ما وراء الهدنة "الغامضة"
ما وراء الهدنة "الغامضة"
● مقالات رأي ٢٩ ديسمبر ٢٠١٦

ما وراء الهدنة "الغامضة"

اعتاد الشعب السوري على سماع هدن وقف اطلاق النار، خاصة في العام الحالي، والذي كان في كل مرة يخرج عن النسق المرسوم له ضمن الاتفاقات التي تكون روسيا جزء منه، ليعود القصف بشكل ممنهج أكثر من ذي قبل، وهاهي روسيا تدخل كضامن لهدنة جديدة تشمل كافة انحاء سوريا، ولكن برعاية تركية هذه المرة، وببنود فضفاضة.

اعلان الهدنة التي ستبدء منتصف الليلة، بعد اجتماع فصائل من المعارضة المسلحة، والوفد الروسي بمباركة تركية وعلى أرضها، هو بكل تأكيد مناورة روسية جديدة، الهدنة التي لم تتضمن تفاصيل واضحة مع تذبذب بالتصريحات حول المضمون بين اطراف الاتفاق الثلاثة، مايدفعنا لوصفه كنوع من المخدر بعد معركة حلب.

روسيا لم تصدق ولن تصدق في تفاوض يصب في مصلحة الشعب السوري، وهذا الاتفاق الذي سهلت اتمامه بعد موافقتها على ضم الغوطة الشرقية وحي الوعر الحمصي ضمن الهدنة، ماهو إلا لإتاحة الفرصة لقوى الحشد العراقي الى جانب قوات النظام، التي تتجهز منذ قرابة شهر في الحسكة، لشن معركة جديدة ضد تنظيم الدولة لتظهر بمظهر مكافح الارهاب، بينما تنشغل المعارضة باصدار البيانات بين موافق للهدنة ورافض لها.

وتبدو هشاشة الهدنة من خلال ضيق الوقت الذي صرح به الناطق باسم المعارضة، "أسامة أبا زيد"، والذي لم يتجاوز خمس دقائق، تلى فيها بنود الاتفاق والذي كان واضحاً من خلالها بعدم وجود فكرة اخراج الميليشيات الشيعية التي تقاتل الى جانب قوات النظام السوري من سوريا، وانما فقط ضمان روسيا لإلتزامها بالاتفاق، في الوقت الذي لم يحدد فيه نص الاتفاق هل جبهة فتح الشام ضمن الاتفاق أم أن كلمة "فصيل ارهابي" ستلازم فترة الهدنة، مايجعل قصف كافة مناطق سوريا التي تتواجد فيها الجبهة متاحة، بدءً من ادلب التي باتت تضم كافة الفصائل المهجرة من المناطق المحررة، وأكبر تجمع للنازحين السوريين.

بدء الحديث في المؤتمر الصحفي للهدنة عن وقف عملية التغيير الديمغرافي، كان فيه نوع من الاستخفاف بعقول الناس، فلربما بات الريف الدمشفي القريب من العاصمة كله بأيدي النظام وحلفائه، بينما يشهد الجنوب الدمشقي حالة ركود عسكري منذ أكثر من عام ونصف، أما الغوطة الشرقية فالواضح أن صفقتها مع روسيا ستقتصر مع أكبر فصيل وهو جيش الاسلام، والذي كان أصلاً من ضمن الموقعين على الهدنة، وهذا يجعل جبهات الغوطة الشرقية حالياً تشهد هدوءً، خاصة وأن خروج 20 ألف مقاتل من الغوطة أمر قد يرهق النظام سواء باخراجهم أو في تجميعهم مع باقي الفصائل في ادلب، مايهدد النظام في حال اخراجهم في الشمال السوري.

هذه الفترة التي أبدت فيها روسيا لطفها بينما تعيد تنسيق أوراقها، ستكون بداية معارك جديدة للنظام والميليشيات الشيعية ضد تنظيم الدولة، بينما الشعب السوري يحلم باجتماع استانة الذي لن يكون إلا مجرد مجاملة سياسية واجتماع خلبي لا أكثر.

الكاتب: رنا جاموس
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ