ماذا بعد سيطرة هيئة تحرير الشام على محافظة "إدلب"
ماذا بعد سيطرة هيئة تحرير الشام على محافظة "إدلب"
● مقالات رأي ٢٧ يوليو ٢٠١٧

ماذا بعد سيطرة هيئة تحرير الشام على محافظة "إدلب"

تمكنت هيئة تحرير الشام من فرض سيطرتها على محافظة إدلب بعد معارك مع حركة أحرار الشام التي كانت تسيطر على معظم مناطق المحافظة، حيث انتهى الاقتتال بين الطرفين إلى توقيع وثيقة صلح تضمنت انسحاب حركة أحرار الشام من معبر باب الهوى ومن مدينة إدلب مركز المحافظة.

وبذلك تصبح الهيئة بحكم المسيطرة فعلياً على كامل محافظة إدلب باستثناء بعض المناطق التي تخضع لسيطرة بعض الفصائل الصغيرة والتي تربطها بالهيئة معاهدات ومواثيق تدفع من خلالها الأخيرة ضرائب وإتاوات للهيئة مقابل ابقائها وعدم التعرض لها في أماكن تواجدها.

وقد فرضت الهيئة حصاراً خانقاً على فصيل صقور الشام المتواجد في القسم الشرقي من جبل الزاوية والذي يعتبر آخر الفصائل التي لم تخضع للهيئة، وأسفر الحصار المفروض عن توقيع اتفاق بين الطرفين يقضي بفض النزاع وعودة الأمور بينهما إلى ما كانت عليه قبل الاقتتال الأخير بحسب ما قال الشيخ بسام أبو عطا مسؤول لجنة التفاوض.

وأضاف الشيخ بسام أن الهيئة كلفت لجنة برئاسته لمتابعة الأمور العالقة بين صقور الشام وبين الهيئة والتي بدأت بتوقيع الاتفاق الذي ينص على وقف الأعمال العسكرية بين الطرفين والالتزام بهدنة كاملة ورفع الحواجز في المنطقة وعدم التعرض لأي شخص من الطرفين وإطلاق الأسرى ثم تشكيل محكمة لتفصل بالمسائل العالقة بين الطرفين وتعود الأمور إلى طبيعتها.  

وعملت هيئة تحرير الشام على القضاء على أهم الفصائل العسكرية في الشمال السوري، حيث كانت البداية مع جبهة ثوار سوريا التي حاربتها بتهمة العمالة والفساد وتمكنت من دخول قرية دير سنبل مسقط رأس قائد الجبهة جمال معروف لتعلن بذلك عن سيطرتها على أخر معاقل الجبهة وتمكنها من القضاء عليها بشكل كامل.

وقد اعتمدت الهيئة سياسة تحييد الفصائل الأخرى وذلك لعدم تمكنها من محاربة الفصائل مجتمعة، حيث يرى الناشط الإعلامي الليث العاصي أن السياسة التي تتبعها جبهة النصرة تعتمد على دب الفتن والخلافات بين الفصائل من جهة وبين الفصائل والحاضنة الشعبية من جهة أخرى لأنها ليست قادرة على مواجهة الفصائل مجتمعة وغير قادرة على تنفيذ أعمالها في ظل الرفض الشعبي ولذلك فإنها تنجز كل أعمالها في الاعتماد على هاتين الخطوتين.

ويعتبر الليث أن هذه من سياسة النصرة العامة التي تقوم على فكرة التغلب وإحكام السيطرة على كافة المناطق التي تتواجد فيها وبالتالي فرض مشروعها الخاص بالقوة وفي ذلك دليل على عدم قبول الآخر وتهديد لاستمرارية المشاريع الأخرى ما يعني مصادرة حرية الآخرين والتدخل في شؤونهم العامة وهو ما يناقض أفكار الثورة.

في حين حمل الليث الفصائل العسكرية الثورية مسؤولية سيطرت النصرة على المحافظة مشيرا إلى أن الفشل الذريع الذي منيت به الفصائل العسكرية الثورية ولا سيما على صعيد التنظيم ووحدة الصفوف كان له الدور الأساسي في تمكن النصرة من فرض سيطرتها العسكرية على المنطقة.

ودعت هيئة تحرير الشام الفعاليات المدنية والخدمية العاملة في محافظة إدلب بعد سيطرتها على المنطقة إلى لقاء تشاوري تخلص منه إلى إدارة ذاتية مدنية تعمل على تسيير مؤسسات المحافظة والعمل على متابعة الشأن الخدمي العام من تعليم وصحة ومجالس محلية وغيرها.

وقال علي سلطان الناشط السياسي وعضو تجمع سوريا الثورة إن بقاء جهة واحدة هي المسيطرة على القرار في المحافظة قولاً واحداً يصب في المصلحة العاملة لأن كل المشاكل التنظيمية التي نشأت ولا تزال نتيجة تعدد الفصائل وعمليات المحاصصة التي طرأت على المؤسسات الخدمية والمدنية وما تبعها من مشاكل وعراقيل نأمل أن تنتهي في ظل توحيد القرار.

وعلى الرغم من التخوف الذي يبديه كثير من الناس من عملية سيطرت الهيئة واستئثارها في القرار وتضييقها على الناس والمؤسسات المدنية يرى سلطان أن الأمر لا يزال قيد التنبؤ والظاهر أن الهيئة تحاول أن تغير من سياستها لتكون أكثر انفتاحا على المجتمع وذلك من خلال دعوتها للحوار مع الهيئات والفعاليات المدنية وما صدر من تصريحات عنها برغبتها تسليم المؤسسات الخدمية إلى الجهات المدنية القادرة على تفعيلها بما فيه مصلحة المواطنين والبلد والأيام القليلة القادمة كفيلة ببيان صحة ما تقوله الهيئة.

ورأى سلطان أن الغاية المهمة في الموضوع أن تسير الأمور بسياقها الطبيعي وأن تتمكن المنظمات المدنية والمجالس المحلية من أخذ دورها الطبيعي في تأمين حاجات المنطقة التي تتزايد بشكل يومي نتيجة ظروف الحرب التي تمر بالبلد وازدياد أعداد النازحين في محافظة إدلب.

الكاتب: أحمد عاصي
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ