنسيق مع المجالس المحلية ومنظمات الإغاثة الداخلية والجهات المانحة وهيئات الإغاثة الدولية والمنظمات غير الحكومية المحلية والدولية، لتحديد الاحتياجات وربط الجهات المانحة مع الجهات الفاعلة في الميدان. وقد ورد أن وحدة التنسيق هذه استطاعت إيصال مساعدات إلى أكثر من أربعة ملايين مواطن سوري!

الكادر 

تضم وحدة التنسيق كادراً يزيد على250 موظفاً يعملون في كافة المناطق التي تحوي فروعاً لها. وتعتمد الوحدة – كما يظهر في طلباتها للتوظيف – على الخبرات الجامعية والقدرات العلمية والعملية التي تعدّ عالية جداً مقارنة مع بقية المنظمات والوحدات التي تعمل في المجال ذاته. ويتوزع الموظفون على الشكل الآتي، وبشكل تقريبي: 60مركز غازي عنتاب, 10 مركز لبنان, 10 مركز الأردن, 100 في الداخل.

متوسط المصاريف الإدارية من حيث الرواتب 

تبدأ رواتب الموظفين من 1000 دولار وتصل إلى 5000 دولار لبعض الإداريين العاملين خارج سورية، أما في الداخل السوري فمعدل الرواتب يتراوح بين 300 - 500 دولار شهرياً. وبذلك فإن متوسط الإنفاق الشهري للرواتب لا يقل عن 250 ألف دولار للطاقة البشرية المنظمة العاملة في الوحدة فقط.. هذا يعني أنها قد أنفقت منذ قيامها وحتى الآن حوالي ستة مليون دولار أو يزيد.

الصلاحيات والأعمال 

بالإضافة إلى الجانب الإغاثي الغذائي والصحي تقوم الوحدة بدعم مشاريع المنظمات العاملة بالداخل )ما يخص صلاحيات الوحدة) بصفة يطلق عليها – دعم عاجل – وهي طريقة متداولة في المنظمات المانحة لدعم المنظمات التي يعتمد بقاؤها على دعمٍ سريع أو عاجلٍ لاستمرارِ عملها.

من إنجازات الوحدة 

مشروع التلقيح ضدّ شلل الأطفال في الداخل السوري، حيث تم توزيع أكثر من خمسة ملايين جرعةِ دواء بحسب ما أعلنته الوحدة.

تساؤلات 

تتحرك القوة الفاعلة في وحدة التنسيق من قسم العلاقات الخاصة بالمنظمات المانحة، وكانت تترأسه سهير الأتاسي المسؤولة المباشرة عنه – قبل إقالتها مع وزير الصحة عدنان حزوري بتاريخ 30 أيلول 2014 على خلفية وفاة أطفال بريف إدلب إثر تلقيهم لقاحات– ويمكن الاستدلال على ذلك ببساطة من خلال ظهور المدير التنفيذي السابق د. أسامة قاضي في الاجتماع الدولي الذي رعته الحكومات المانحة للشعب السوري، مع غياب الأتاسي المتكرر عن مثل هذه الاجتماعات. والسؤال هنا: هل تستمد الوحدة قوتها من أنها المعني الوحيد بتنسيق الدعم إلى الداخل السوري أم أن علينا تجاوز هذا السؤال؟

المهنية والخبرة والكادر 

تفخر الوحدة بأن لديها كادراً من ذوي الكفاءات العلمية والمهنية يفوق غيرها من المؤسسات المختصة بالشأن السوري، بل يندر أن تجتمع مثل هذه الخبرات في الحكومة المؤقتة والائتلاف معاً. ولكن ثمة أمران مربكان يكثر القول فيهما ولعلهما بعض أسباب عدم تماسك هذا الكادر:

الأول: هو المحسوبية في التوظيف، فقد ذكر بعض الموظفين السابقين, وبعض من زالوا قائمين على رأس عملهم أنه في كثير من الأحيان يجدون رجلاً غير مناسب في صلاحياتٍ غير مناسبة. وهنا نطرح سؤالاً: هل هذه الوحدة قوقعة ذات مظهر خارجي تبتعد في مضمونها عن الغاية المطلوبة؟ 

الثاني: في ظل الظروف التي يعاني منها أي وافد إلى الخارج السوري, وبعد متابعة عدة حالات من أشخاص قدموا طلبات للتوظيف ولم يحظوا بشرف العمل فيها رغم امتلاكهم المؤهلات المطلوبة, كان جوابهم مخيباً للآمال: "ليس لدي من يقوم بتزكيتي من المسؤولين داخل الوحدة."! وهذا يدفعنا إلى التساؤلين التالين: هل من شروط التوظيف المعلنة تزكية من أحد العاملين في الوحدة؟ وهل هذا الشرط أهم من الخبرات التي يمتلكها طالب الوظيفة؟ 

وفي سؤالٍ على الهامش، توجهنا به إلى بعض العاملين في الوحدة: إذا رغب الموظف لديكم بالحصول على إجازة صحية أو عطلة لظرف طارئ، فماذا عليه أن يفعل؟ فكان الجواب غائماَ متردداَ!

إن هذا الأمر لا يعيب الموظف، لكنه يدفع للاعتقاد بوجود خللٍ ما في النظام الإداريّ الخاص أو سياسة العمل، خصوصاَ أنه متصل بالتفاصيل الإدارية المتعلقة بسياسة الحوافز والعقوبات، تلك السياسة التي تعد عصباَ مهماَ لتنظيم عمل أي مؤسسة. فهل ثمة قوانين ناظمة لآلية عمل الموظفين في الوحدة أو أن الناظم لها هو نوع العلاقات الشخصية في داخل السلسلة الهرمية للإدارة؟!

الإنجازات مقارنة بالإمكانات 

نفهم من موقع الوحدة أن أهم إنجاز لها تفخر به هو مشروع مكافحة شلل الأطفال في الداخل السوري المحرر. ومن خلال بحثنا الشخصي علمنا أن المشروع قد تم بالتنسيق مع أكثر من ثمانية آلاف متطوع في الداخل السوري, علينا – بالطبع – شكرهم كل الشكر على عملهم التطوعي!

وهنا نسأل: هل كان المشروع سينجح بقدرات الوحدة بدون تبرع المتطوعين؟ ثم, أليس من البرّ أن يحصل هؤلاء المتطوعون على مكافآت رمزية مقارنة بالرواتب المجزية لموظفي الوحدة؟ 

ذكرنا لتعريف الوحدة أنها تقوم بدور الوسيط لتنسيق عمليات إيصال أنواع الدعم إلى الداخل السوري، وقد عرفنا – من خلال بحثنا الخاص – أن هذا الدعم يشمل الدعم الإنساني والإغاثي والتربوي والنفسي... 

مع شكرنا الأكيد لجهود الوحدة, لكننا سنظل نتساءل عن سبب بروز بعض المؤسسات الإغاثية المستقلة في الداخل المحرر بشكل يدفعنا للشك بإمكانية الوحدة في تغطيتها للحاجات التي تصدت لها في برنامجها النظري. وهذا يقودنا لسؤال آخر عن) التخريجات ( القانونية لدعم بعض النشاطات الخارجية مقارنة بالتقصير في الداخل، كما حصل في دعم نشاط فنان مسرحي معروف بمبلغ ثلاثين ألف دولار مقابل عمل ترويجي بسيط للوحدة من خلال نشاطاته؟!

تبين لنا بالبحث والسؤال أن أعداد الموظفين التابعين للوحدة في شمال سورية – المتمثل في تركيا – في مجمل نشاطاته تفوق الحاجة إليهم إذا قورنت بالتقصير الكبير في مخيمات اللاجئين بالأردن ولبنان!

وهنا نسأل عن السياسة التي تتبعها الوحدة في توزيع موظفيها أصحاب الأجور العالية؟... وهنا لا يوجد سؤال يمكنني التفكير به!!!

يعلم المراقبون والمهتمون بالشأن الإغاثي – في الداخل السوري – حجم الخدمات والمساعدات التي تؤديها مؤسسات إغاثية متفرقة هناك بموارد مادية محدودة. وهنا نسأل: هل يوازي ما قدّرناه بستة ملايين دولار من نفقات الوحدة حتى الآن بالمنجزات العملية التي استطاعت أن تحققها على أرض الواقع؟ 

بشفافية 

وهذا لا يغضّ من الجهود المشكورة التي قامت بها الوحدة في السنتين الماضيتين, فقد كان لها لمستها أيضاً في بعض المجالات, مثل: مساعدة مؤسسات الدفاع المدني في بعض المناطق السورية المحررة, وإرسال بعض المواد الطبية إلى مناطق متضررة بسبب القصف.

وأخيراً 

إن ما كتبته لا يعد سوى محاولة خجولة لنقد بناء, بالنظر إلى المشكلات التي تعاني منها الوحدة, إما بضعف القرار أو القدرة الإدارية، أو بعدم بذل جهد أكبر في التنظيم للحصول على بعض المنح التي يستحقها الشعب السوري, ويخسرها بسبب الضعف في التنسيق والسرعة في اتخاذ القرار, رغم أن الوحدة لا ينقصها أي سبب من أسباب النجاح فيه, من قدرات مادية تحلم بها أي مؤسسة تعمل في المجال ذاته, وكادر معظمه مؤهل!

إننا لا نحاول هنا رمي عبء المسؤولية على أي موظف كان, لكننا نريد أن نوجه سؤالاً واحداً كبيراً: أما آن لوحدة التنسيق والدعم أن تقوم بنفض غبار الفوضى وتعمل على نظام حقيقي يوزع المسؤولية بين كوادرها ولا يرمي بالمسؤولية في كل مرة على شخص ما فيها؟

المصدر: مجلة المرآة الكاتب: تاليا قدسي
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ