ولادة ديمقراطية طبيعية في الحاضنات المحافظة
ولادة ديمقراطية طبيعية في الحاضنات المحافظة
● مقالات رأي ١٨ أبريل ٢٠١٧

ولادة ديمقراطية طبيعية في الحاضنات المحافظة

تسعى دول عظمى جاهدة لتطعيم دول العالم ذات الأنظمة الفاشية بلقاح الديمقراطية، في محاولة لتعديل الجينات في تلك المجتمعات، وصبغها بطباع الدول المتحضرة، فتنمو فيها وتثور في وجه تلك الأنظمة الديكتاتورية المجرمة، وأنظمة الحكم الملكي الذي جعل البلاد مزارعاً لحفنة من الملوك والأمراء، وأصبحت الشعوب فيها خدم مستعبدة تسهر على حماية تلك المماليك.

لكن من المؤكد أنّ ولادة الديمقراطية لن تستنسخ نفس المواليد في كل المجتمعات، بل اكتسب القادة أصوات القاعدة الهرمية التي بنيت عليها وستكسب تمثيلها وتفرض حضورها، وحينها ستختلف صفات المواليد الجدد في المجتمعات المتحضرة عن المحافظة، كما ستختلف في البلاد ذات الصبغة العنصرية والطائفية عن المجتمعات التعددية المتحررة.

هذه النتيجة ستكون حتمية فالديمقراطية هي: من أنجبت بوتين لروسيا وترمب لأمريكا وأولاند لفرنسا وروحاني لإيران، وهي أيضاً من أوصلت مرسي لمصر وأردغان لتركيا.

ومن المؤكد أنها لن تنجب عباس لحكم إسرائيل مهما قدّم لها من خدمات وتنازلات، ولم تكن لتنجب السيسي لمصر لولا عملية الإجهاض الانقلابية التي استهدفت مرسي، وجلبت اللقيط المشوه من شوارع السياسة ليحكم مصر، ويجعلها سخرية العصر.

ستنطلق الشعوب من قيودها، وستبحث عن السيادة والاستقلال، لكنّها لن تنسى تاريخها وتقاليدها ومشروع أمتها، التي ورثتهْ وستحافظ عليه، فلكل بلد عمقه الذي انحدرت منه الشعوب، وهي من سيدافع عنه بكل الوسائل المتاحة لتحقيق استقرارها واستقلال قرارها مهما عبثت بها المخططات الدخيلة ونالت منها المؤامرات.

والذي حدث في تركيا صباح ال ١٦ من أبريل/نيسان ٢٠١٧ هو نتيجة حتمية للديمقراطية إذا فرضت في المجتمعات المحافظة بعيدا عن الانقلابات.

فمعركة الاستفتاء التركية كانت بين الأحزاب السياسية التي شاركت في حملة “نعم” وهي: حزب العدالة والتنمية، وحزب الحركة القومية، وحزب الاتحاد الكبير، وحزب الهدى الكردي جنوب تركيا وغيرها.

وبين الأحزاب المعترضة وهما حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعب الديمقراطي، والتي اتخذت من المحافظات الكبيرة مقرا لحملاتها في كل من أنقرة واسطنبول وأزمير.

وما إن انتصرت الأحزاب المؤيدة، حتى أعلن قائدها الرئيس أردغان بفتح باب الحوار والتعاون بين جميع الأحزاب، بعد انتهاء الاستفتاء.

نجحت “نعم” بنسبة ديمقراطية ضئيلة جداً، لذلك وجه “أردغان” أنصاره وخصومه من السياسيين للحوار العقلاني، وسيتجه باقي الشعب التركي لإكمال بناء تركيا الجديدة، فقد أقرّ الاستفتاء التعديلات الدستورية وانتهى الأمر، والدولة التركية سوف تتوجه خلال السنتين المقبلتين نحو النظام الرئاسي الجديد.

وأما من صوّت بنعم لن يقاتل من صوت بلا؛ لأن الجميع في معركة بناء وليس في معركة هدم ولن يغضب الأم الحنون ولن ينكر الحضن الدافئ الذي يجمع كل أبناء تركيا ويلمّ شملهم.

المصدر: الأيام السورية الكاتب: حليم العربي
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ