ملجأ الأسد والكلب المسعور
ملجأ الأسد والكلب المسعور
● مقالات رأي ٤ ديسمبر ٢٠١٦

ملجأ الأسد والكلب المسعور

يتذكر مسؤول سابق مقرّب من دمشق انه عندما زار العاصمة السورية بعد التهديد الذي وجهته إدارة الرئيس اوباما لنظام بشار الاسد بسبب أقدام الاخير على إستعمال السلاح الكيميائي ضد معارضيه، وجد ان عددا من المسؤولين الذين إعتاد أن يلتقيهم قد إنتقلوا الى الملاجئ تحسبا للصواريخ التي ستنطلق من الاسطول الاميركي في المتوسط نحو مقرات النظام تنفيذا لتهديد أوباما بإنه سيعاقب الاسد إذا ما إجتاز الخط الاحمر الكيميائي. وروى هذا المسؤول انه أبلغ أصدقاءه السوريين ان الرئيس اوباما تراجع عن وعيده بعدما بدأت تتواتر الانباء عن صفقة روسية - اميركية تخلى بموجبها الاسد عن ترسانته الكيميائية مقابل إعفائه من العقاب.

يشارف زمن اوباما اليوم على الانتهاء. وبدأ زمن الرئيس المنتخب دونالد ترامب يقترب. ومن المؤشرات التي لا تبعث على الارتياح في طهران التي تمثل السند الاقوى للاسد ان الادارة الاميركية المقبلة بدأت تبعث برسائل مقلقة الى محور طهران - دمشق، وآخرها إختيار ترامب الجنرال المتقاعد جيمس ماتيس وزيرا للدفاع في إدارته المقبلة. وقال ترامب أمام حشد من إنصاره: "سوف نعيّن "الكلب المسعور" ماتيس وزيرا لدفاعنا". ومن المعروف عن ماتيس وصفه إيران بأنها "أكبر تهديد محدق بالاستقرار والسلام في الشرق الاوسط". ومن الرسائل المقلقة أيضا، إقرار مجلس الشيوخ الاميركي تمديد العقوبات المفروضة على طهران لمدة 10 سنوات أخرى ،ما يعني معاقبة الشركات الاميركية التي تتعامل مع طهران.وأتى هذا القرار على رغم تهديد أطلقه مرشد الثورة الاسلامية آية الله علي خامنئي متوعدا بالانتقام إذا ما تم تمديد العقوبات. وربما كان إعلان النائب في مجلس الشورى الاسلامي محمد رضا تابش بالامس عن إعداد مشروع قانون عاجل حول "منع شراء السلع الاستهلاكية" الاميركية هو ترجمة لتهديد المرشد.

لم يعد خافيا أن اللهفة الايرانية للسيطرة على حلب باتت موصولة بالتغيير الاتي من واشنطن. وتقول مجلة "الايكونوميست" في عددها الجديد: "تقول حكومة السيد الاسد أنها تريد إستعادة حلب... قبل أن يتسلّم دونالد ترامب منصبه. وحالما تسقط (حلب) يصبح الاسد مسيّطرا على المراكز المدينية الرئيسية في سوريا". من هنا يفهم المرء السبب الذي دفع طهران الى تفعيل خط الاتصال بينها وبين موسكو فأوفدت مساعد وزير الخارجية ابرهيم رحيم بور الى العاصمة الروسية للتأكيد أن"التعاون في سوريا سيستمر" على حد تعبير المسؤول الايراني. ولن يكون هذا التصريح مفهوما خارج المعلومات التي تفيد ان خطا حواريا مفتوحا الان بين المعارضة السورية والكرملين يتمحور حول حلب وينطلق من التفاوض لإنهاء القتال في شرق المدينة، ما "يؤشر الى نقطة خلاف" بين موسكو وبين الاسد وإيران، كما تقول "الدايلي تلغراف" البريطانية.

ليست هي المرة الاولى التي يفترق الموقف الروسي عن الموقف الايراني، ولن تكون الاخيرة. لكنها ستكون المرة الاولى بعد 8 أعوام من إدارة اوباما التي أخرجت الاسد من الملجأ.

المصدر: جريدة النهار الكاتب: أحمد عياش
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ