ملازمة الأسد
ملازمة الأسد
● مقالات رأي ٣١ ديسمبر ٢٠١٤

ملازمة الأسد

العدائية: هي  ممارسة القوة أو الإكراه ضد النفس أو الغير عن قصد، وعادة ما تؤدي القوة  إلى التدمير أو إلحاق الأذى أو الضرر المادي وغير المادي بالنفس أو الغير، وغالباً مايكون السلوك العنيف نواة للإجرام فالتصرف العدائي قد يلجأ إليه الإنسان حتى  يتمكن من الحفاظ على بقائه  ونوعه من ناحية، وإشباع حاجات الذات وتحقيق الفعالية والوجود من ناحية أخرى، فلما تكون المقاصد الكامنة وراء السلوك العدائي منطوية على إلحاق الهلاك بالحرث والنسل تكون مؤشرات على تطور العدائية.
إن حالات الإحباط الشديد تؤدي إلى ظهور قدر معين من العدوانية التى تعتمد على كمية المشاعر السلبية الناجمة عن حالة الإحباط أو الفشل، ولما كان الإحباط مفتاحاً للغضب، والغضب بدوره يؤدي إلى العدوان، والعدوان يعتبر بمثابة (الدينامو) الذي يقوم بتوليد العنف، فإن العنف يتحول في هذة المنظومة السيكودينامية إلى سلوكيات مضطربة ومسالك دامية تتبلور فى نهاية المطاف لتصل إلى الانتقام.
فتكون بذلك العدائية شكلاً من أشكال السلوك التعويضي عن الإحباط المستمر، وهو نشاط هدام يقوم به الفرد لإلحاق الأذى بالآخرين، سواء عن طريق الاستهزاء الكلامي أو الألم الجسدي ويمكن ان يفضي في حالات متطورة إلى إيذاء الذات. فالنزاع حول ملكية شيء ما، أو الأحقية في مكان ما، أبرز ما يستثير العدائية في السلوك، إذ يرى كلا الطرفين المتنازعين أن له الأحقية في التملك.
لكن هل يفضي بنا ذلك إلى تفسير العدائية المفرطة التي تعامل بها نظام الأسد في مواجهة المتظاهرين السلميين والمدنيين العزل؟ ألم يكن ممكناً أن يتلافاها النظام بشكل من أشكال الحوار أو استيعاب الطرف الآخر وتحقيق بعض مطالبه؟  ولكننا نرى أن النظام وقع في فخ العدائية، إذ أن خوفه من فقدان مايعتبره مملكته الخاصة،  وغريزته الغوغائية التي لاتجد بداً من القضاء على أعدائه في سبيل البقاء، حذت به إلى استخدام العدائية المرعبة حيال الأشخاص، والأماكن، وحتى الممتلكات العامة. فنرى منذ بداية الثورة شبيحة النظام يرددون هتافات توحي بالعدائية "الأسد أو نحرق البلد"، كيف ذلك؟ ومن غير المنطقي بل ومن المرفوض عقلاً إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين الذين لايحملون سلاحاً.
وهذا أيضاً ما نراه جلياً في سلوك المدعو رستم غزالة حين قام بإحراق قصره في درعا لكي لا يدخله الثوار، إنها العدائية الموجهة والتي تتعدى إلحاق الأذى بطائفة معينة، إلى إلحاق الأذى بالممتلكات، وتحويل المدن إلى ركام، وجعل الآثار قاعا صفصفاً. وهي ترجمة واضحة لما يحسه النظام وأفراده من إحاطة الخطر بهم فيعمدون إلى ما يسمى سياسة "الأرض المحروقة". إضافة إلى ذلك أبشع أشكال العدائية متجسدة في الأساليب المستحدثة في التنكيل بالمعتقلين وسومهم أشد أنواع التعذيب والانتهاكات  الجسدية، والإهانات المعنوية والعمد إلى استخدام كل صنوف التعذيب التي لا مبرر لها، من كهرباء، واغتصاب، وتجويع إلى حد الموت.
فنرى من يخرج من المعتقلات أو يموت  فيها على جسده آثار من العذاب يستحيل لإنسان سوي أن يرتكبها في حق بشر، وللإستدلال على أن العقدة المرضية تسيطر على هؤلاء الأشخاص، أننا نراهم يوثقون جرائمهم بالصور ويتفاخرون بها مما يدل على حالة الإحباط والفشل التي أدت إلى توليد العنف المؤذي، فلا يمكن لشخص سوي أن يمارس العنف أو يستعرض قوته البدنية على شخص مكبل معصوب العينين، لأن الأشخاص الأسوياء يؤمنون بضرورة تكافؤ الفرص حتى يشعر المنتصر بنشوة الانتصار، أما الانتصار على شخص لايمتلك أيا من أدواتك فهو لا يعدو كونه فشلاً ذريعاً وضعفاً واضحاً.
وترتفع حدة العدائية عند البعض حتى تصل إلى حد الجريمة البشعة، إذ غذت الميول الطائفية عقدة العدائية، فصار شبيحة النظام وموالوه خاصة من الشيعة الذين يتعبدون بقتل السنة، يعمدون إلى ارتكاب مذابح جماعية طالت حتى الاطفال.
يفسّر اختصاصيو علم النفس العدائية على أنها: خط حماية متفجّر قوامه الخوف من تكرار معاناة القمع، فالعدائي يبادر إلى الهجوم لحماية موقعه الدفاعي، مما يفسر حرب البقاء التي اختلقها النظام ومؤيدوه على اعتبارهم أقلية يدافعون عن وجودهم ازاء من ارتأوا أنه من الممكن أن يهدده في حال لم يكونوا في السلطة، إلا أن السحر انقلب على الساحر فبات الأسد يلقي  بأبناء طائفته إلى التهلكة بحرب مفتعلة يدفع ثمنها الكل حتى من لا ناقة له فيها ولا جمل.

المصدر: شبكة شام الكاتب: جوري الميداني
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ