مَن يدعم مَن؟ داعش والبنتاغون!
مَن يدعم مَن؟ داعش والبنتاغون!
● مقالات رأي ٥ نوفمبر ٢٠١٤

مَن يدعم مَن؟ داعش والبنتاغون!

تقدمت مدينة عين العرب/ كوباني السورية على المدن الاخرى اعلاميا منذ بدا هجوم تنظيم الدولة/ داعش على حدودها وتهديدها بالغزو والاحتلال كما حصل مع غيرها من المدن التي سبقتها ولم تجن مثلها ما يعرّف بها او يعيرها مثل هذا الاهتمام. فتحولت الى اسم علم مركب، باسميها العربي والكردي، في صدر الصحف وأخبار وسائل الاعلام بكل اللغات، من خلال الهجوم عليها واستفادت منه ولكن كما بات معروفا لم يمر دون تضحيات جسيمة. فقد عانى اهلها وسيعانون من كل ما حصل لها، حتى اعلاميا. كل ذلك له اسباب كثيرة. من بينها ما تعرضه من فضائح لجهات عديدة، ارتبطت او تورطت بها او تواطأت عليها. حيث تبينت المواقف المتناقضة والصراعات الخفية بين القوى الاستعمارية والمصالح الامبريالية وشعاراتها الكاذبة. حتى اريد ان يصبح ما جرى للمدينة وسكانها عبرة لغيرها. فكل ما يعلن ويذاع لا يساوي ابدا ما تعرض له الاهالي فيها، النازحون منهم او الصامدون او المقاتلون المدافعون عنها بشجاعة وعزيمة. ولعل الاخطر في امرها هو ما تسلسل من وقائع وأحداث منذ البداية والى اليوم. فالتحالف الدولي الذي اعلن للقضاء على داعش انكشف في عين العرب/ كوباني وفضح في ممارساته وكذبه وخداعه. والأكثر فيه ما تم بينه وحليفته الرئيسية في المنطقة، تركيا، وعضويتها في حلف الناتو وتحالفاتها الاقليمية ومواقفها المتناقضة بين المشاركة مع التحالف او المخالفة له. ولعل تناقضات تصريحات الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وأركان حكومته حول الموضوع تكشف تلك الجوانب، لاسيما حول الضغوط الواسعة من قبل الاكراد وحزب العمال الكردستاني/ PKK والاتفاقيات المبرمة والحلول السلمية والتفاوضية التي تعمل عليها بالتعاون والتنسيق مع ابرز دول التحالف الحالي.
عرّت عين العرب/ كوباني مواقف التحالف وتركيا بشكل سافر. وصعّدت من طبيعة التناقضات البينية بين الحلفاء وتركيا، وبين تركيا والأكراد، وبين الاكراد انفسهم، سواء من سكان كوباني او اقليم كردستان العراقي او الاكراد في تركيا، وبين التحالف الدولي والأكراد، وبين المجموع كله والدولة السورية، وبين كل طرف والسياسات الدولية المعلنة والسرية. حيث لا يمكن ان ينجز ما تسعى اليه التحالفات حاليا دون وضوح وتفاهم مشترك بين جميع هذه القوى والسلطات من جهة وأهداف التحالف الواسع المعلنة وتداعياتها على المنطقة من جهة اخرى. هذه اللوحة المتشعبة تعكس طبيعة الاوضاع ومآلها والخطط الموضوعة لها. اذ ان الحديث الامريكي عن سنوات لعلاجها واختلافها في تحديد مدياتها يدعو الى خلط واسع بين الهيمنة والاستئثار في احتلال المنطقة والقدرة على الاستمرار فيها بتطوير المصالح والصلات او التحالفات والأحلاف والقواعد العسكرية والثمن المكلف لكلها.
قدم داعش للتحالف الدولي وقيادته الامريكية وجناحها الحربي، البنتاغون، فرصة دسمة للعمل وتنفيذ المشاريع القديمة في تفتيت المنطقة والهيمنة عليها، واستنزاف طاقاتها وثرواتها وتهديد اجيالها ومستقبلها. الامر الذي انكشف من خلال تاريخ مسيرة داعش نفسه، والتخادم الواضح في تتبع الخطوات وحلقات الهجوم الامبريالي الشرسة في المنطقة اساسا. ففي الوقت الذي يشن فيه داعش هجماته على مدينة سورية يهاجم مدينة عراقية ايضا بقوة عسكرية كبيرة ويحرز تفوقا في كليهما رغم ادعاء التحالف الدولي وقوته العسكرية الضاربة والمتقدمة صناعيا وتكنولوجيا ورغم كل القدرات التقنية والاتصالات والإمكانات المادية والبشرية المتيسرة للخدمة ومقارعة داعش. مما يعني ان داعش تتوفر لديه خطط متواصلة وإمكانات غير قليلة، وان دوره مهم لأنه يشكل ضمنا حلقة من الحلقات المنتظمة في تدمير المنطقة وخرابها. وينفذ ما هو مطلوب في رسم خريطة جديدة للمنطقة باسمه وباسم التحالف الدولي وبدعم معلن من الثروات العربية، ومشاريع تدمير حاضر ومستقبل شعوب المنطقة.
المضحك حقيقة هو تهرب الداعمين الفعلين للجرائم المرتكبة والانتهاكات الصارخة للقوانين والأعراف الدولية في تصريحاتهم في المحافل الدولية بعدم تقديمهم أي دعم لداعش، وكأن داعش ولد من شق في ارض المنطقة وتسلح واحتل كل تلك المساحات من البلدين، العراق وسوريا، او هبط من السماء وتوفر له كل ما يحتاجه من بين ذلك. وهذا المثير للضحك فعلا يفضح من جانب اخر التورط في صناعة كهذه والعلم في امكانية ارتداده عليه، فيختلق الاعذار لنفسه قبل غيره ويحاول تخفيف الصدمة التي خطط لها من اعادة انتاجها ومواجهتها في بيته ايضا. وقد تكرر هذا من اغلب المشاركين في تلك الصناعة او المساهمين في توفير ظروفها وبيئاتها الحاضنة والمنتجة لها، سابقا او حاليا.
ماذا قدمت تصريحات التهرب منها امام الغارات الجوية التي دمرت البنى التحتية لمؤسسات البلدين، سوريا والعراق، للمصالح العربية والإسلامية؟. لقد عمل التحالف على اصدار قرار من مجلس الامن وجال وزير الخارجية الامريكي، وقاد الرئيس الامريكي اجتماعات واتصالات بناء تحالف دولي كبير يحارب داعش ليمنعه من التمدد اكثر مما هو عليه والوصول بخطورته الى اوروبا وأمريكا وحلفائها الاخرين.. فكل ما تم لحد الان لم يغير من وقائع حلقات الهجوم الاستعماري والداعشي منه والمخططات الموضوعة له. وتؤشر التراجعات والتجاذبات في المواقف والتصريحات الى ان كل ما جرى هو جزء من عملية الهجوم الامبريالي وان بداياته هذه  تقود الى النهايات المعلومة، من اعادة احتلال واختلال وتدمير وخراب عام. فهل تقبل الشعوب بها وهل تصمت عليها ام انها تعلن رفضها بكل ما لديها من قدرات وإمكانات وتعيد لها دروسها وتجربتها من جديد؟. وهو ما يظهر الان بوضوح رغم كل ما حصل وجرى. وما يفضح اللعبة الجهنمية هو ما حصل للمواد الطبية والغذائية والأسلحة التي رمتها الطائرات الامريكية على مدينة عين العرب/ كوباني لمساعدة المقاتلين فيها ضد داعش كما اعلن ووظفت له جهود اعلامية كبيرة، حيث اعترف البنتاغون بان قسما منها ذهب الى المناطق التي تخضع لسيطرة داعش، فماذا يعني هذا؟ وماذا يدل عليه؟. وأين القدرات والذكاء الغربي والتحالف وخططه الحربية؟. ورد داعش فورا بنشر يوتيوب عن استلامه حصته من المساعدة الامريكية!.

المصدر: رأي اليوم الكاتب: كاظم الموسوي
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ