موقفنا: الانتخابات التركية وموقف ضيوف تركية منها
موقفنا: الانتخابات التركية وموقف ضيوف تركية منها
● مقالات رأي ١٠ مايو ٢٠١٨

موقفنا: الانتخابات التركية وموقف ضيوف تركية منها

يعيش الشعب التركي هذه الأيام عرسا ديموقراطيا حقيقيا ، يُغبط عليه ، حيث تلتهب في ساحة المنافسة أصوات الناخبين ، ودعايات المرشحين ، وبرامجهم ، وتصوراتهم لمستقبل دولتهم وشعبهم ووطنهم .

وإن كان لأهل الحق في هذا الميدان من كلمة ولاسيما لملايين المستأمنين من اللاجئين الذين يعيشون على الأرض التركية من سوريين وعراقيين ومصريين وفلسطينيين ، فهي الدعاء للشعب التركي أن يلهمه الله رشده ، وأن يسدد اختياره ، لاختيار القوي الأمين القادر على خدمة الدولة التركية ، وتلبية تطلعات شعبها ..

إن الذي يجب أن يعلن وأن يؤكد عليه من قبل كل المستأمنين الذين يعيشون على الأرض التركية قيادات وأفرادا : أنهم في تركيا ضيوف على الدولة التركية ، وفي جوار الشعب التركي الكريم . وأنهم لا يتدخلون في خصوصيات الدولة التركية والشعب التركي . وأنهم ليسوا طرفا في أي معركة من معاركه الداخلية ، ولا في أي منافسة من منافساته السياسية ..

إن تلاعب موج العواطف ببعض الناس ، ولاسيما بعض القيادات ، وانزلاقهم إلى مواقف وتصريحات وعبارات لا تخدم المضيف ولا الضيف لهو من الجنايات التي تعود بعض الناس أن يجنوها على أنفسهم وعلى من يلوذ بهم ، فيشترون البلاء بالعافية وقد أغناهم الله عن البلاء . وضمنت لهم قواعد الحياة العافية .

إن من أهم الضرورات أن يتحدث هؤلاء المستأمنون أو اللاجئون ( إذا شئتم ) باحترام بالغ عن الطيف التركي بكل مكوناته . أن يتحدثوا بتوقير عن المؤسسات والأحزاب والقوى والشخصيات ، فنحن - معاشر المستأمنين - لسنا جزء من هذا التنافس السياسي المحموم والمشروع..بل سنظل نكرر أننا نغبط الشعب التركي على نعمة عظمى هو فيها ، ونسأل الله أن تحل قريبا في أوطاننا .

كما أننا نأمل من جميع القوى والمكونات التركية السياسية والمجتمعية ، أن تتفهم البعد الإنساني لوجودنا في ضيافة الدولة التركية والشعب التركي أجمع . نأمل أن تتفهم هذه القوى أن هذا الوجود العارض ليس ضيفا على حزب ، ولا على حكومة وإنما هو ضيف على دولة وعلى شعب . وأنأمل بالتالي من جميع القوى أ، ن تقارب قضايانا في برامجها الانتخابية مقاربة إنسانية بحتة ، وأن تعد بأن تكون طرفا في الدفاع عن قضايا الشعوب العادلة ولاسيما في بلدان الجوار المحرومة من أبسط حقوق الإنسان ..

لا يمكن لأي قوة ديمقراطية ، وتمارس الديمقراطية ، وتستمع بعطاياها ؛ ثم يكون وعدها الديمقراطي أن تكون داعمة للاستبداد ، أو شريكة في حرمان شعوب ، تكالبت عليها قوى الشر في العالم ، من حقها الديمقراطي . لا يمكن للديمقراطية أن تتحالف مع الفساد والاستبداد والظلم ، وعي حين تفعل ، تكون قد حكمت على نفسها ..

بل إن المأمول من جميع القوى الديموقراطية السياسية والمجتمعية في تركية أن تضع في برامجها الانتخابابية بندا يتضمن نصرة المظلوم ، والدفاع عن حق المستضعف المحروم ، ودعم المشروع الديمقراطي في المنطقة ، كخيار وحيد لإخراج المنطقة التي نقتسم العيش فيها من أزمتها الطاحنة . الخير عندك جارك تلقاه في ديارك . ولهيب الحرب لا يعفي ولا يبقي.

نأمل أن تتفهم جميع القوى الديمقراطية والمباشرة للعملية الانتخابية في تركيا أن وجود السوريين وغيرهم من المستأمنين على الأرض التركية هو وجود عابروطارئ ، اقتضته ظروف إنسانية صعبة . وأنه من حق على جميع القوى الديمقراطية الحقيقية أن تجعل من العمل على مساعدة هؤلاء اللاجئين ميدانا للتنافس الحميد . وأن يكون في قائمة وعود كل المرشحين : مساعدة جميع اللاجئين على تجاوز محنتهم ، والعودة الكريمة إلى بلدانهم ، ليمارسوا فيها حقوقهم في انتخابات حرة نزيهة ،كالتي ينعم بها الشعب التركي العظيم .

إن توعية جماهير اللاجئين بهذا الموقف السياسي المبدأي ، والحرص عليه ، هو جزء أصيل من واجبات القيادات السياسية الحية . ومن أساسيات العيش الإنساني في ضيافة الآخرين أو على هوامشهم . و لا يجوز لمن يتولى أمر الناس أن يسكت عن بيان هذا الحق بله أن ينخرط فيما يقابله..

إن التفكير في مستقبل ثلاثة ملايين إنسان ، تستضيفهم الدولة التركية مشكورة على رحب وسعة ، لا يجوز أن يكون موضع لمراهنة المراهنين .

ولو كان لضيوف تركيا من كل المستأمنين، ومن السوريين خاصة ، هيئة حقيقية معبرة عن مصالحهم وتطلعاتهم ومخاوفهم ، لشكلت وفدا يطوف على كل أطراف المعادلة الانتخابية في تركيا لتنهي إليهم : إن هؤلاء المستأمنين يقفون على مسافة واحدة من جميع أطراف العملية الانتخابية . وأنهم سيظلون أوفياء للشعب التركي أجمع ، ولدولته القوية العزيزة ، ولكل من ينتخبه هذا الشعب تعبيرا عن إرادته الحرة ..

اللهم يسّر أشقاءنا الأتراك لليسرى.

المصدر: مركز الشرق العربي الكاتب: زهير سالم
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ