من “يبرود” إلى “حلب” .. الترهل الثوري يدمر “الثورة”
من “يبرود” إلى “حلب” .. الترهل الثوري يدمر “الثورة”
● مقالات رأي ٧ ديسمبر ٢٠١٦

من “يبرود” إلى “حلب” .. الترهل الثوري يدمر “الثورة”

لازال مشهد سقوط مدينة “يبرود” شاخصاً أمام عيني، و أنا أتابع الحالة الذي وصلت إليها مدينة حلب، التي باتت في وضع ضيّق جداً، و هي تناشد الخلاص بأقل الخسائر الممكنة ، وإن كان حال الحفاظ على تبقى، متوافراً بين يدي الثوار رغم قلتهم عدداًً وعتاداً و مساحة.

في بدايات ٢٠١٤ ، كانت يبرود تنتظر الهجوم الأكبر عليها، و كان عشرات الفصائل من شتى الانتماءات تتواجد بكثرة فيها، وتملك عدة وعتاد و قوة رجال، و لكن كانت تعاني من “الترهل الثوري” الناتج عن هدوء الجبهات أو تهدأتها، الأمر الذي جعل الثوار يجنحون للسلم في وقت الجد، فما كان منهم عند بدء الهجوم إلا أن قرروا مواصلة “الاستراحة” وبالانسحاب أو الاستنكاف.

حلب التي تحررت قبل أربعة أعوام، على يد القلة ، شهدت دفعات من الولادات المتتالية والمتتابعة للفصائل، وتحول توجهها عن الطريق الأساسي، واقتربت من الأعمال الكلاسيكية، والدخول في الـ“دولنت”، و تحويل العسكر لعمال مدنيين ، تحت شعار الثورة، فلم تعد آلة العمل الثوري كما هو معتاد، و أصيبوا بلعنة “الترهل الثوري”، الذي نحصد نتائجه اليوم.

لايمكن وصف عمليات الانسحابات المتتابعة في مدينة حلب على أنها من نوع “الخيانة”، اذ هي أبعد عن هذا الوصف، و كل ماهنالك هي حالة طبيعية لـ”الترهل الثوري”، اذ يؤثر المصاب بهذا الداء، بعد أن يتغلغل به، على الاستسلام أحيانا أو تضييق المساحات أحياناً أخرى، بغية عدم زيادة المجهود أو تهرباً من وجوب التنسيق.

ومن مفرزات “الترهل الثوري” أيضاً، حالة الصراعات الجانبية على أمور قد تكون عبثية في ظل ما يواجههم من مخاطر، فتلك المواجهات (الداخلية) أسهل بكثير من مواجهة الحرب الخارجية، فهي لاتحتاج لأكثر من قرار سريع من أحد ما ، مدعوم بفتوى معينة ، ومن ثم الهجوم لسويعات و ينتهي الأمر، أما مواجهة المعتدين من الخارج فالأمر يحتاج لرباط، وتجهيز هندسي و استعداد للمواجهة و تحضير للمؤازرات ، وصرف للذخيرة، أي بقصارى الكلمات “العودة للثورة” التي تكون صعبة للغاية مع تمادي “الترهل الثوري” في جسدها.

في العموم، و بالعودة إلى يبرود و القلمون عموماً، التي واجهت هجمة مشابهة لحلب، استطاع ما يقارب ٧٠٠ ثائر حقيقي، من الصمود إلى القدر الذي تمكنوا فيه، و في حلب يكفي أن يكون عشرات لازال “الترهل الثوري” غير نافذ بهم، حتى تصمد لفترات طويلة كافية لانقاذهم فيما بعد.

المصدر: شبكة شام الاخبارية الكاتب: زين مصطفى
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ