هذا هو مصير قوات سوريا الديمقراطية بعد "داعش"
هذا هو مصير قوات سوريا الديمقراطية بعد "داعش"
● مقالات رأي ٢٩ نوفمبر ٢٠١٧

هذا هو مصير قوات سوريا الديمقراطية بعد "داعش"

أسدل الستار على الفصل الأخير من "مسرحية" تنظيم الدولة، فيما كانت وحدها الثّورة السّورية؛ هي التي قصم التنظيم ظهرها.

وفي المقابل، تثور تساؤلات عن مصير الوحدات الكردية، ممثلة بـ"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد).. فنهاية تنظيم الدولة تعني بداية النهاية لهذه القوات، وتبخر مشروعها الذي حشدت من أجله من استطاعت من الكرد، وسخّرت من أجله كلّ إمكاناتها، وجعلت من نفسها - شعرت أو لم تشعر- أداة لتنفيذ مشاريع الآخرين، غير مستفيدة من دروس التاريخ، اعتقادا منها بأنّها تقيم تحالفات مع قوى مضطرة لخدماتها، وبالتالي يمكنها من خلال هذه التحالفات الرقص على حبال الصراع وصولا لدولة "الحلم".

وثمة معطيات في المحيط عزّزت هذا الحلم، سواء في العراق حيث سيطر الكرد على كركوك ومساحات شاسعة خارج إقليم كردستان، أو في تركيا التي وصلت علاقاتها مع الغرب للحضيض. لكنَّ نهاية تنظيم الدولة العسكرية على الأرض، والتطورات السياسية المتسارعة إقليميا ودوليا، أعادت ترتيب الأوراق لغير ما يشتهيه مركب الوحدات الكردية. ولعلّ أبرز هذا المستجدات يتمثل بـ:

- استقالة مسعود البرزاني، وسيطرة القوات الاتحادية العراقية على كركوك والمناطق التي تقدمت فيها القوات الكردية أثناء الحرب على تنظيم الدولة، وحصار الإقليم الكردي سياسيا، واتخاذ إجراءات كثيرة أثبتت أن الانفصال ما يزال حلما بعيد المنال، ولم تتهيأ الظروف له، فضلا عن وحدة الخصوم ضد الكرد. فقد شكلت التبعات التي أعقبت الاستفتاء صدمة نفسية في الوجدان الكردي، فإذا فشل الكرد في تأسيس دولتهم في منطقة يشكلون فيها غالبية سكانية، فمن الأولى الفشل في سوريا. ولعلّ تخلي الأمريكان عن مسعود البرزاني والإقليم؛ أشعر الكرد بمدى قدرتهم في الاعتماد على الأمريكيين.

- التحالف التركي الروسي الذي بدأ بعملية درع الفرات، وتطور بلقاءات أستانة واتفاقات خفض التصعيد، وصولا لقمة سوتشي الثلاثية التي ضمنت للأتراك منع قيام دولة كردية، حيث اتفق المجتمعون في سوتشي على سوريا موحدة، متجاهلين الحديث عن أيّ دور مميز أو كيان خاص بالكرد، مما يعني تخلي الروس الواضح عن قسد. وقد ترجم هذا التخلي بمرابطة القوات التركية على الحدود الإدارية لمدينة عفرين ذات الغالبية الكردية، وتهديد الأتراك الدائم بدخول عفرين، وإرجاع مدينة منبج لأهلها الأصليين.

- التفاهمات الأمريكية التركية الأخيرة التي كشف عنها الاتصال الهاتفي بين الرئيس التركي أردوغان والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إذ وافق ترامب، وفق ما صرحت الرئاسة التركية، على محاربة "المنظمات الإرهابية" مع أنقرة، ومن بينها تنظيم الدولة وحزب العمال الكردستاني، في حين أعلن البيت الأبيض أنّ ترامب أبلغ أردوغان بأن واشنطن بدأت تُعدِّل الدعم العسكري لشركائها على الأرض في سوريا. وفي هذا إشارة واضحة للوحدات الكردية التي تشكل العمود الفقري لقسد، ويعد ذلك أهم خطوة لردم الجفوة التي حصلت بين تركيا والولايات المتحدة في أعقاب دعم الولايات المتحدة للكرد. وهذا التقارب يؤكد صعوبة تخلي الولايات المتحدة عن علاقاتها التاريخية مع تركيا إرضاء للكرد.

- رفض النظام السوري ومختلف أطياف المعارضة السورية؛ المساس بوحدة سوريا الجغرافية، وهذا ما تؤكده كل مؤتمرات المعارضة وآخرها "الرياض 2".

- انتهاء شهر العسل مع النظام البعثي القومي، فقد مضى الزمن الذي وصف فيه وزير خارجية النظام القوات الكردية بأنها قوى وطنية تحارب الإرهاب، وبدأ الحديث عن وجوب إعادة الدولة السورية فرض سيطرتها على كامل الجغرافيا السورية، وبدأ الإعلام الرسمي بحملة دعائية ضد القوات الكردية، باعتبارها تنظيمات إرهابية تقوم بعمليات تطهير عرقي وعمليات تهجير ضد العرب.

- الممارسات العنصرية على أرض الواقع لقوات سوريا الديمقراطية، فقد سيطرت الوحدات الكردية على كل مفاصل القيادة والقرار على مختلف المستويات، ناهيك عن عمليات التهجير الديمغرافي والعمليات الانتقامية في بعض المناطق. وعرّت هذه الممارسات الوحدات الكردية، وكشفت زيف شعاراتها المتعلقة بالممارسة الديمقراطية. والسبب الوحيد الذي حال دون قيام ثورة ضدها في المناطق ذات الغالبية العربية؛ خشية هذه المناطق من تسليم الوحدات الكردية المناطق الخاضعة لها للنظام السوري، وربما يوضح إضراب منبج الأخير، ورفض الأهالي لعمليات التجنيد الإجباري؛ الصورة الحقيقية لوضع قسد في المناطق العربية، ناهيك عن رفض قسم كبير من الكرد أنفسهم لسياسات الوحدات الكردية على مختلف الصعد.

وتبقى الفيدرالية أقصى ما تطمح له قوات سوريا الديمقراطية ومعها الكرد، وعبّر الرئيس المشترك لـ"مجلس سوريا الديمقراطية"، رياض درار، عن هذا الطموح؛ قائلا: إذا كنا ذاهبين إلى دولة سورية واحدة بنظام فيدرالي، فنحن نعتقد أنه لا حاجة للسلاح والقوات، ما يعني أن القوات ستنخرط في جيش سوريا؛ كون الوزارات السيادية، مثل الجيش والخارجية، ستكون لدى المركز. ولكن غاب عن السيد درار أنه لن تكون هناك فيدرالية كردية خالصة خشية؛ أن يؤدي ذلك للتقسيم لاحقا، إنما فيدراليات جغرافية لا يشكل فيها الكرد غالبية ديمغرافية، وبالتالي يحصل الكرد على الحدود الدنيا من مطالب كان بإمكانهم تحصيل أضعافها لو مشوا بخط الثورة ضد من سلبهم حقوقهم، ومارس عليهم الاستبداد كما مارسه على السوريين.

المصدر: عربي 21 الكاتب: جلال زين الدين
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ